الرئسيةسياسة

الغلوسي يعلق على صفقة تحلية مياه بالدارالبيضاء بـ650 مليار سنتيم

أثارت صفقة تحلية مياه البحر في الدار البيضاء، التي فازت بها شركة تابعة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش بقيمة تُقدّر بـ650 مليار سنتيم، جدلاً واسعًا حول تضارب المصالح واستغلال النفوذ. الصفقة، التي أُعلن عنها في نوفمبر 2023، تهدف إلى إنشاء محطة لتحلية المياه بقدرة إنتاجية سنوية تبلغ 300 مليون متر مكعب، لتزويد مدن الدار البيضاء، سطات، برشيد، والمناطق المجاورة بالماء الشروب

في نفس الإطار، أثار محمد الغلوسي، هذه  القضية التي وصفها البيجيدي ب”الفضيحة المدوية” والمتعلقة بفوز مجموعة اقتصادية تابعة لرئيس الحكومة بصفقة تحلية مياه البحر في الدار البيضاء بمبلغ ضخم يقدر بـ 650 مليار سنتيم، ما فتح باباً واسعاً أمام نقاش مجتمعي ودستوري حول إشكالية تنازع المصالح واستغلال مواقع السلطة والمسؤولية العمومية.

و يرى الغلوسي في تدوينة له على الفايسبوك، أن هذه الواقعة تسلط الضوء على الحاجة الملحة لتخليق الحياة العامة وتعزيز حكم القانون، مشيراً إلى أن الصفقة لا تقتصر على البعد الاقتصادي، بل تمتد إلى أبعاد دستورية وسياسية وأخلاقية تستوجب التوقف عندها.

و انطلق الغلوسي في تحليله من مقتضيات الفصل 36 من الدستور الذي ينص بوضوح على ضرورة وقاية السلطات العمومية من كل أشكال الانحراف المرتبطة بأنشطتها، لا سيما في إبرام الصفقات العمومية وتدبيرها، داعياً إلى الزجر عن هذه الانحرافات، مؤكدا أن هذا الفصل يفرض على الحكومة ورئيسها مسؤولية واضحة في منع أي ممارسات تتعارض مع هذا التوجه، ما يثير تساؤلاً جوهرياً: إذا لم تكن الحكومة ورئيسها معنيين بتنفيذ هذه الالتزامات، فمن هي الجهات المسؤولة؟

و في سياق متصل، استشهد الغلوسي بالفصل 245 من القانون الجنائي الذي يعاقب كل موظف عمومي يحصل على فائدة مباشرة أو غير مباشرة من عقد أو صفقة يديرها أو يشرف عليها أثناء ممارسته مهامه، حيث تتراوح العقوبة المنصوص عليها بين السجن والغرامة، وهو ما يجعل قضية صفقة تحلية المياه تتجاوز مجرد نقاش سياسي لتصل إلى أبعاد قانونية تتعلق بمخالفة القوانين الجاري بها العمل.

هذا و تطرق الغلوسي أيضاً إلى دفاع رئيس الحكومة عن أحقية شركته في نيل هذه الصفقة، مستنداً إلى مبدأ المساواة أمام القانون، الا ان الغلوسي أشار في تدوينته، أن هذا المنطق يفقد معناه عندما يتعلق الأمر بشخص يجمع بين مواقع السلطة التشريعية والتنفيذية والإدارية، مما يمنحه امتيازات لا تتوفر للمتنافسين الآخرين. وأضاف أن رئيس الحكومة لم يبادر، رغم سلطته التشريعية والتنفيذية، إلى إخراج قانون يجرم تنازع المصالح، على الرغم من أن هذا القانون يمثل ضرورة دستورية وأخلاقية لضمان نزاهة العمل العمومي.

و انتقد الغلوسي بشدة ما وصفه بزواج السلطة بالمال، مشيراً إلى أن هذه الممارسة تتناقض مع مبدأ تكافؤ الفرص في الولوج إلى الصفقات العمومية، مؤكدا أن القضاء المغربي عزل في مناسبات عدة مستشارين جماعيين ورؤساء جماعات بسبب تضارب المصالح، بينما يتم التغاضي عن ممارسات مشابهة يقوم بها مسؤولون حكوميون رفيعو المستوى، مستحضرا
حادثة في السويد حيث قدمت وزيرة استقالتها بعد استغلالها لبطاقة بنزين حكومية، مشيراً إلى أن مثل هذه الممارسات قد تبدو بسيطة لكنها تعكس الفرق بين دولة الحق والقانون ودولة تغيب فيها الحدود بين السلطة والمصالح الذاتية.

وانتهى الغلوسي وفق المصدر ذاته، بتوجيه دعوة صريحة إلى النخب السياسية والحزبية لفتح نقاش عميق ومسؤول حول الإصلاحات القانونية والمؤسساتية الكفيلة ببناء دولة الحق والقانون، حيث يخضع الجميع دون استثناء لقاعدة ربط المسؤولية بالمحاسبة. هذا النقاش، بحسب الغلوسي، يجب أن يتسم بالموضوعية والشفافية، وأن يهدف إلى وضع أسس جديدة لإدارة الشأن العام، بما يضمن حماية المال العام من الاستغلال وتحقيق العدالة في إبرام الصفقات العمومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى