اقتصادالرئسيةبيئةسياسة

معهد الصيد البحري و الحفاظ على الثروة السمكية

تستمر التحديات المتعلقة بالحفاظ على الثروة السمكية في المملكة، حيث يتم بشكل دوري تسجيل مخالفات من بعض مهنيي قطاع الصيد البحري، الذين يستخدمون شباك صيد غير قانونية، حيث تضر هذه الممارسات بشكل خاص بالأسماك السطحية التي تعاني من ضغط هائل نتيجة التغيرات المناخية وتناقص أعدادها في مختلف المصايد الوطنية،و تعتبر الأسماك السطحية مثل السردين من أهم الأصناف المتأثرة، مما يستدعي ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لضمان استدامة هذه الثروة.

في هذا السياق، شرع المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري في تنفيذ دراسة ميدانية واسعة النطاق في العديد من موانئ المملكة، بهدف رصد الأنواع المختلفة من الشباك المستخدمة في صيد الأسماك السطحية الصغيرة، و تتضمن هذه الدراسة بشكل خاص تحليل أدوات الصيد المستعملة لصيد السردين، والتي تعتبر من أكثر الأنواع المتضررة من هذه المخالفات، وقد قامت كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري بإبلاغ رؤساء غرف الصيد البحري في المغرب عن هذه البحوث، لتسهيل مهام فرق المعهد، وتعزيز جهود الحكومة في وضع آليات فعالة للحفاظ على استدامة المصايد البحرية.

في هذا الإطار، أكد عبد الحليم الصديقي، الكاتب العام للجامعة الوطنية للصيد البحري التابعة للاتحاد المغربي للشغل، أن الحديث عن إدارة مصايد الأسماك يرتبط ارتباطًا وثيقًا باستخدام الشباك، التي تعتبر أداة رئيسية في العمل الصيادي، وأشار إلى أن هنالك فرقًا من الصيادين تستخدم الشباك الدائرية بينما يعتمد آخرون على تقنية الجر.

كما أوضح الصديقي أن المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري يهدف من خلال هذه الدراسة إلى التأكد من نوعية وأثر الشباك المستخدمة في صيد الأسماك السطحية، والعمل على تطوير معايير أكثر استدامة للصيد.

وتم التأكيد على أهمية إشراك جميع المهنيين في هذا النقاش، بما فيهم قباطنة وربابنة الصيد البحري، ليكون البحث العلمي شاملاً ويعتمد على معطيات علمية ومهنية دقيقة، و فيما يرى المهنيون أن هذه المشاركة ستساعد في دعم استدامة الثروة السمكية، وتعزيز الالتزام بالقوانين المنظمة للصيد، وهو ما يعتبر خطوة أساسية نحو ضمان الحفاظ على المصايد وحمايتها من الاستنزاف.

من جانبه، أوضح عبد القادر التويربي، الكاتب الوطني للنقابة الوطنية لبحارة وربابنة الصيد البحري، أن النقاش حول معايير الشباك يتطلب فهمًا عميقًا للإشكاليات المرتبطة بالراحة البيولوجية للأسماك وأثرها على المردودية الاقتصادية للقطاع.َ

و شدد على أن فرض معايير تقنية معينة قد لا يتلاءم دائمًا مع طبيعة الأسماك المستهدفة، مما قد يفتح المجال للمخالفات، وأضاف أن هذا الموضوع يجب أن يتناول بشكل شمولية، مع مراعاة جوانب أخرى مثل أسعار الغازوال المهني، لضمان توازن بين الحفاظ على البيئة والاقتصاد المحلي، هذا وأكد التويربي على ضرورة تبني مقاربة تشاركية مع جميع المعنيين لتوفير حلول توافقية تشمل، من بين أمور أخرى، تمديد فترة الراحة البيولوجية وتخفيض أسعار الغازوال.

جدير بالذكر أن نتائج دراسة ميدانية أجرتها مؤسسة العدالة البيئية كانت كشفت عن استمرار بعض السفن في استخدام الشباك العائمة، وهي شباك محظورة بموجب العديد من اللوائح الدولية والإقليمية والوطنية، حيث يتسبب هذا النوع من الشباك في استنزاف الثروة السمكية ويضر بالبيئة البحرية، ويعود استخدامه بشكل أساسي إلى الطلب الخارجي على أنواع معينة من الأسماك التي تتطلب هذا النوع من الصيد، رغم مخالفته للقوانين المعمول بها.

في ضوء هذا الواقع المتشابك، يبدو واضحا أن التحدي المطروح ليس تقنيا فحسب، بل هو بالأساس إيكولوجي واقتصادي واجتماعي يتطلب تدخل كافة الفاعلين، من مؤسسات بحثية وسلطات تنظيمية ومهنيين، لرسم خارطة طريق متوازنة تضمن استمرار الثروة السمكية وتحقق في الآن ذاته شروط العدالة المهنية والاقتصادية للفاعلين في القطاع.

اقرأ أيضا…

دراسة…الصيد البحري في المغرب، الثروة المهدورة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى