الرئسيةمنوعاتميديا وإعلام

السائحة البريطانية المحتجزة في إحدى مصحات مراكش…مأساة إنسانية أم أزمة في النظام الصحي؟

تحرير: جيهان مشكور

تصدرت قضية احتجاز سائحة بريطانية داخل مصحة خاصة بمراكش عناوين الصحف الأمريكية الكبرى، لتسلط الضوء على أحد أبعاد السياحة الطبية في المغرب، والتي يبدو أنها لم تعد خالية من المخاطر أو التحديات.

تعود تفاصيل القصة التي نشرتها صحيفة “نيويورك بوست” – إحدى أبرز الصحف الأمريكية التي تحظى بشعبية واسعة، إلى كوليت روبنسون، سائحة بريطانية تبلغ من العمر 58 عامًا، و التي كانت تقضي عطلتها في منتجع سياحي بمدينة مراكش عندما تعرضت لنوبة قلبية مفاجئة أثناء وجودها بجانب المسبح، فتم نقلها على وجه السرعة إلى مصحة خاصة، حيث خضعت لعملية تركيب دعامة طبية، وهو إجراء طبي شائع لإنقاذ المرضى الذين يعانون من انسداد في الشرايين، غير أن ما كان من المفترض أن يكون تدخلاً علاجياً ضرورياً تحول إلى مأزق مالي وقانوني، بعدما أُبلغت روبنسون بضرورة دفع مبلغ 28 ألف دولار أميركي مقابل العملية والرعاية الطبية التي تلقتها، أي ما يعادل حوالي 28 مليون سنتيم مغربي، وهو مبلغ يفوق إمكانياتها المادية المتاحة في ذلك الوقت.

و على الرغم من أنها لم تنكر التزامها المالي تجاه المصحة، فقد عرضت، بمساعدة ابنها جاك جيلدر البالغ من العمر 30 عامًا، سداد المبلغ عبر دفعات شهرية، إلا أن إدارة المصحة رفضت هذا الحل وأصرت على الدفع الفوري للمبلغ كاملاً، مهددة إياها بالاعتقال في حال عدم الامتثال.

كشفت الحادثة عن إشكاليات أعمق تتعلق بسياسات المستشفيات الخاصة تجاه المرضى الأجانب، وأثارت تساؤلات حول الجوانب القانونية والأخلاقية التي تحكم التعامل مع مثل هذه الحالات.

فمن الناحية القانونية، يطرح احتجاز المريضة تساؤلات حول مدى توافق هذا الإجراء مع القوانين المغربية والدولية المتعلقة بحقوق المرضى، خاصة وأنها لم تكن في وضع يسمح لها باتخاذ قرارات مالية حاسمة خلال حالتها الصحية الحرجة، أما من الناحية الإنسانية، فإن وضع مريضة تحت ضغط نفسي وجسدي شديد بسبب عجزها عن تسديد فاتورة العلاج يثير انتقادات حادة حول البعد الأخلاقي لمثل هذه الممارسات.

الاهتمام الإعلامي الواسع بالقضية، خاصة من طرف صحيفة ذات تأثير كبير مثل “نيويورك بوست”، قد يزيد الضغط على السلطات المغربية والمؤسسات الصحية لمراجعة إجراءاتها والتعامل مع مثل هذه الحالات بمرونة أكبر، كما أن هذه الحادثة قد تدفع الحكومات الأجنبية إلى إعادة تقييم تحذيرات السفر المتعلقة بالخدمات الصحية في الخارج، مما قد يؤثر على قطاع السياحة في المغرب.

في انتظار تطورات جديدة في هذه القضية، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن للمؤسسات الصحية تحقيق التوازن بين ضمان حقوقها المالية في حدود المعقول والمقبول، وبين الالتزام بالمعايير الإنسانية والأخلاقية في التعامل مع المرضى، خاصة عندما يكونون في أوضاع صحية حرجة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى