الرئسيةسياسة

15 جمعية تجر الحكومة إلى القضاء دفاعا عن الأمازيغية

بقلم: بثينة المكودي

في زمن لا يزال فيه المغاربة يتطلعون إلى تحويل الدستور من وثيقة نظرية إلى ممارسة ملموسة، حلت الذكرى 14 لاعتماد دستور 2011 حاملة معها مرارة الإخلال بالتزامات الدولة، وخصوصا ما يتعلق بوضعية اللغة الأمازيغية، التي لم تبرح بعد دائرة الوعود والتأجيل.

ففي خطوة غير مسبوقة، اختارت 15 جمعية ثقافية وحقوقية أمازيغية أن تنتقل من موقع التنديد إلى ساحة التقاضي، بعدما تقدمت بدعوى طعن إداري أمام المحكمة الإدارية بالرباط، ضد قرار الحكومة ووزارة التربية الوطنية القاضي بتأجيل تعميم تدريس اللغة الأمازيغية في سلكي التعليم الأولي والابتدائي إلى غاية 2030، في تجاهل تام للأجل الدستوري المنصوص عليه.

ويقول أحمد أرحموش، المحامي والناشط الحقوقي، عضو هيئة الدفاع في هذه القضية، إن “قرار التأجيل لا يعد فقط إخلالا بالتزامات دستورية، بل هو أيضا عصيان إداري على إرادة المشرّع، واعتداء على اختصاصات البرلمان، وخرق صريح لمبدأ فصل السلط”،

ففي تصريح خص به  جريدة “دابابريس”: “قال إنه في هذه المناسبة ، وبالنظر الى ما تم رصده من مواصلة تردي وضعية الأمازيغية بالمغرب، تواصل عدد من الجمعيات والفعاليات الأمازيغية نضالها من اجل وقف مختلف العراقيل ، او التخفيف منها والتي لازالت تكبل التنزيل الفعلي والواقعي لورش تعميم الأمازيغية بالمدرسة المغربية”.

وأكد  أرحموش أنه وفي هذا الإطار تقدمت عدة جمعيات وتنسيقيات امازيغية بتاريخ 2/7/2025 بواسطة هيئة دفاع ينتمون لعدد من هيئات المحامون بالمغرب نيابة عن الجمعيات والتنسيقيات الأمازيغية ، بدعوى قضائية امام المحكمة الإدارية بالرباط ضد قرارات رئاسة الحكومة ومعها وزارة التربية الوطنية، القاضي بتأجيل تعميم تدريس اللغة الأمازيغية بالمستوى الأولي والابتدائي إلى سنة 2030.

ويضيف أرحموش أن هذه الخطوة تُعد اختبار حقيقي لجدية الدولة في تنزيل مقتضيات القانون التنظيمي رقم 26.16، الذي نصت مادته 31 على تعميم تدريس الأمازيغية خلال 5 سنوات من دخوله حيز التنفيذ، أي قبل 2027.

من جانبها، تؤكد الجمعيات الموقعة على الدعوى،أن واقع تدريس الأمازيغية لا يبعث على الاطمئنان، بل يكشف عن سياسة تسويف ممنهجة، حيث لا تزال اللغة الأمازيغية شبه غائبة عن المؤسسات التعليمية، ويجري التعامل معها بمنطق التجريب الهامشي، بدل الاعتراف بها كلغة رسمية تستحق المساواة في السياسات العمومية.

وترى هذه الجمعيات أن الخطاب الرسمي بشأن الأمازيغية غالبا ما يصطدم بجمود إداري وغياب الإرادة السياسية، وهو ما يتنافى مع روح الدستور الذي يقرّ برسمية الأمازيغية إلى جانب العربية، ويلزم الدولة بحمايتها وتطويرها، وليس التعامل معها كعبء يمكن تأجيله كلما ضاقت الأجندة السياسية.

جدير بالذكر أن اللجوء إلى القضاء، في هذا السياق، ليس مجرد رد فعل احتجاجي، بل فعل سياسي وقانوني يضع سلطة القانون في الواجهة، ويطالب بإعادة الاعتبار لدولة المؤسسات؛ لأن انتهاك الدستور من داخل المؤسسات المفترض أن تسهر على حمايته، لا يمكن أن يقابل بالصمت، بل بالطعن والمساءلة.

وفي النهاية، تؤكد هذه الدعوى أن الأمازيغية ليست مجرد شعار ثقافي، بل قضية وجود وهوية وحق، لا يقبل المساومة أو التأجيل ، لأن الحقوق، ببساطة، لا تُؤجل.

وفي سياق متصل، نبّهت مجموعة الوفاء للبديل الأمازيغي، في بيان عقب اجتماعها المنعقد يوم 6 يوليوز الجاري، إلى ما وصفته بـ”التدهور التدريجي لوضعية الأمازيغية”جراء تلكؤ الدولة في تفعيل مقتضيات القانون التنظيمي المتعلق برسمية اللغة، واعتبرت أن القرار الحكومي بتأجيل تدريس الأمازيغية يندرج ضمن منطق التهميش المؤسسي.

هذا وأدانت المجموعة ما اعتبرته استغلالا سياسويا لرمزية الأمازيغية في المناسبات الحزبية، مقابل تغييبها الفعلي في السياسات العمومية، وفي مقدمتها المدرسة والإعلام والإدارة والقضاء.

كما طالبت بإدماج شامل وفعلي للأمازيغية في جميع القطاعات، وإطلاق سراح معتقلي الرأي والحراك الأمازيغي، داعية إلى تأسيس تنظيم سياسي بمرجعية ثقافية أمازيغية قادر على حمل المشروع الديمقراطي الهوياتي للبلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى