كبسولة ” قهوة نص نص” سوء الفهم الكبير
تقوم حرية الإبداع على الخيال، ولا يمكن أن توضع عليه قيود مهما كانت درجتها، هذه قاعدة متعارف عليها، ولا يمكن أن يشكل عمل فني اليوم استثناء لها.
فواقعة رفع دعوى قضائية ضد سلسلة فكاهية رمضانية على الأولى قد تشكل سابقة في المجال، وهي الدعوى التي لا تستند على أساس، على اعتبار أن ما تتناوله الكبسولة لا يعدو أن يكون مواقف كوميدية متخيلة.
القائمون على العمل، ومن باب المهنية التي يحرسون على إضفائها على المادة الفنية التي يقدمونها للمتلقي، يدبجون العمل بإعلان في الحلقات إلى أن نجيبة ليست بمحامية كما تريد أن تدعي، لكنها رغم ذلك تبقى شخصية من واقع المجتمع المغربي، ولا يمكن غض الطرف عن التطرق إليها، وعدم تجسيدها صورة في التلفزيون.
هذا الإجراء من أصحاب العمل يحفظ كرامة من يريدون، اليوم، رفع الدعوى، لأن ليس هناك من سبب لذلك، وأيضا، لان ليس هناك مس لا من قريب أو بعيد بمهنة شريفة، لها أناسها، والذين يسهرون على استرداد حقوق المواطن بالدفاع عنه، يوميا، في ردهات المحاكم.
ما يقال عن مهنة المحاماة يقال عن مهنة النادل، التي تعتبر الشخصية الأبرز في الكبسولة، بل هي فرصة لإعادة الاعتبار لهؤلاء الناس الذين عانوا الأمرين، خاصة في ظروف الجائحة، التي فاقمت وضعيتهم بعد الإغلاق الذي تعرضت له المقاهي.
الإبداع والفن، عموما، يوم أسس لأصوله الأولى، كان لأجل نقل الواقع المعاش.
فكما قد يتبادر خطأ إلى من يعتبرون أنهم معنيون بموضوع السلسلة، فمن حق المبدع، أيضا، أن يناقش أي موضوع آخر من صميم المجتمع.
موضوع بشخصياته وأحداثه المتخيلة، وبالدرجة التي يراها، ومن دون قيد أو شرط.
وهنا يطرح السؤال حول توقيت هذه الدعوى والجدوى منها.
فبدلا من مناقشة العمل من جوانبه الفنية، وانتقاده، والوقوف عند مكامن الضعف والقوة، سواء ما تعلق بالجانب الفني أو التشخيصي، وأداء الكاستينغ العامل في الكبسولة. بدل هذا، يحاول البعض مصادرة حق المبدع في نقل صور ناطقة من مجتمع، نحيا فيه يوميا، ولا يمكن التنصل منه أو الهروب منه، وكما أني بهم يفتون على المبدع بنقل واقع من قارة أخرى، ومن كوكب آخر، والابتعاد والكف عن الخوض في كل ما يمت للمغرب وللمغاربة بصلة.