شهدت مدينة أمستردام، عاصمة هولندا، يومي 6 و7 نوفمبر 2024، أحداثًا أثارت جدلًا واسعًا وأثرت على التعايش السلمي في المدينة، حيث تحولت مباراة كرة قدم جمعت بين فريق “أجاكس أمستردام” الهولندي وفريق “ماكابي تل أبيب” الإسرائيلي إلى ساحة للشغب والعنف، ما خلف استياءً شعبيًا واسعًا وانتقادات لاذعة للإعلام والسلطات.
في هذا الصدد أصدرت مجموعة من الهيئات والأحزاب والمؤسسات بهولندا والتي تضم كلا من المركز الأورو متوسطي للهجرة والتنمية، الحزب الاشتراكي الموحد أوربا الغربية، حزب النهج الديمقراطي العمالي جهة أوربا الغربية، جمعية العمال المغاربة هولندا، مؤسسة أكناري هولندا، تحالف مواجهة الإسلاموفوبيا والعنصرية هولندا، فضلا عن المبادرة المغربية لحقوق الإنسان، يانا ، حملوا فيه مشجعي الفريق الإسرائيلي “مكابي تل أبيب”، المسؤولية الكاملة في افتعال الأحداث التي عرفتها العاصمة الهولندية
بدأت القصة باستقبال أمستردام نحو ثلاثة آلاف مشجع من فريق “مكابي تل أبيب”، وصلوا من الكيان الصهيوني، حيث تشير المعطيات إلى أن معظمهم ينتمون إلى الجيش والمخابرات الإسرائيلية، هذه الحقيقة تبرز النية المبيتة وراء وجودهم، وهو ما يعكس تخطيطًا لأعمال عنف وتخريب، ويبدو أن الهدف من حضورهم يتجاوز التشجيع الرياضي، ليكون جزءًا من حملة استفزازية تهدف إلى إحداث الفوضى وزعزعة الاستقرار الاجتماعي في المدينة.
المثير للجدل، وفقاً للبيان الصادر عن مجموعة من المنظمات الحقوقية و الديمقراطية بهولندا عقب هذه الأحداث، أن وسائل الإعلام الغربية المنحازة للصهيونية لم تنقل الوقائع بدقة بل حرفته بشكل متعمد، و سعت إلى تحميل الجالية المغربية المسؤولية، ووصفت الأحداث بأنها همجية و عنف و “مذبحة معادية للسامية”، متجاهلة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى التصعيد، ومُروجة لسردية مفبركة تُظهر اليهود كضحايا والمغاربة كمعتدين، هذا ولم تكتفِ وسائل الإعلام الموالية للأطروحات الصهيونية بتشويه الحقائق، بل استغلت الأحداث لتضخيم خطاب الكراهية ضد المسلمين والمغاربة في هولندا،.
كما دعت بعض الأصوات المتطرفة مثل “فيدرالية الجمعيات المغربية بهولندا”، التي لا تمثل إلا قلة قليلة و التي عرفت بدفاعها عن أجندة صهيونية وترويجها لأكاذيب تخدم مصالح الاحتلال الإسرائيلي، إلى سن قوانين تستهدف المسلمين، مثل تجريدهم من الجنسية الهولندية بحجة معاداة السامية…
ولكن مع تطور الأحداث وكشف مزيد من الأدلة والشهادات الموثقة و المدعومة بالفيديوهات والصور، والتي تم نشرها على نطاق واسع بفضل مواقع التواصل الاجتماعي، تَأكد أن ما وقع كان ردة فعل مشروعة من السكان المحليين في أمستردام ضد استفزازات مشجعي فريق “ماكابي تل أبيب” و أصبح من الواضح أن هذه السردية لم تكن إلا محاولة لتغطية التصرفات العدوانية للمشجعين الإسرائيليين، الذين بدأوا في استفزاز السكان المحليين بممارساتهم العنصرية، حيث تسلق بعض المشجعين الإسرائيليين واجهات بعض المباني لتمزيق إعلام فلسطينية علقت على بعض الشرفات، مرددين شعارات بذيئة بحق الفلسطينيين من قبيل:
«دعوا الجيش الإسرائيلي ينتصر، سننكح المسلمين»،”غزة بلا مدارس، غزة لم يبقى فيها اطفال” » ، بحسب مقاطع فيديو متداولة.وهو ما دفع جزءاً من المجتمع الهولندي، وخاصة من أصول مغربية، للرد بشكل دفاعي لحماية أنفسهم وممتلكاتهم.
و رغم هذه التصرفات، وفقًا للبيان الصادر عن الجمعيات والمنظمات الموقعة، لم تقتصر الأزمة على الإعلام وحده، بل امتدت إلى السلطات الهولندية، التي اتُهمت بعدم تحمل مسؤوليتها تجاه أمن المدينة ، فقد أظهرت الشرطة الهولندية تساهلاً واضحاً مع المشجعين الصهاينة، مانحة إياهم حصانة، و مساحة واسعة لخرق القانون والترويج للكراهية و العنصرية ضد العرب و المسلمين .
في الختام، شددت المنظمات الموقعة على البيان على تمسكها بموقفها الثابت في دعم حق الشعب الفلسطيني في تحرير أراضيه وبناء دولته المستقلة، مشيرة إلى أن الأحداث التي وقعت في أمستردام هي جزء من محاولة صهيونية ممنهجة لخلق الفوضى في المدن الأوروبية وشيطنة المهاجرين، خصوصاً العرب والمسلمين. ودعت هذه المنظمات إلى تشكيل جبهة عالمية لمناهضة الصهيونية ووقف احتلال فلسطين، مؤكدة على أهمية التضامن العالمي في دعم حقوق الشعب الفلسطيني.