نعم لا مستقبل لنا في هذه المنطقة إلا في إطار مغاربي موحد..الصحافي يونس مسكين يكتب: صفعة موسكو!
يمكننا أن نتمسخر حتى “نشبع”، ونبحث عن نقط الضعف ونضحك من كلمة طائشة هنا وأخرى هناك… لكن الواقع لن يرتفع، ومن يحب بلده عليه أن يساهم في النظر إلى المرآة بشجاعة ورؤية الواقع كما هو والقيام بالنقد الذاتي الضروري للبدء في تدارك النقص ومجابهة التحديات…
نعم، لا مستقبل لنا في هذه المنطقة إلا في إطار مغاربي موحد ومتماسك ومتعاون، ولن يصبح لا المغرب ولا الجزائر قوة إقليمية ولا دولية ما داما يتصارعان؛ نعم هذا صحيح. لكن، وفي انتظار وجود ما يكفي من عقلاء هنا وهناك (وخصوصا هناك)، علينا الدفاع عن مصالحنا والتصدي للتهديدات ودفع التحديات، أي علينا أن نواجه هذه الجزائر الحالية بنظامها وإمكانياتها وتحالفاتها. وها هي اليوم تدخل مجلس الأمن الدولي ماسكة يد روسيا، وتسعى لدخول تكتل البريكس القادم بقوة…
وواااااهم (بصوت الصديق سعيد)، واااهم من يعتقد أن الجزائر تلقي بنفسها في حضن روسيا دون أن تحتفظ بأوراق قوية ومصالح متينة مع واشنطن. من يريد أن “يعرف” ولو القليل، فليراجع الأرشيف الدبلوماسي والاستخباراتي الأمريكي في عز الحرب الباردة، ليرى كيف أن واشنطن في وقت كانت فيه الجزائر في قلب المعسكر الشرقي، كانت تضرب ألف حساب لمصالحها مع الجزائر قبل أن تتخذ قرارا لصالحنا، ولو بتسليمنا خردة مدفعية أو طائرات.
هذه الجزائر الحالية، للحقيقة والموضوعية، تسجل علينا أهداف استراتيجية بالجملة، منذ خرجت من غيبوبة فترة مرض عبد العزيز بوتفليقة. ويتأكد يوما بعد آخر، أن ما حققناه في تلك الفترة لم يكن لقوة فينا بقدر ما كان لضعف في الجزائر، وهي اليوم تمضي واثقة في محاصرتنا وإحاطتنا بحلفائها وتجريدنا من أوراق قوتنا وتأثيرنا.
مثل هذا اللقاء رفيع المستوى الذي جرى بين الرئيس الجزائري ونظيره الروسي ينبغي أن يكون صفعة توقظنا من خدرنا وتدفعنا لفتح النقاش الشجاع حول ماذا نحن فاعلون وإلى أين نحن ماضون؟
يمكن لمن شاء أن يتلهى بالسخرية من مشية الرئيس الجزائري أو أسلوب خطابه أن يسلي نفسه بذلك، لكن الحقيقة ستبقى أننا نغوص أكثر فأكثر في عزلتنا.
هذه الجزائر التي نسخر منها يوميا تعقد لقاء قمة مع الرئيس الروسي، بينما بالكاد استطعنا نحن حضور اجتماع أممي واحد حول الحرب الروسية الأوكرانية، واستقبلنا وزير الخارجية الأوكراني، ورحنا نبتسم تلك الابتسامة البلهاء فرحا بما قاله عن الحكم الذاتي في الصحراء!
ما هو مستوى حضورنا في النشاط الدبلوماسي الدائر حاليا؟ كم عدد رؤساء الدول الذين نستقبل؟ وكم هو عدد لقاءات القمة التي نعقد؟ ما هو دورنا في عملية إعادة تشكيل النظام العالمي الجارية حاليا؟ بل ما دورنا في الجزء الخاص بمحيطنا الإقليمي القريب؟
سلمنا أمرنا لوكالة صغيرة مرتبطة بواشنطن اسمها اسرائيل؟ هذا من أسباب ضعفنا وتنكبنا وعزلتنا وتجريدنا تدريجيا من أوراق تأثيرنا وحضورنا عربيا ومغاربيا وافريقيا.
الله يلطف بالمغرب والمغاربة.
اقرأ أيضا…
زيادة حدة التنافس بين الولايات المتحدة والصين…3 رؤى لمستقبل القوى العالمية وأثرها على إفريقيا