الرئسيةصحةمجتمع

تسمم جماعي يهز جماعة بنواحي سوق أربعاء الغرب

عاشت جماعة سيدي محمد لحمر، نواحي سوق أربعاء الغرب، لحظات رعب حقيقية، بعدما تحوّلت وجبة سريعة من بائع متجول إلى مصدر تسمم جماعي خطير، استدعى نقل العشرات إلى المستشفيات وسط استنفار صحي وأمني غير مسبوق،في مشهد يعيد إلى الواجهة مأساة التسممات الغذائية المتكررة بالمغرب،

ففي ساعات متأخرة من يوم الاثنين، استقبل مستشفى الزبير سكيرج بسوق أربعاء الغرب 29 مصابا، فيما نُقل 8 آخرون إلى المركز الاستشفائي الزموري بالقنيطرة، ليصل العدد الإجمالي للضحايا إلى 37 حالة، وفق مصادر طبية متطابقة، جميع الضحايا تناولوا سندويتشات مشبوهة من أحد الباعة المتجولين الذين ينشطون في محيط الجماعة.

هلع جماعي واستنفار صحي

نزل الخبر كالصاعقة على أسر المصابين، الذين هرعوا إلى المستشفيات وسط جو من القلق والخوف، خاصة مع تواتر الشائعات حول خطورة الحالة الصحية لبعض الضحايا، ومع ذلك، أكد مصدر طبي مطلع أن “الحالة الصحية لجميع المصابين مستقرة، وأنهم يتلقون العلاجات الضرورية تحت إشراف طاقم طبي متخصص”، مضيفا أن “بعض الحالات غادرت المستشفى بعد تلقي الإسعافات اللازمة”.

من جهتها، عبأت السلطات المحلية، سيارات الإسعاف بشكل استعجالي لنقل المصابين، كما فتحت تحقيقا قضائيا تحت إشراف النيابة العامة، للوقوف على ملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن التحقيقات تركز على مصدر المواد المستعملة في تحضير السندويتشات، وعلى ما إذا كانت مستوفية لشروط السلامة الغذائية، بالإضافة إلى التحقق من الوضع القانوني للبائع المعني.

أزمة أعمق من مجرد “حادث عرضي”

ورغم الطمأنة المؤقتة التي قدمتها الجهات الطبية، فإن الحادثة تطرح أسئلة جوهرية تتجاوز حدود الواقعة نفسها، لتكشف مجدداً هشاشة منظومة المراقبة الصحية في الفضاءات العمومية والأسواق الشعبية، خصوصاً في القرى والضواحي، حيث تنتشر التجارة العشوائية للمواد الغذائية بشكل لافت دون حسيب ولا رقيب.

فحادثة جماعة سيدي محمد لحمر ليست الأولى من نوعها، بل تأتي لتُضاف إلى سلسلة طويلة من التسممات الجماعية المرتبطة بتناول مواد غذائية منتهية الصلاحية أو محضّرة في ظروف صحية كارثية، وبحسب أرقام سابقة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA)، فإن ما لا يقل عن 1600 حالة تسمم غذائي جماعي تُسجَّل سنوياً بالمغرب، معظمها تعود لمواد غذائية تم تداولها خارج الإطار المراقب.

تجارة الوجبات السريعة… بين الضرورة وغياب التنظيم

في ظل تفشي البطالة والفقر، باتت تجارة الوجبات السريعة من طرف باعة متجولين ملاذاً اقتصادياً للكثير من الشباب، لكنها أيضاً قنبلة موقوتة تهدد صحة المستهلكين، خصوصاً حين تكون المواد المستعملة مجهولة المصدر أو غير خاضعة للمراقبة، كما في حالة سندويتشات “سيدي محمد لحمر”.

المفارقة المحزنة أن هذا النوع من التجارة لا يخضع لأي إطار قانوني منظم، في غياب دفتر تحمّلات واضح يلزم البائعين بشروط الصحة والسلامة، ويحدث هذا في وقت تواصل فيه الحكومة الترويج لخُطط وطنية كبرى لمحاربة الفقر والهشاشة، دون أن تتطرق إلى الجوانب الخطيرة المرتبطة بالأنشطة الاقتصادية غير المهيكلة، ومنها “الطبخ العشوائي”.

من المسؤول؟ ومن يحاسب؟

تنتظر الأسر اليوم كشف نتائج التحقيق القضائي، ومحاسبة المتورطين في ما تصفه الساكنة بـ”جريمة صحية” في حق العشرات من الأبرياء، لكن المأساة الأكبر أن هذا النوع من الحوادث غالباً ما يُطوى بسرعة، دون أن يشكّل منطلقاً لتغيير جذري في سياسات المراقبة الغذائية أو إصلاح الوضع الكارثي للأسواق الشعبية بالمغرب.

الضحية هنا ليست فقط تلك العائلات التي عاشت ساعات من الرعب، بل الضحية الحقيقية هي ثقة المواطن في المؤسسات، وفي أبسط حقوقه: الحق في طعام آمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى