قراءة في ما بعد خطاب العرش 2018
آليات الحماية الاجتماعية يجب إن تكون درعا ضد الفقر واستغلال ظروف المواطنين في حالة هشاشة لتطعيم خرائط انتخابية و مشاريع التطرف و الإرهاب للإسلام السياسي
خطاب العرش لهذه السنة يمكن اعتباره أول محور تصوغه المؤسسة الملكية في خريطة الطريق لتصحيح الاختلالات التي عرفتها سياسات محاربة الفقر. نعم لقد سبق للملك أن عبر عن عدم رضاه من نتائج النموذج التنموي المغرب؛ وأساسا عدم رضاه من نتائج النموذج التنموي للمغرب فيما يخص محاربة الفقر ؛ فلا يجادل أحدا أن جوانب كثيرة في النموذج التنموي للمغرب قد عرفت نجاحا مضطردا حيث تمظهراته واضحة بالنسبة لمجالات التجارة والأعمال والبنية التحثية التي وفرتها الأوراش الكبرى التي جعلت المغرب يتوفر على بنية تحتية تعد بأن يلعب المغرب منصة تنموية في اتجاه أفريقيا مع خيارات توجهات استراتيجية مع شركاء جدد من قارات اخرى ( روسيا، الهند، الصين……) و الحصول على خيارات أخرى بديلة عن الشركاء التقليديين. ما يهمنا في مناقشة هذا الموضوع هو الارتباط الوثيق/ الجدلي ، لمحاربة الفقر بموضوعات اهتمامنا اي : مناهضة التطرف والإرهاب و النهوض بحقوق الإنسان الشاملة والكونية.
تاريخيا قال عمر ابن الخطاب “كاذ الفقر أن يكون كفرا” و اجمعت الأدبيات الماركسية الللينينية على أن البروليتارية الرثة تشكل دائما خطرا على التقدم في السيرورات التغييرية الثورية.
الإرهاب والتطرف يتغذى من هوامش الفقر وانعدام المعرفة والجهل .
إن ما لم يشر له الخطاب وهذا مفهوم و مبرر بالنسبة للمؤسسة الملكية هو الارتباط الوثيق بين العملية الديموقراطية / الانتخابات ( أو كما يصطلح عنه في أدبيات حقوق الإنسان: ديموقراطية
الانتخابات )؛ مبرر بالنسبة للمؤسسة الملكية لأنها ليست طرفا في هذه العملية بل دورها فقط تحكيمي؛ إذن لم يربط الخطاب الملكي بشكل واضح ما بين آليات الحماية الاجتماعية و استعمالها السيء في الانتخابات بل وتقويضها لمفهوم ديموقراطية الانتخابات.. فقد كانت آليات الحماية الاجتماعية منذ فجر الاستقلال محل استعمال واستغلال حيث اعتمدت الدولة مصالح “الشؤون العامة” وكذلك اعتمدت احزاب بعينها آليات الحماية الاجتماعية و تحويلها لآلة انتخابية Appareil électoral فعالة و مجانية لانها مؤداة الكلفة في معظمها من المال العام فنموذج علاقة حزب الاستقلال فيما سبق واليوم حزب العدالة والتنمية بمؤسستين استراتيجيتين “التعاون الوطني” و”الانعاش الوطني” واضحة باستعمال خدمات هاتين. المؤسسات إلى مصدر لاستعمال و تمويل القواعد والخزان الانتخابي. فقد اعتمدت مقاربات احسانية بعيدة كل البعد عن المقاربات الفعالة في مجالآليات الحماية الاجتماعية اي مقاربة الحق في الحماية الاجتماعية كحق من حقوق الانسان.
ونفس الشيء بالنسبة لبرامج وأنظمة أخرى تهدف الحماية الاجتماعية لكن اختلت في اداءها حتى لا نقول فشلت فعلى سبيل المثال نسوق نمودجين ؛
* المثال الاول: نظام الراميد RAMED الكل يعتبره ضروري، لكن في نفس الوقت الكل يشتكي من طريقة اعماله وتذبيره ؛ نعم هناك سوء تذبير راجع أساسا للدور المحوري لسلطة الداخلية في حصول المواطنين على بطاقة الراميد فقد شابت عملية الحصول على البطاقات خروقات مرتبطة بالرشوة والمحسوبية انقضت إليها الغربية في التأشير على صرف واعتماد تمويلها بسبب رغبة رئيس الحكومة السابق في رغبته التحكم فيها بمنطق حزبي و خدمة لاجندته الانتخابية مما لذى إلى تعثرات كبيرة لهذا النضام للحماية الاجتماعية. لا ننسى كذلك الدور الغير جيد لبعض القوانين المجرمة لبعض والفءات الهشة معاملات الجنس أو متعاطي المخدرات أو الرجال الذين لهم علاقات جنسية مع الرجال وهم يتهمون العمل الجنسي والذي اغلبهم لا يمكنهم تبرير مصادر عيشهم أو أماكن سكناهم مما يرحمهم من بطاقة المريد أو يصبحون عرضة لاعوان سلطة ( مقدمين وغيرهم….) عرضة للابتزاز أو حتى التحرش قصد حصولهم على حق التوفير على بطاقة الرامية. فرغم أن اللذين ليس لهم مقر سكنى قار هم من المستفيدين من نظام الراميد إلا أنه يستحيل حصولهم على هذه البطاقة.
