عزيز علوي: آمل أن يتذوق كل مغربي حلاوة العيش في وطنه دون أن يصير طعما لِحيتانِ البحار وضحية لأصحاب قوارب الموت
كانت درايتي لعديد من المجالات العلمية والاجتماعية جد هزيلة. وكنت حتى بالنسبة إلى الحقل الذي أعمل فيه مند ما يناهز الخمسة وأربعين سنة أي جراحة الدماغ والعمود الفقري، أراهن على ان هناك أطباء أكثر او أقل مني خبرة وعلما، إيمانا مني بأن فوق كل ذي علم عليم.
لهذا كنت اشمئز قليلا من مجاملة بعض المرضى الذين يفوهون ببعض العبارات التي تثلج الصدر بما تحمله من تقدير لشخصي رغم أنى لم أقم الا بواجبي. أجل هذا من باب التحضر والمواطنة، ولكن لا يجب أن يكون في وطننا هذا النوع من المعاملة، رمزا لما يلامس او يغازل العبودية، أو مركب النقص، أو حالة ملتوية للرشوة، او الاغراء المادي، أو المعنوي.
يجب على كل مواطن أن يطرق أي باب إدارة، سواء كانت عمومية أو خاصة، مرفوع الرأس وكرامته مأخوذة بعين الاعتبار الى أقصى ما يمكن.
إن ما يؤلم الإنسان أشد ألم هو أن تداس كرامته في وطنه، وأن يرى آخرين يصولون ويجولون كأنهم فوق كل الناس، وهذا ما يزرع الغضب والانتفاضات، والشعور بالكيل بمكيالين وردود أفعال مشينة للمجتمع.
إن هذا الصنف من البشر ما هم إلا أغبياء يتباهون بالجهل المدقع لكل مبادئ التعايش المجتمعي وينسون “سكيزوفرنتهم” التي تبعدهم عن العيش السليم،
وتقدف بهم في غياهب الاكتئاب إذا تبخرت يوما ما أموالهم ومناصبهم والأمثال متعددة.
يجب علينا افرادا ومجتمعات في وطننا المغرب الحبيب ان نعيد النظر في اخلاقنا التي نادت بها عقيدتنا السمحاء لنُرمٌِم ما تبقى مما بناه أجدادنا الحكماء، لنظهر لكل الشعوب على أن كل شيء منبعه الإرادة والعزم.
لقد التجأت الى عدد من الأصدقاء الأجلاء المحترمين والملمين بمعرفة مجالات علمية وثقافية وسياسية وفنية، ووقفت عن كثب على ان بلادنا تزخر برجال ونساء في مستوى عال جدا، ويحبون وطنهم، وإن همش بعضهم، وطمست أفكارهم من قبل أناس يكنون العداوة لهذا الوطن، ولا يخدمون الا مصالحهم الخاصة، تحت قناع اديلوجيا وديماغوجية عفنة.
إن وطننا يتعثر، رغم قاطرة قوية تجره الى عالم التقدم والانبهار. فكل العربات والكراسي لا تحمل رجالا ونساء أوفياء لبلدهم، ولا بد للزمان أن يلقي بهم الى مزبلة التاريخ، ليتنفس المغرب الصعداء، ويتذوق كل مغربي حلاوة العيش في وطنه، دون أن يصير طعما لِحيتانِ البحار، وضحية لأصحاب قوارب الموت.
هذا كل أملي والله على كل شيء قدير