أثار تصريح لعبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المغربية السابق، موجة استياء واسعة في الأوساط الحقوقية والنسائية، بعد اعتباره أن “الزواج هو خلاص الفتيات”، في تجاهل صارخ للحقوق الأساسية للنساء في التعليم والعمل والاستقلالية؛ التصريح الذي وُصف من قبل التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة بـ”المعادي لحقوق النساء”، فتح الباب أمام موجة من الردود المنددة، التي اعتبرته عودة مقلقة إلى خطابات الوصاية وتكريس التبعية
14/07/2025
0
بقلم: بثينة المكودي
لا يكاد الجدل يخبو حول عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المغربية الأسبق، حتى تعيده التصريحات المثيرة للجدل إلى واجهة الانتقادات، لا لفرادة مضمونها بل لاستمرارها في تكريس خطاب تقليدي نكوصي ورجعي يناهض بشكل صريح حقوق النساء.
آخر هذه التصريحات التي لم تكن مفاجئة بقدر ما كانت مستفزة، اعتبرت أن “الزواج هو خلاص الفتيات”، في تجاهل فجّ لحقهن في التعليم والعمل وتقرير المصير.
خطاب بنكيران نكوصي ومعادي لمقومات الدولة الحديثة
الرد هذه المرة جاء جماعيا، عبر بيان شديد اللهجة من “التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة”، والذي شجبت فيه هذا الخطاب الذي وصفته بـ”النكوصي والمعادي لمقومات الدولة الحديثة”، معتبرة أنه امتداد لمواقف متكررة لبنكيران تعكس عقلية ذكورية ترفض المساواة وتسعى لتأبيد الوصاية على النساء.
وأكدت التنسيقية، التي تضم أكثر من ث30 جمعية نسائية وحقوقية من مختلف جهات المملكة، أن هذه التصريحات لم تعد مجرد زلات فردية، بل تعبيرا عن مشروع أيديولوجي منغلق يسعى إلى إقبار مكتسبات ناضلت من أجلها الحركة النسائية والمجتمع الحقوقي لعقود.
واعتبر البيان أن تكرار بنكيران لمثل هذه التصريحات من موقعه كزعيم حزب سياسي ورئيس حكومة سابق ، يشكل عنفا رمزيا وتحريضا على التمييز، ويناقض بشكل صريح مقتضيات الدستور المغربي، خاصة الفصلين 31 و32 المتعلقين بالحق في التعليم والمساواة، كما يناقض التزامات المغرب الدولية في مجال مناهضة التمييز والعنف القائم على النوع.
كما نبهت التنسيقية إلى أن خطاب بنكيران يتنكر لمسار الإصلاحات المؤسساتية والقانونية التي جعلت من تمكين النساء خيارًا استراتيجيًا للدولة، معتبرة أن هذه التصريحات لا تستهدف فقط النساء، بل تضرب في العمق المشروع الديمقراطي الحداثي للمغرب.
ودعت الهيئات الموقعة على البيان الدولة إلى عدم التساهل مع هذه الخرجات المتكررة، وإلى تحمل مسؤوليتها في حماية المكتسبات الدستورية من محاولات النكوص والردة، مطالبة كافة القوى الديمقراطية والثقافية باتخاذ مواقف واضحة في وجه هذا الخطاب الذي “يستمد روحه من عصور القهر والوصاية”، وفق تعبير البيان.
وفي سياق الرد المجتمعي، دعت التنسيقية الآباء والأمهات إلى تعزيز تمكين بناتهن عبر التعليم، باعتباره بوابة لحياة آمنة وكريمة، وأساسًا للاستقلال الاقتصادي والحماية من العنف والتبعية.
الجدير بالذكر أن عبد الإله بنكيران ليس غريبًا عن إثارة الجدل بتصريحات تستهدف النساء، إذ سبق له أن أدلى بتصريحات مشابهة خلال ولايته الحكومية وبعدها، دافع فيها عن أدوار نمطية للمرأة، وانتقد التوجهات الحقوقية المناصرة للمساواة، وهو ما أثار استنكارًا واسعًا داخل وخارج المغرب.
اليوم، لم يعد الجدل حول ما قاله بنكيران، بل حول ما يمثله خطابه؛ توجه يريد إقبار مكتسبات جرى انتزاعها بنضال طويل، ومقاومة حقيقية من نساء رفضن أن يكنّ رهينات الجهل والتبعية.