
حركة ضمير: نداءٌ لإصلاح شامل ونموذج سياسي جديد
عقدت "حركة ضمير" جمعها العام يوم الأحد 6 يوليوز 2025، حيث ناقش الأعضاء التقريرين الأدبي والمالي المقدَّمين من طرف المكتب التنفيذي، وصادقا عليهما، كما شهد اللقاء نقاشاً حول تعديل القانون الأساسي للجمعية، تضمن إحداث مكاتب جهوية وإدراج منصب جديد تحت اسم "الرئيس المؤسس"، وقد تم إسناد هذا المنصب لصلاح الوديع، الرئيس المنتهية ولايته، بالإجماع، مع الإشادة بمساهماته في مسار الحركة.
تنظيم داخلي ومشاركة شبابية
هذا و سجلت الحركة، ضمن بيانها الختامي، انضمام مناضلات ومناضلين جدد من فئات شبابية ومن مختلف مناطق المملكة، بمن فيهم مغاربة العالم، معتبرة هذا الانخراط جزءاً من المبادرات الرامية إلى ربط قضايا الوطن بالجيل الجديد، في سياق التحديات التي تواجهها البلاد على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية.
موقف من الوضع الدستوري والمؤسساتي
أكدت “حركة ضمير” على قناعتها بأن الأنظمة الديمقراطية، أو تلك التي تهدف إلى بناء الديمقراطية، تتأسس على الشرعية الدستورية، يليها الانخراط المتكامل للفاعلين في الفضاء العمومي، من مؤسسات رسمية وأحزاب ونقابات ومجتمع مدني وفاعلين اقتصاديين، واعتبرت أن الثقة بين هذه المكونات تظل ضرورية لضمان التلاحم المؤسساتي والسياسي، وفق مقتضيات الدستور والقانون.
وفي هذا الإطار، عبّرت الحركة عن تخوفها مما وصفته بتزايد فقدان الثقة في المؤسسات، معتبرة أن ذلك قد يؤثر على صورتها لدى المواطنين ويؤدي إلى أزمات في البنيان المؤسساتي، وأكدت أن بناء الثقة يتطلب التفعيل الشامل للنصوص الدستورية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتطوير السياسات العمومية، وضمان الشفافية والتواصل المستمر، مع إعمال الإصلاحات التي تضمنها النموذج التنموي الجديد.
مقترحات لإصلاح النموذج السياسي
أشارت “حركة ضمير” إلى وجود شبه إجماع على وجود اختلالات في الوضع السياسي، ورأت أن تجاوز هذا الوضع يتطلب اعتماد نموذج سياسي جديد، في إطار المرجعية الدستورية، ودعت إلى الابتعاد عن الممارسات الانتخابية التي تعتمد على الزبونية أو شراء الأصوات تحت غطاء المساعدات الاجتماعية، وإلى إصلاح النظام الانتخابي بما يشجع المشاركة ويؤدي إلى تشكيل أغلبيات منسجمة على أساس برامج واضحة.
كما دعت الحركة إلى تعزيز استقلالية الأحزاب السياسية، وجعل الدعم العمومي مشروطاً بالحكامة الداخلية والشفافية، واقترحت أن يتم تعيين رئيس الحكومة من بين الأسماء داخل التحالف البرلماني الحاصل على الأغلبية، دون ربط هذا التعيين حصرياً برئاسة الحزب.
تقييم للمشهد الحقوقي والتشريعي
رصدت “حركة ضمير” مجموعة من الاختلالات التي قالت إنها تطبع المشهد الحقوقي، من ضمنها تغييب الدور الرقابي والتشريعي للبرلمان، وهيمنة الحكومة على المسار التشريعي، مشيرة إلى أن العديد من القوانين تخدم، حسب تعبير البيان، مصالح فئات محدودة وتكرّس التفاوتات الاجتماعية، وذكرت من بين هذه القوانين قانون الإضراب والمسطرة الجنائية.
كما توقفت الحركة عند استمرار متابعة عدد من الصحافيين والمدونين، وغياب تجاوب مع مطالب الإفراج عن نشطاء الحركات الاجتماعية، بما في ذلك نشطاء “حراك الريف”، مشيرة إلى أن تجاوز آثار هذه الحركات يتطلب خطوات لبناء جو من الثقة في الفضاء العمومي.
مؤشرات اقتصادية وتقييم للسياسات العمومية
في الجانب الاقتصادي والاجتماعي، سجلت “حركة ضمير” أن النمو الاقتصادي لم يتجاوز 3% إلى 4% خلال السنوات الأخيرة، بينما سجل معدل البطالة 13.3%، وبلغ 21.3% حسب معطيات شتنبر 2024، و أفادت بأن معدل النشاط العام انخفض إلى أقل من 43%، ومعدل نشاط النساء إلى أقل من 19%، على الرغم من الالتزام الحكومي برفعه إلى 30%.
وأشارت الحركة إلى أن الاقتصاد الوطني فقد أكثر من 153 ألف منصب شغل خلال أقل من أربع سنوات، بينما كان الهدف المعلن إحداث مليون منصب شغل صافٍ خلال الولاية الحكومية.
كما سجّلت تفاقم العجز التجاري بأكثر من 100 مليار درهم سنوياً، وارتفاع الدين العمومي إلى أكثر من 1300 مليار درهم، أي حوالي 82% من الناتج الداخلي الخام، كما علقت على بيع أصول الدولة باعتباره جزءاً من ما سمته “التمويلات المبتكرة”.
وركز البيان على استمرار هيمنة الاقتصاد الريعي، الذي رأت الحركة أنه يؤثر على ولوج الشباب والمقاولات الصغيرة والمتوسطة إلى التمويل والصفقات العمومية، مشيرة إلى أمثلة من قطاعات مثل المحروقات وتحلية المياه واستيراد اللحوم الحمراء.
موقف من القضية الوطنية
عبّرت “حركة ضمير” عن ارتياحها لما وصفته بالمكاسب الدبلوماسية التي تحققت في ملف الصحراء المغربية، من خلال دعم متزايد من بلدان إفريقية وغربية، بما في ذلك دول دائمة العضوية في مجلس الأمن، لمقترح الحكم الذاتي، كما ذكّرت بمواقف الدولة الجزائرية التي وصفتها الحركة بأنها تقوم على معاداة الوحدة الترابية للمغرب.
تحولات دولية ومتابعة للواقع الجيوسياسي
توقفت “حركة ضمير” عند التطورات الجيوسياسية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وعبّرت عن قلقها إزاء ما وصفته بانفلاتات تهدد القانون الدولي، مشيرة إلى الاعتداءات الجارية في مناطق مثل الشرق الأوسط، وبالأخص ما يتعرض له الفلسطينيون في غزة، حيث وصفت الوضع بكونه يدخل في نطاق الإبادة الجماعية.
وأشارت الحركة إلى أن هذه التطورات تعزز أهمية التماسك الداخلي للمغرب، كما سجلت بمتابعة ما وصفته بظهور تحالفات دول الجنوب الكبرى، والتي تهدف إلى مقاومة الهيمنة الدولية وبناء نظام عالمي بديل، يقوم على التنسيق الاقتصادي والتقني والتجاري بين دول الجنوب.