الحلم الأمريكي المعلّق: مغاربة بين خطاب التنديد وسباق الهجرة
15/08/2025
0
بثينة المكودي
يعيش المئات من الفائزين المغاربة في قرعة الهجرة الأمريكية لسنة 2025 حالة من التوتر والقلق، بعدما طالت مدة انتظارهم لتحديد مواعيد المقابلات بالقنصلية الأمريكية في الدار البيضاء، رغم أن أرقام ملفاتهم باتت مؤهلة منذ أشهر وفق نشرة التأشيرات الرسمية.
هؤلاء الفائزون، الذين أنهوا كل الإجراءات الأولية وأرسلوا استماراتهم الإلكترونية، وجدوا أنفسهم أمام تأخير غير مبرر يهدد بفوات فرصة حياتهم، إذ إن البرنامج ينتهي مفعوله في 30 شتنبر المقبل، ولا مجال لتجديده أو تمديده.
الكثير منهم أوقفوا مشاريعهم المهنية أو خططهم الدراسية، وبعضهم ترك وظائفه، وكلهم علّقوا حياتهم على أمل الانتقال إلى الولايات المتحدة، والمفارقة أن هذه الأزمة تبدو شبه محصورة في المغرب، حيث توقفت الأرقام عند حوالي 21 ألفا، في حين تجاوزت دول مجاورة كـالجزائر وتونس عتبة 40 ألفًا، ما أثار شكوكا حول وجود عراقيل محلية أو تمييز غير معلن.
الفائزون أطلقوا عريضة إلكترونية على موقع “Change.org” موجهة إلى وزارة الخارجية الأمريكية
وحيث في 4 غشت الجاري، أطلق الفائزون عريضة إلكترونية على موقع “Change.org” موجهة إلى وزارة الخارجية الأمريكية والمركز القنصلي الوطني، يطالبون فيها بالإسراع في برمجة مواعيدهم، وتوضيح أسباب هذا التأخير الذي يهدد حلمهم قبل الموعد النهائي ، سبلب العريضة جسدت حجم الضغط النفسي الذي يعيشه هؤلاء، بين يأس متزايد وسباق مع الزمن.
لكن خلف القصة الإدارية يطل مشهد أعمق وأكثر تعقيد، شعب تتبنى نخبته السياسية وتدويناته خطابًا ينتقد الولايات المتحدة وتحالفها مع إسرائيل، ويضعها في خانة الخصم أو العدو، ونجد آلاف منهم يسعون بكل جهد للهجرة إليها، بحثًا عن مستقبل أفضل وفرص عيش كريم، إنها مفارقة تكشف عن فجوة بين الخطاب المعلن والواقع المعيش، وعن أزمة اقتصادية واجتماعية تدفع مواطنين إلى طرق أبواب بلد طالما شُجب في الخطاب السياسي.
الأمر هنا لا يتعلق فقط بتأشيرة أو تأخير إداري، بل بصورة مجتمع يعيش انقسامًا بين ما يقال علنًا وما يُمارس فعليًا،وإذا كانت الولايات المتحدة، في نظر كثيرين، رمزًا لسياسات مرفوضة، فهي في نظر آخرين وربما الأغلبية الصامتة وجهة للحلم الفردي ، وبين الاثنين، يقف الفائزون بقرعة الهجرة في المغرب عالقين، لا هم وصلوا إلى “الحلم الأمريكي”، ولا هم عادوا إلى حياتهم السابقة.