بورتريه: رحيل داعية السلام الإسرائيلي أفنيري الذي قال محاربة الأساطير مفتاح السلام في الشرق الأوسط
أسبوع مر على وفاة الصحافي والناشط في مجال السلام أوري أفنيري يوم 20 من الشهر الجاري، الذي حقق السبق وأجرى حوارا مع ياسر عرفات، أثار عليه كثير من اللغط من قبل الصهاينة، دافع أفنيري باستماتة من أجل إقامة دولة فلسطينية.
ظل أفنيري، الذي يصفونه بالعمود الفقري لحركة السلام في إسرائيل، متشبثا بالأمل أن يصل يوما ما ويتوصلا الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني إلى اتفاق سلام شامل وعادل. المفارقة في حياة هذا الصحافي وأحد دعاة السلام الشرسين، أنه كان انتمى في ميلشيا يمينية وعمل جنديا، قبل أن يتحول لأنشط رجل سلام في إسرائيل، يعرف عن أفنيري كونه يهودي علماني معارض لنفوذ اليهود الأورثوذكس على الحياة السياسية في إسرائيل. كما أنه من الناشطين سياسياً الداعين لحل الدولتين (دولة فلسطينية وأخرى إسرائيلية، تعيشان متجاورتين بسلام كحل للقضية الفلسطينية). وقد عمل على الترويج لأفكاره عبر العديد من النشاطات التي قامت بها حركته وعبر العديد من المقالات التي كتبها.
من أقواله: “أنت لا تستطيع أن تحدثني عن الإرهاب، فأنا كنت إرهابياً”.
ولد أفنيري الذي في سبتمبر 1923 في بيكوم بألمانيا باسم هيلموت أوسترمان، قبل أن يهاجر هو وعائلته إلى فلسطين أيام الانتداب البريطاني مع أسرته وسنه 10 سنوات هروبا من نازية هتلر يومها.
وفي العام 1950، أسس مجلة “هاعولام هازه”(هذا العالم) المستقلة التي أشرف على تحريرها طوال 40 عاما. وكان للمجلة المناهضة للمؤسسات التقليدية، وهي الوحيدة انذاك التي لم تكن تدار من قبل حزب سياسي، تأثيراً مهماً على الصحافة الإسرائيلية.
وأسس أفنيري حركة سياسية عام 1965 وتم انتخابه للكنيست حيث شغل مقعداً لثمانية أعوام. وفي العام 1979، انتخب نائبا عن حركة أخرى حيث قضى أكثر من عامين في الكنيست قبل أن يقدم استقالته.
ودافع أفنيري منذ انتهاء الحرب الأولى بين العرب وإسرائيل في العام 1948 عن إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل كحل للتحقيق السلام.
وفي يوليوز 1982، أثار زوبعة من الجدل عندما أصبح بين أوائل الإسرائيليين الذين يلتقون الزعيم الفلسطيني الراحل عرفات في بيروت التي كانت محاصرة آنذاك من قبل الجيش الإسرائيلي.
وكان النائب العربي الإسرائيلي أيمن عودة ووزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني بين أوائل الذين أعربوا عن تقديرهم لأفنيري. ووصفه عودة الذي يترأس “القائمة المشتركة”، وهو ائتلاف عربي بمعظمه في الكنيست، بأنه “الرجل العزيز الذي كرس حياته للسلام”.
وقال في بيان إن “صدى صوته وأفكاره ورؤيته للعالم سيستمر بعد رحيله”. أما زعيمة المعارضة من حزب الاتحاد الصهيوني (يسار وسط) ليفني، فوصفت أفنيري بأنه “صحافي شجاع ورجل طليعي يندر وجوده”.
وأشارت إلى أنه حافظ على “مبادئه رغم الهجمات (التي تعرض لها) وزرع في قلوب الإسرائيليين أفكار السلام والاعتدال حتى عندما لم تكن في قاموسهم” بعد.
وبدوره، قال الرئيس رؤوفين ريفلين إن خلافاته الرئيسية مع أفنيري “تقلصت في ضوء الطموح لبناء مجتمع حر وقوي هنا”.
أما حركة “غوش شالوم” للسلام التي أسسها الناشط الراحل عام 1993، فأكدت أن اسم أفنيري سيحفر في تاريخ إسرائيل “كصاحب رؤيا بعيدة النظر دل على طريق فشل الآخرون في رؤيته”.
وأضافت “مصير ومستقبل دولة إسرائيل التوصل إلى سلام مع جيرانها”، مشيرة إلى أنه سيتعين “في النهاية على أشد معارضي أفنيري السير على خطاه”.
وعرف أفنيري بغزارته في الإنتاج ككاتب حيث نشر عشرة كتب بينها سيرته الذاتية في 2014 تحت عنوان “متفائل”.
ومع تضاؤل فرص السلام في السنوات الأخيرة إثر تولي حكومات يمينية السلطة، بقي أفنيري مصراً على قناعته بأن حشد الرأي العام الإسرائيلي لدعم الدولة الفلسطينية يبقى أمرا ممكنا.
المصدر ويكيبيديا وموقع قنطرة الإلكتروني