* المثال الثاني: جاء في الخطاب الملكي إعلان الانطلاقة للجيل الثالث من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، هناك ملاحظات كثيرة عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في جيليها الاولين فهي لم تعط أكلها رغم كل المجهودات؛ وقبل المرور لهذا الجيل الجديد يجب تقييم الجيلين الاولين وخاصة محاسبة من تبث انه استعمل أموال المبادرة في غير أهدافها، حتى لا نبقى بعيدين عن الأهداف الاجتماعية للمبادرة ، فلا توجد رقابة واضحة على مالية المبادرة، والحكومة نفسها ليس لها حق النظر في تفاصيل أين تذهب مالية المبادرة، لأنها ليست مبادرة حكومية. بل ان من مساويء المبادرة التفريخ اللامتانهي لعدد الجمعيات التي احذتث من طرف اما منتخبين او رجال ادارة ترابية لابتلاع اموال العديد من المشاريع ولتبرير صفقات تجهيز وبناء ضمن “مشاريع” يجب ان تقف المؤسسة الملكية باعتبارها صاحبة اطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على نتائج تفحص مشاريع الجيلين السابقين قبل إطلاق الجيل الثالث.
بعد خطاب العرش انطلقت تعليقات وقراءات للخطاب كلها استفادت من المساحة في التعبير التي هي نتاج لتضحيات شهداء الشعب المغربي – معتقلي القضايا التي استشهد من أجلها من استشهد، و اعتقل من أجلها من أعتقل. ومن أغرب ما كتب هو محاولة اقحام زعيم الاسلام السياسي المغربي و رءيس الحكومة السابق في هذه القراءات بل أكثر من ذلك قرأنا في تدوينات وكتابات لقيطة انه لا مفر في الانفتاح على التيارات الإسلامية للوصول إلى حلول بشان آليات الحماية الاجتماعية.
مقترحات للمساهمة في تحسين سياسات محاربة الفقر وذلك عبر مؤسسة فعل الحماية الاجتماعية:
# احداث وكالة وطنية للحماية الاجتماعية تستقطب شباب جديد من الاطر و التخلص من كل الحرس القديم ،
# مراجعة جذرية لقانون الوكالات باخراجها من “وصاية الداخلية” ومن وصاية الوزارات الحزبية مادامت الاحزاب لا تتعاطى مع المواطنين كمواطنين لا كزبناء وهي توضف آليات الحماية الاجتماعية كمنحة أو رشوة لخدمات هي حقهم في الاصل .
# خلق لجنة وطنية للاخلاقيات خاصة بمراقبة مباديء آليات الحماية الاجتماعية مع التركيز أن من يريد الانخراط في هذا المجال يجب أن يلتزم بأحكام ومبادئ هذه الحماية الاجتماعية المضمنة في عقد الالتزام charte d’engagement مابين الفاعلين في هذا المجال من مؤسسات الدولة والمؤسسات المنتخبة وكذلك إطارات المجمع المدني.
* القوانين المالية، يجب أن تترجم سياسات عبر وزارة المالية والحكومة كلها، لا يغيب فيها البعد الاجتماعي حيث أن حاليا العكس هو ما يحدث تماما مع طغيان الطابع الماكرو اقتصادي والتوازنات المالية على حساب التوازنات الاجتماعية.
ان من يدافع عن إشراك الإسلام السياسي في مجال الحماية الاجتماعية يريد رهن المؤسسات بما فيها المؤسسة الملكية بمشروع ماضوي للمجتمع سينتج التطرف والارهاب وشعب يؤمن بالاحسان والمنح لا شعب يؤمن بالحقوق.
لابد كذلك من خلق جو من الانفراج، بإطلاق سراح معتقلي الحسيمة (خاصة الاطفال و والمعتقلين اللذين لم يتورطوا في عنف مس اشخاص او معتقدات ) و كذلك اطلاق سراح معتقلي جرادة على خلفية الاحتجاجات من أجل مطالب اجتماعية،هذا ما يجعلنا نركز على جهود التنمية فبلادنا نريدها أن تكون مستقرة ونعيش فيها تحث راية العدالة الاجتماعية، والحرية، والديمقراطية الفعلية.