الرئسيةمجتمع

اختفى في المغرب وظهر بإسبانيا

بقلم: بثينة المكودي

في مشهد أقرب إلى لغز بحري محبوك بإتقان، اختفى مركب صيد السردين لاكلونتين من ميناء أكادير، حيث كان يرسو بشكل اعتيادي، ليعثر عليه بعد أيام، بعيدا عن أنظار الرادار والمراقبة، عائما قرب سواحل جزيرة لانزروتي الإسبانية، وعلى متنه أربعة عشر شخصا، من ضمنهم قاصر، يشتبه في كونهم مهاجرين غير نظاميين.

كانت أولى ملامح القصة قد بدأت قبل أسبوع، حين تفاجأ بحارة الميناء وسلطات المراقبة باختفاء المركب من الرصيف الذي ظل يرسو فيه منذ شهور، عملية بحث واسعة شملت محيط الميناء، واستعملت فيها زوارق سريعة وغواصون، بحثا عن أثر، عن بقايا، عن جواب… لكن دون جدوى، المركب اختفى كما لو أنه لم يكن يوما هناك.

سرقة أم هروب جماعي؟

الشكوك بدأت تتجه نحو فرضية السرقة، لكن لا كاميرات الترصّد التقطت المشهد، ولا أحد من العمال سمع حركة مشبوهة، فقط كان الصمت هو سيد الموقف، والحيرة تأكل رؤوس المجهزين والصيادين، أما إدارة الميناء فاكتفت بالتأكيد على فتح تحقيق داخلي.

مصدر مسؤول بالميناء، فضّل عدم ذكر اسمه، صرّح لنا بأن ما وقع يستدعي إعادة تقييم أنظمة الحراسة بالموانئ المغربية، لأن ما جرى ليس فقط حادث سرقة، بل اختراق صادم لمستوى الثقة في تدبير الأمن البحري، مضيفا أن الأجهزة المختصة تتابع بتنسيق مع الجانب الإسباني، حيث تم التحفظ على المركب والأشخاص المعنيين.

ظهور في لوس مارموليس وطلبات لجوء على الطاولة

وقد ظهر المركب المبحوث عنه، بعد اختفائه المفاجئ من ميناء أكادير، بميناء لوس مارموليس بجزيرة لانزروتي، إحدى جزر الأرخبيل الكناري، حيث جرى التأكد من هويته من طرف السلطات الإسبانية التي باشرت عملية التحفظ عليه فور أن تم إرساءه .

ووفق مصادر محلية، فقد كان على متنه 14 شخصا، من بينهم قاصر، قدموا جميعا طلبات لجوء إلى السلطات المعنية بالجزيرة، ما أضفى على القضية بعدا إنسانيا وقانونيا معقدا، يتجاوز مجرد الاشتباه في الهجرة غير النظامية، نحو مطالب حماية دولية تستدعي معالجة خاصة.

شباب يحلم بأي ثمن

“ما وقع ليس غريبا علينا، كثير من الشباب لم يعد يرى في الوطن سوى جدار مسدود”،  هذا ما قاله عبد الكبير، وهو شاب من حي أنزا، سبق أن حاول الهجرة نحو جزر الكناري على قارب مطاطي، ويضيف” اليوم الناس صاروا يخاطرون بمراكب الصيد، والمرة الجاية ربما بسفن الشحن”.

بين الحلم والمغامرة، وبين الصمت الرسمي والانتظار، يفتح هذا الحادث الباب مجددا أمام أسئلة كبرى حول الهجرة، والأمن، والكرامة المفقودة في قاع الموانئ.

الهروب الجماعي الذي نفذه 14 شخصا، من ضمنهم قاصر، ليس مجرد فعل فردي يائس، بل مؤشر على تصاعد نمط جديد من الهجرة الغير النظامية، يتجاوز الزوارق التقليدية نحو استغلال وسائل أكثر جرأة، مثل مراكب الصيد المرخصة.

ما حدث في لاكلونتين يعكس واقعا مريرا، حيث تتحول أدوات العمل والعيش إلى مراكب هروب جماعي، في ظل إحساس متنامٍ بانسداد الأفق، وتراخٍ واضح في منظومة المراقبة البحرية، إنه ليس فقط تمرّدا على الحدود، بل أيضا صرخة ضد اليأس المتجذر في نفوس كثير من الشباب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى