لا لتكميم الأفواه..حقوقيون ونقابيون يتضامنون مع الغلوسي
12/07/2025
0
بقلم: بثينة المكودي
في تطور لافت يعكس تصاعد القلق من التضييق على المدافعين عن الشفافية، أعلنت مجموعة من الهيئات الحقوقية والنقابية والسياسية التقدمية والديمقراطية بمدينة مراكش، مساء أمس، عن تضامنها المطلق مع رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، على خلفية الشكاية المباشرة التي تقدم بها ضده برلماني حزب التجمع الوطني للأحرار، يونس بنسليمان، يتهمه فيها بـ”التشهير” بعد تصريحاته بشأن صفقة المحطة الطرقية “العزوزية” بالمدينة.
الهيئات، التي اجتمعت بمقر الحزب الاشتراكي الموحد بمراكش، وصفت في بيان مشترك هذا التحرك القضائي بـ”المؤشر الخطير”، محذرة من ما اعتبرته “استعمالًا مقلقًا لآليات القانون، وفي مقدمتها المسطرة الجنائية، لترهيب الأصوات الحرة ومناهضي الفساد”، في إشارة إلى ما أسمته “محاولة لتكميم أفواه النشطاء وتصفية الحسابات مع من يفضح لوبيات نهب المال العام”.
التعجيل في البت في الملفات الكبرى ذات الصلة بالفساد
وضمت لائحة الهيئات الموقعة على البيان كلًا من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (فرع المنارة والفرع الجهوي مراكش آسفي)، والنهج الديمقراطي العمالي، وحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، والجمعية المغربية لحماية المال العام (المكتب الجهوي مراكش الجنوب)، والحزب الاشتراكي الموحد، وقد عبرت جميعها عن قلقها من “تصاعد الممارسات الرامية إلى ضرب حرية التعبير والتضييق على الصحافيين والمدونين والنقابيين والنشطاء الحقوقيين”.
وطالبت الهيئات، في بيانها، السلطة القضائية بمدينة مراكش بالتعجيل في البت في الملفات الكبرى ذات الصلة بالفساد، وعلى رأسها ملفا “كوب 22” و”تبديد أملاك الدولة”، محذرة من أن “النفوذ والعلاقات” لبعض المتهمين قد تؤثر سلبًا على مجريات المحاكمات وعلى نوعية الأحكام الصادرة، بما لا يحقق مبدأ الردع ولا يعيد الثقة للمواطنين.
العبث بالتنمية المحلية
وتوقف البيان عند ما سماه “العبث بالتنمية المحلية”، موجهًا تساؤلات بشأن تخصيص 140 مليون درهم لتأهيل أحياء بجماعة تسلطانت، داعيًا إلى افتحاص شامل للمشاريع المنجزة على صعيد جهة مراكش آسفي، ومعتبرًا أن هناك مؤشرات على “استغلال سياسي وانتخابي” لبعض البرامج التنموية، مع تحميل وزارة الداخلية مسؤولية التدخل لحماية المال العام من كل أشكال التوظيف الحزبي أو الشخصي.
وفي ختام بيانها، أكدت الهيئات الموقعة على استعدادها الكامل لمواكبة كل أطوار محاكمة محمد الغلوسي، بدءًا من الجلسة الأولى المقررة يوم 18 يوليوز الجاري، مؤكدة أن “استهداف الغلوسي هو استهداف لكل الأصوات الحرة التي ترفض الفساد والريع وتدافع عن الحق في مساءلة المسؤولين عن تدبير المال العام”.
كما دعت إلى تعبئة واسعة من أجل مناهضة الفساد والوقوف في وجه كل المحاولات الرامية إلى ضرب حرية التعبير وتقويض دور المجتمع المدني، مؤكدة أن ربط المسؤولية بالمحاسبة ليس ترفًا سياسيًا، بل التزام دستوري وقانوني ينبغي أن يسري على الجميع دون استثناء.
يشار في هذا الصدد، أنه لم يقتصر استهداف الغلوسي، بحسب إفادات مقربين منه، على المتابعة القضائية فقط، بل طاله أيضًا ما وصفه بـ”تهديدات مبطنة”، حيث تم التلميح الصريح ولاكثر من مرة بضرورة “مغادرة مراكش” أو حتى “الانسحاب من مهنة المحاماة”، في حال استمر في فضح ملفات الفساد، وهي رسائل تعتبرها الهيئات الحقوقية والنقابية والسياسية الداعمة له، محاولة واضحة لإسكاته، وتعكس حجم الضغط المسلط على كل من يجرؤ على فضح ممارسات الريع والفساد داخل مؤسسات الدولة والجماعات الترابية.