حركة ضمير تدعو لإعادة قراءة متأنية للمادة 47 من الدستور ولتجاوز المناخ السلبي الناجم عن اعتقال صحافيين ومعارضيين
دعت حركة ضمير، إلى إعادة قراءة متأنية للمادة 47 من الدستور، والتي تنص على أن ” يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها” إذ يمكن اعتبار التطبيق الحرفي لهذا النص الدستوري في ظل الوضع القائم بمثابة ريع، وهو ما يدفع بتشكيلات سياسية معينة إلى استخدام جميع المناورات السياسية التي تتيح لها الوصول بأي ثمن إلى المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية. وتشكيل أغلبيات حكومية شكلية وغير متجانسة ومفككة، كما حدث في الولايتين السابقتين.
جاء ذلك، في تصريح للحركة حول الانتخابات التشريعية ليوم 8 شتنبر، حيث اعتبرت، أن اللحظة التي تعيشها البلاد اليوم هي لحظة استثنائية على أكثر من صعيد، حيث يتأهب المغرب لاستقبال الموعد السياسي الأكثر أهمية منذ خمس سنوات، مؤكدة أن الانتخابات التشريعية والجماعية والجهوية، ستشكل آخر حلقة في مسلسل كامل يتضمن الانتدابات النقابية والمهنية والجماعية والجهوية، كما تلك المتعلقة بمجلس المستشارين، مشيرة أنه “وإذا كان احترام المواعيد الانتخابية شيئا يجب تسجيل إيجابيته بجلاء كدليل على الوعي بأهميته في سياق البناء الديمقراطي، فإن ذلك لا يمكن أن يحجب عن أعيننا الظروف التي سيتعين فيها على المغاربة التعبير عن إرادتهم بعد أيام.
في السياق ذاته، أكدت، حركة ضمير، أن هذه الانتخابات تشكل تحديا حقيقيا للاعتبارات السياسية وتهديدا إضافيا لمسار البناء الديمقراطي الشاق في بلادنا، إذ هناك عناصر داخلية وخارجية تشكل اليوم عقبات كبرى أمام طموحنا للتنمية والانعتاق والازدهار الديمقراطي، وأن الوعي بتلك العوائق لمن شأنه أن يوفر شروط تجاوزها من أجل البحث عن الحلول الملائمة، عكس تضيف الحركة، التقليل منها أو تجاهلها فلن يؤدي إلا إلى المزيد من الإحباطات مستقبلا، إذ أن توجها كهذا قد يحمل في طياته نقيض طموحات بلادنا وهي تتأهب لاعتماد ميثاق وطني من أجل نموذج تنموي جديد تحت الإشراف الملكي، الشيء الذي يبعث آمالا لا تحصى لدى مواطنينا.
وأضافت الحركة في التصريح ذاته، أن عوامل الخطر الخارجية التي تواجه بلادنا ترتبط أولاً بجائحة كوفيد – 19 وانعكاساتها المؤكدة على الأمن الصحي لمواطنينا وعلى النشاط الاقتصادي والتشغيل وعلى الحياة الاجتماعية والعلاقات الإنسانية وعلى الرياضة والأحداث الثقافية والترفيه واللحظات الاحتفالية… الخ، وعلى الحياة الديمقراطية عموما، وإذ تنذر ذروة الموجة الثالثة بالإعلان عن نفسها في سياق عملية التلقيح المستمرة، فسوف يكون من الصعب بذل مزيد من الجهد في ظل أوضاع ما زالت لم تتوفر فيها المناعة الجماعية، وسيتعذر توفير ظروف آمنة للحملة الانتخابية، وبالتالي لن يكون من الممكن أن تتم الحملةُ وفقًا للمعايير المقبولة عالميًا في النظم الديمقراطية، وهو ما يشكل عائقا رئيسيًا أمام النقاش الشفاف والمتناقض بين التشكيلات السياسية المختلفة وعائقًا أمام التعبير عن الاختيار الحر للمواطنين، مما ينذر بمعدل للمشاركة أقل مما كان عليه في السابق. وهو الأمر الذي قد تبدو معه الديمقراطية المغربية أكثر ضعفا وهشاشة.
