
ظروف تأسيس جماعة الحوثيين في اليمن ومسار تطورها
قتل 31 شخصا على الأقل في اليمن، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة في صنعاء الأحد، غداة ضربات شنتها الولايات المتحدة ضد الحوثيين الذين توعدهم الرئيس دونالد ترامب بـ”جحيم” لم يعهدوه. يعد الحوثيون الذين يسيطرون على جزء كبير من اليمن منذ أكثر من عقد، جزءا من “محور المقاومة” الذي تقوده طهران في المنطقة، ويضم مجموعات معادية لإسرائيل، مثل حماس وحزب الله في لبنان وفصائل مسلحة في العراق. فما ظروف تأسيس الجماعة؟ ومن زعيمها الحالي؟ وكيف باتت حليفا وثيقا لطهران؟
في أكبر عملية عسكرية في الشرق الأوسط منذ توليه الرئاسة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السبت، استهدف جماعة الحوثي في اليمن بعد الهجمات على حركة الشحن في البحر الأحمر. وأشار مسؤول أمريكي إلى أن الضربات، التي أسفرت عن مقتل 31 شخصا على الأقل حتى الآن، يمكن أن تستمر لأسابيع. وجاء ذلك في وقت يكثف فيه ترامب ضغوط العقوبات على إيران.
ظروف النشأة والتأسيس
في أواخر التسعينيات، أسست عائلة الحوثي، في أقصى شمال اليمن، حركة إحياء ديني للطائفة الزيدية الشيعية، التي حكمت اليمن يوما ما في السابق لكن معقلها في شمال البلاد عانى من التهميش والفقر.
ومع تصاعد الخلاف مع الحكومة، في العاصمة صنعاء، خاض الحوثيون سلسلة من حروب العصابات مع الجيش الوطني، كما دخلوا في نزاع حدودي لفترة وجيزة مع السعودية.
زعيم الحوثيين
أسس عبد الملك الحوثي الحركة ليتحدى القوى العالمية بمجموعة من مقاتلين مشردين في الجبال. واكتسب الحوثي سمعة بأنه قائد شرس في ساحة المعركة قبل أن يصبح زعيما للحركة.
وتطورت الحركة تحت قيادته، وهو في الأربعينيات من عمره، وأصبحت جيشا يضم عشرات الآلاف من المقاتلين وترسانة ضخمة من الطائرات المسيرة المسلحة والصواريخ الباليستية. وتقول السعودية والغرب إن الأسلحة تأتي من إيران التي تنفي ذلك.
ومن المعروف أن الحوثي نادرا ما يبقى في مكان واحد لفترة طويلة وأنه لم يجر أي مقابلات على الإطلاق مع وسائل الإعلام وأنه شديد التردد في الظهور العلني في مواعيد محددة.
حرب أهلية
نشبت حرب أهلية في اليمن في أواخر 2014، عندما سيطر الحوثيون على صنعاء. وانطلاقا من الشعور بالقلق من النفوذ المتزايد لإيران، بالقرب من حدود السعودية، تدخلت المملكة على رأس تحالف، مدعوم من الغرب في 2015، لدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
وسيطر الحوثيون على جزء كبير من الشمال وغيره من المراكز الحضرية الكبرى، في حين اتخذت الحكومة المعترف بها دوليا من عدن مقرا.
وشهد اليمن فترة من الهدوء النسبي، بسبب جهود سلام تقودها الأمم المتحدة. لكن التصعيد الحاد في التوتر في الشرق الأوسط منذ بدء الحرب في قطاع غزة زاد من مخاطر تجدد الصراع.
“دعما لفلسطين”
قرر الحوثيون التدخل بسبب في حرب غزة بالهجوم على ممرات شحن في البحر الأحمر دعما للفلسطينيين وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي تدير القطاع.
كما أعلنوا مسؤوليتهم عن هجمات على سفن في خليج عدن وبحر العرب والمحيط الهندي والبحر المتوسط يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل.
وأدت هجمات الحوثيين إلى اضطراب حركة الشحن العالمية مما أجبر الشركات على تغيير مسارها والإبحار في طريق رأس الرجاء الصالح الأطول والأكثر تكلفة.
ورغم تصريحات الحركة بأنها لا تهاجم إلا السفن التي لها صلات بإسرائيل، تقول الولايات المتحدة وبريطانيا ومصادر من قطاع الشحن إن جميع السفن قد تكون معرضة للخطر.
وردت الولايات المتحدة وبريطانيا بضربات جوية على الحوثيين في إطار جهود دولية لاستعادة حرية حركة التجارة على طريق رئيسي بين أوروبا وآسيا تمر عبره حوالي 15 بالمئة من حركة الشحن العالمية.
وبدأت فترة من الهدوء النسبي في ممرات الشحن في يناير 2025 بالتزامن مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في قطاع غزة. لكن الجماعة حذرت في مارس آذار من أنها ستستأنف العمليات البحرية إذا استمرت إسرائيل في منع دخول المساعدات والإمدادات لقطاع غزة.
وأعلن الحوثيون في 12 مارس الجاري استئناف الهجمات.
حليف وثيق لإيران
الحوثيون جزء مما يسمى “محور المقاومة”، وهو تحالف مناهض لإسرائيل والغرب يضم فصائل مسلحة في المنطقة مثل حماس وحزب الله والحوثيين المتحالفين مع إيران.
ويرفع الحوثيون شعار “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”.
ويتهم التحالف العسكري، الذي تقوده السعودية، إيران بتسليح الحوثيين وتدريبهم، وهو ما تنفيه طهران والحركة اليمنية.
ورغم أن إيران تناصر الحوثيين، تنفي الحركة اليمنية أنها دمية في أيدي إيران. ويقول خبراء يمنيون إن دوافعهم في المقام الأول نابعة من أجندة محلية.