الديوك يلعبون أمام مدرجات شبه فارغة… مقاطعة جماهيرية رفضاً لجرائم الاحتلال الإسرائيلي
بحصور رئيس الجمهورية الفرنسية ماكرون بل ورئيس وزرائه وحوالي 4000 شرطي، في مباراة ثانوية، ليس فقط كما جرى الترويج له منع دخول السياسة في الرياضة، بل هي السياسة وبلا رياضة في أجل صورها.
شهدت مباراة المنتخب الفرنسي ضد الكيان الصهيوني في باريس حضوراً قليلا للجماهير، هذا المشهد الاستثنائي لم يكن نتيجة لظروف طارئة أو تنظيمية، بل كان تعبيراً عن موقف شعبي حازم ضد الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني في قطاع غزة، ففي وقت يتعرض فيه الفلسطينيون للإبادة الجماعية على يد القوات الإسرائيلية، كانت هذه المقاطعة بمثابة رسالة من الشعب الفرنسي للعالم، مفادها أن السياسة لا تنفصل عن الأخلاق، وأن الرياضة لا يمكن أن تكون أداة لتطبيع مع الجرائم.
ورغم استدعاء نحو 4000 شرطي لتأمين الحدث الرياضي، اندلعت اشتباكات في المدرجات بين مشجعي المنتخبين الفرنسي والإسرائيلي،عبر خمسين شخصًا. حيث شجبت فيه، النشيد الوطني الإسرائيلي بصيحات استهجان، في مشهد يعكس عمق الانقسام حول سياسات الحكومة الفرنسية، التي تتمسك بدعم الاحتلال الإسرائيلي على الرغم من التنديد الشعبي العارم.
وفي سياق متصل وقبل بدء المباراة، تجمهر مئات الأشخاص في سان دوني، قرب باريس، مطالبين بوقف “الإبادة في غزة” تحت شعار “لا للعب مع الإبادة”، حيث قاد هذا التجمع النائب عن حزب “فرنسا غير الخاضعة”، إريك كوكريل، الذي ندد بشدة بإقامة المباراة في هذا التوقيت الحرج، معتبرًا أن الحضور الرسمي الرفيع لهذه المباراة رسالة غير مقبولة لسياسات الاحتلال الإسرائيلي، قائلاً: “كيف لا يفهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرسالة: يمكنكم مواصلة الإبادة؟”.
لطالما كانت كرة القدم في فرنسا، مثل العديد من دول العالم، مجالاً يجمع بين الجماهير بعيدا عن السياسة، ولكن في هذا السياق، جاءت المقاطعة الجماهيرية لمباراة المنتخب الفرنسي ضد الكيان الصهيوني لتفضح الترابط العميق بين السياسة والرياضة.
ففي الوقت الذي استمرت فيه الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، متسببة في استشهاد الألاف من المدنيين وتدمير العديد من المنازل والمستشفيات، اتخذ الفرنسيون موقفًا حاسمًا ضد الكيان الراعي لهذه الجرائم، عبر مقاطعة مباراة كانت تروج للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي و رغم أن الحكومة الفرنسية تصر على دعم الكيان الصهيوني الا ان الشعب اثبت بغيابه و حتى بإستهحان الحاضرين منهم للمباراة أن الحكومة لا تمثله و ان القضية الفلسطينية هي قضية انسانية قبل أن تكون عقائدية .
وتتمثل جريمة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة، في سلسلة من الاعتداءات العنيفة التي لا تفرق بين مدنيين أو أطفال، حيث تُستهدف المنشآت الحيوية مثل المستشفيات والمدارس، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، لذلك فمقاطعة المباراة كانت بمثابة احتجاج جماهيري على هذه السياسات الوحشية، وعلى تورط العديد من الأنظمة الغربية في دعم الكيان الصهيوني أو التزام الصمت أمام هذه الجرائم.
يتضح ان قرار المقاطعة لم يكن عفويًا أو عابرًا، في سياق تحليل الأخلاقي في ارتباط بالسياسي للمقاطعة، بل جاء نتيجة لفهم عميق لدى الجماهير الفرنسية لأبعاد النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وما يتضمنه من قضايا إنسانية وحقوقية.
في هذا السياق، يمكن النظر إلى المقاطعة على أنها تعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي يواجه مأساة مستمرة من القتل والتدمير، حيث كان للفرنسيين رسالة قوية مفادها أن رياضة كرة القدم، على الرغم من كونها جزءاً من الترفيه والفرح، إلا أنها لا يمكن أن تكون محايدة عندما يتعلق الأمر بقضايا الحق والعدالة.
إن مقاطعة المباراة كانت دعوة صريحة لمراجعة العلاقة بين فرنسا والكيان الصهيوني، ودعوة للاعتراف بالممارسات الإسرائيلية باعتبارها جرائم حرب.
كما أن هذه المقاطعة جاءت لتكون جزءًا من حركة أوسع في أوروبا والعالم العربي، حيث تتزايد الدعوات لمقاطعة الأنشطة الرياضية والثقافية التي تقام مع الكيان الصهيوني، في محاولة للضغط عليه لتغيير سياسته تجاه الفلسطينيين.
و فيما يتعلق بردود الفعل داخل الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، فإن الموقف كان محايدًا إلى حد بعيد، حاول الاتحاد الفرنسي تقليل أهمية الجدل المثار حول المباراة، مؤكدًا أن اللقاء هو نشاط رياضي بحت.
لكن الواقع يشير إلى أن الرياضة لا يمكن أن تكون بمعزل عن السياسة، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضية ذات بعد إنساني مثل القضية الفلسطينية، بينما كان لاعبو المنتخب الفرنسي حريصين على عدم التورط في تصريحات سياسية قد تؤثر على مسيرتهم أو سمعتهم، إلا أن الموقف الجماهيري الواضح كان بمثابة صفعة للاتحاد، الذي بات مضطراً للاعتراف بمواقف الرأي العام.
في النهاية، لا يمكن للرياضة أن تكون محايدة عندما يتعلق الأمر بالقضايا الإنسانية الكبرى، مقاطعة المباراة بين المنتخب الفرنسي والكيان الصهيوني كانت رسالة شعبية واضحة مفادها أن الفرنسيين يرفضون أن تكون كرة القدم منصة لتبرير أو تطبيع جرائم الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة.
قد تكون هذه المقاطعة بداية لتحركات أخرى على مستوى العالم، ستساهم في عزل الكيان الصهيوني على الساحة الدولية حتى يتم محاسبته على انتهاكاته المستمرة بحق الشعب الفلسطين