الحركة، وفق المصدر ذاته، أكدت أن ظهور المغرب كقوة إقليمية، يشكل عامل مخاطرة خارجية، إذ أن إعادة اندماج المملكة في الاتحاد الإفريقي والدبلوماسية المغربية في إفريقيا جنوب الصحراء، وفي المنطقة الأورومتوسطية، وفي المنطقة المغاربية، وكذلك المواقف الاستباقية للمغرب في القضايا الجيوستراتيجية العالمية والدفاع عن السيادة المغربية في الأقاليم الصحراوية، ثم التعاون شمال/جنوب وجنوب/جنوب ، بما في ذلك مكافحة الإرهاب وتنظيم تدفقات الهجرة، ومحاربة الاحتباس الحراري وتطوير الطاقات المتجددة، واستمرارية الموقف الثابت في الدفاع عن القضية الفلسطينية وتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، أو البحث عن حل سياسي للأزمة الليبية: كلها نجاحات دبلوماسية للمملكة، يقابلها القلق من الحملات التشهيرية التي نظمتها بعض وسائل الإعلام الأجنبية وبعض المنظمات غير الحكومية والإجراءات العدائية لبعض البلدان في الجوار المباشر، تلك التي خاب أملها بسبب هذه النجاحات.
الحركة شددت التأكيد، أن عوامل الخطر الداخلية للبلاد فهي أكثر أهمية لأنها تضعف بلادنا من الداخل وتقلل من قدرتها على التعامل مع المخاطر الخارجية، فالمناخ السلبي الناجم عن سجن بعض الصحافيين أو المعارضين السياسيين، الذي يجب تجاوزه جماعيا بشكل إيجابي عن طريق التحديد الدقيق لطبيعته (هل هي قضايا حق عام أم قضايا حرية رأي؟) وفي احترام كامل لشروط المحاكمة العادلة، يشكل أول هذه التهديدات.
وفي معرض سردها للمخاطر التي تواجه المغرب، أشارت الحركة أن الخطر الداخلي الآخر يكمن في عدم ثقة المغاربة تجاه الطبقة السياسية وكبار المسؤولين على رأس مؤسسات دستورية مكلفة بالحكامة والإدارات العمومية، ويصل فقدان الثقة إلى مستويات مقلقة بسبب الإحساس بالخذلان الذي يشعر به المواطنون تجاه من مثلوهم منذ الانتخابات السابقة المحلية والوطنية، سواء في البرلمان أو على مستوى السلطة التنفيذية والجماعات المحلية.
الحركة، اعتبرت، أن القرارات الأخيرة الصادرة عن قيادات العديد من الأحزاب السياسية قبل أيام قليلة من الانتخابات التشريعية المقبلة تشهد على استمرار نفس المناخ السياسي وتكشف عن نفس السلوكيات، والأسباب نفسها تنتج نفس النتائج. لقد شرعت الأحزاب السياسية في التهافت على المرشحين في شكل ما يمكن تسميته ب “الميركاطو” الانتخابي حيث يتم تبادل المرشحين الرحَّل من كل الأنواع، ويتم تعميم “التحفيزات” المالية والغذائية قصد ربح الأصوات، وهي ممارسات غير أخلاقية وغير قانونية على حد سواء، وحيث يتم تفضيل رجال الأعمال وأصحاب المال على حساب ترشيح الأكاديميين والمثقفين وكبار المدراء التنفيذيين والناشطين. إنه وضع يمنع أي منافسة سياسية حقيقية بين الأحزاب ويؤدي حتماً إلى ضعف العرض البرنامجي المقدم للناخبين على مستوى: المرشحين، والأفكار السياسية، والبرامج، والمشاريع، وأساليب العمل والسلوك.