تواجه الحكومة المغربية انتقادات شديدة بعد مصادقتها، يوم الخميس 7 نونبر، على مشروع قانون دمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي حكومة تُصادق على دمج “كنوبس” و”الضمان الاجتماعي” في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، رغم إعلان سابق عن سحب المشروع.
تأتي هذه الخطوة تحت شعار “ترشيد وتوحيد” أنظمة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، تطبيقا لمقتضيات المادة 15 من القانون-الإطار رقم 09.21، لكن معارضي المشروع يرون في هذه الإجراءات استمرارا في ما يصفونه بـ “التملص” الحكومي عن مواجهة المشاكل الهيكلية للأزمة المالية لصناديق التأمينات الاجتماعية.
و في ظل تبرير الحكومة لقرارها بدمج الصندوقين بهدف “ترشيد” أنظمة التأمين، يشكك كثيرون في جدية الحكومة في إصلاح أنظمة الحماية الاجتماعية ومواجهة الخلل المالي الذي يعانيه صندوق كنوبس منذ سنوات، حيث يعزو البعض قرار الدمج إلى محاولة لإخفاء عجز مالي بلغ 128 مليار سنتيم عام 2023، بعد عجز سابق بقيمة 151 مليار درهم عام 2021 و87.8 مليار سنتيم في 2022، في المقابل، حقق الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الموجه أساساً للطبقة العاملة، فائضاً بقيمة 30 مليار درهم.
هذه الفوائض تثير تساؤلات حول سياسة الحكومة التي تبدو وكأنها تعتمد الحلول السهلة على حساب الفئات الأضعف بدلاً من معالجة أصل المشكلة.
إذ يظهر جليا أن عملية الدمج تعكس نمطاً مستمراً في التعامل الحكومي مع قضايا التبذير المالي في صناديق الضمان الاجتماعي، حيث يتم التغاضي عن اتخاذ إجراءات حازمة لإصلاح الاختلالات المالية والتسييرية، ويعاد “تصفير” العداد عبر إعادة هيكلة المؤسسات، و يشير النقاد إلى أن هذه السياسة تهدف إلى إخفاء حجم الفساد المستشري، فالمشكلة الحقيقية تكمن في طريقة إدارة هذه المؤسسات وتراكم العجز المالي الذي يعكس سوء التدبير، بل والتلاعب بالأموال العامة خاصة وأن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قد عانى منذ عقود من تبديد و اختلاس أموال ضخمة بلغت 115 مليار درهم بين 1972 و1992، دون محاسبة حقيقية ، أي حوالي 11,500 مليار سنتيم. وتستمر القصة المؤلمة، حيث في مارس 2024، صدر حكم استئنافي في الدار البيضاء لم يلزم أي متهم في قضية اختلاس الصندوق بالسجن النافذ، بل اقتصر على إلزام المتهمين بإرجاع جزء من الأموال، حيث بلغ المبلغ المحكوم بإعادته 31 مليار درهم من أصل أكثر من 11 ألف مليار سنتيم تم تبديدها.
الأرقام تشير إلى حجم الكارثة المالية، لكن السؤال الأهم يبقى: من سيحاسب هؤلاء الذين أهدرو أموال المغاربة، في وقت يعاني فيه المواطنون من تدهور الخدمات الصحية والاجتماعية؟ كيف يمكن للمغاربة أن يثقوا في أن عملية دمج الصناديق ستؤدي إلى تحسن ملموس في خدمات التأمين الصحي؟
من منظور أوسع، إن التوحيد الذي تتحدث عنه الحكومة ليس إلا مرحلة جديدة من التلاعب بمقدرات المواطنين، فما دامت الأرقام تشير إلى تزايد العجز وتراكم الديون، فإن ما تروج له الحكومة هو مجرد تحسين للواجهة ليس إلا، أما المواطن، فهو آخر من يُؤخذ بعين الاعتبار في هذه الحسابات، ففي الوقت الذي يواصل فيه أصحاب الشركات الكبرى تهريب الأموال وإخفاء الثروات، تدفع الطبقات المتوسطة والفقيرة الثمن، وتصبح الأعباء الإضافية جزءاً من حياتهم اليومية.
و تسجل الديون المستحقة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على المقاولات والشركات المغربية 77 مليار درهم في 2023، وهو ما يعكس حجم التهرب الضريبي والتقاعس عن المساهمة في النظام الاجتماعي، يبقى المواطن البسيط في آخر القائمة، و تتبع الحكومة استراتيجيات لزيادة الضغط على الطبقات المتوسطة والضعيفة بسعيها للتغطية على العجز من خلال استنزاف الموارد، و نرى أن الأيادي التي “تسحب” الأموال من جيوب المواطنين هي نفسها التي “تغفل” عن تحصيل حقوق الدولة.
إن حكومة عزيز أخنوش، على الرغم من شعارها المعلن عن التوحيد والترشيد، تستمر في لعبة التدوير: الحلول تزداد تعقيداً والأزمات تتفاقم، وما من إصلاح حقيقي طالما أن هناك تواطؤًا بين كبار الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين على حساب الطبقات الفقيرة التي تزداد معاناتها يوماً بعد يوم.
هذه “المنظومة الجديدة” قد نرى مزيدًا من الفشل، ولكن هذه المرة تحت ستار القانون والإصلاحات التي لن تعود بالفائدة على أحد سوى أولئك الذين استمرؤوا الحلب والنهب في وضح النهار.
يظهر جليًا أن أي إصلاح جوهري لا يمكن أن يُبنى على سياسات ترقيعية تُغفل الأسباب الجذرية للأزمة، مثل الفساد وسوء التدبير، وغياب المحاسبة الجادة.
هذا، وعبرت سكرتارية الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد، عن رفضها أي مخطط لما يسمى إصلاح أنظمة التقاعد يجهز على ما تبقى من مكتسبات الطبقة العاملة، وتعتبر مخطط إدماج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعيCNOPS في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS إجراء مرفوضا وهجوما على ما تبقى من خدمات الصندوق CNOPS ومكتسبات منخرطيه.
جاء ذلك خلال الاجتماع الذي عقدته سكرتارية الجبهة المغربية، يوم 8 نونبر 2024، حيث شددت عن رفضها أي مخطط لما يسمى إصلاح أنظمة التقاعد يجهز على ما تبقى من مكتسبات الطبقة العاملة، معتبرة مخطط إدماج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعيCNOPS في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS إجراء مرفوضا وهجوما على ما تبقى من خدمات الصندوق CNOPS ومكتسبات منخرطيه.