
جيل Z يقدّم وثيقة مطلبية لتفعيل الدستور ويعلي من قيمة ربط المسؤولية بالمحاسبة
على بعد ساعات على الخطاب الملكي الذي سيفتتح به غدا الجمعة الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة، عمم شباب “زد” وثيقة تحت عنوان “ملف مطلبي لشباب المغرب: من أجل تفعیل العقد الدستوري”، في خطوة عمليا تنقلهم من فضاء الاحتجاج، إلى فضاء المطالبات وفي جوهرها المطالب السياسية.
نداء جيل من أجل المستقبل
قدّم شباب مغاربة وثيقة مطلبية جديدة بعنوان «من أجل تفعيل العقد الدستوري»، في مبادرة تحمل توقيع نداء جيل من أجل المستقبل، دعا من خلالها إلى تفعيل المقتضيات الدستورية المرتبطة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، باعتبارها المدخل الحقيقي لبناء الثقة بين الدولة والمواطنين.
الدستور ليس نص قانوني فحسب بل عقد اجتماعي ملزم للطرفين
الوثيقة، التي صيغت بمنهجية تحليلية، اعتبرت أن دستور 2011 ليس نصا قانونيا فحسب، بل عقد اجتماعي ملزم للطرفين، وتؤكد أن فصولًا واضحة مثل الفصل 31 و33 تضع على عاتق السلطات العمومية واجب تعبئة كل الوسائل لضمان الولوج إلى العلاج والتعليم والشغل والحماية الاجتماعية. غير أن الشباب الموقعين يرون أن هذه الالتزامات لم تُفعّل بعد بالجدية المطلوبة، مما أدى إلى اتساع الفجوة بين النصوص الدستورية والواقع المعيشي.
أزمة الثقة في المؤسسات ليست شعورا عابرا
الوثيقة، أكدت أن أزمة الثقة بين الشباب والمؤسسات ليست شعورًا عابرًا، بل نتيجة مباشرة لفشل السياسات العمومية في تحقيق الأهداف التي حددتها الدولة لنفسها، مؤكدا أن الثقة في الأحزاب السياسية تراجعت إلى حدود 5 بالمئة، والثقة في الحكومة إلى مستويات متدنية، في مقابل ارتفاع معدلات البطالة والفوارق الاجتماعية وضعف جودة الخدمات العمومية.
المصدر ذاته، أكد أنه واستنادا إلى تقارير رسمية، ومن بينها تقرير الخمسينية، وتقرير النموذج التنموي الجديد، وتقارير المجلس الأعلى للحسابات وهيئة النزاهة والوقاية من الرشوة، كلها تشير أن الفشل في مجالات الصحة والتعليم والتشغيل والحكامة ليس مؤقتًا، بل بنيوي ومتجذر في غياب الإرادة السياسية وآليات التنفيذ والمساءلة.
ولذلك شددت الوثيقة في ديباجتها التأكيد، أنه: “لم نعتمد على الانطباعات أو الشعارات، بل بنينا حجتنا خطوة بخطوة بالاستناد إلى المرجعيات العليا للبلاد، من الدستور إلى الخطب الملكية والتقارير الرسمية”.
أكدت أيضا في السياق ذاته، أنها لا تستند إلى مرجعيات معارضة، بل إلى مرجعيات رسمية، ليس لشعارات خارجية، بل تستد للدستور، وخاصة فصله الأول الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة.
شباب زد يقدّم مطالبه العملية موزعة على خمسة محاور رئيسية:
الحريات وفتح مجال المحاسبة
وفيه طالب شباب “زد” أولا بالإفراج عن معتقلي الرأي والمحتجين السلميين، و فتح تحقيق قضائي مستقل في أحداث العنف الأخيرة، و ضمان الحق في التظاهر والتعبير دون ترهيب.
في قطاع الصحة
يطالب الشباب برفع الميزانية العمومية إلى المستويات الموصى بها دوليًا، وإطلاق خطة عاجلة لتوظيف الأطر الطبية وضمان التوزيع العادل لها، مع النهوض بالصحة النفسية وتعميم التغطية الفعلية.
في التعليم
يدعون إلى تفعيل القانون الإطار 51.17 بشكل شامل، ووقف خوصصة التعليم العمومي، وتحديث المناهج بما ينسجم مع حاجيات سوق الشغل.
وفي المجال الاقتصادي،
تقترح الوثيقة، إعادة توجيه الاقتصاد نحو قطاعات التكنولوجيا والاقتصاد الأخضر والصناعات المتقدمة، مع سنّ قانون لدعم المقاولة الشابة وتبسيط مساطر الولوج إلى التمويل.
أما في محور الحكامة، فيطالب الشباب بتفعيل تقارير مؤسسات الرقابة، وتجريم الإثراء غير المشروع، وضمان استقلال القضاء في قضايا الفساد الكبرى.
تفعيل قوانين التصريح بالممتلكات وتجريم الإثراء غير المشروع.
وفي التفاصيل دعا شباب “زد” إلى نشر الصفقات العمومية والتعيينات الكبرى بشفافية، والى تقوية استقلالية القضاء والمجالس الرقابية.
في ما يتعلق بالحريات العامة
دعت الوثيقة إلى فتح تحقيق قضائي مستقل في الأحداث التي رافقت احتجاجات شتنبر، ومحاسبة المتورطين في استعمال القوة المفرطة، والإفراج عن معتقلي الرأي، مع التشديد على ضرورة احترام الحق في التظاهر السلمي وحرية التعبير باعتبارهما ركيزتين من ركائز الدستور.
وحمل الشباب الحكومة الحالية مسؤولية الإخلال بالتزاماتها الدستورية، معتبرين أن استقالتها تمثل نتيجة طبيعية لتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وضرورة لإفساح المجال أمام فريق حكومي جديد يمتلك الكفاءة والإرادة لتنفيذ الإصلاحات.
ويختتم الشباب نص وثيقتهم، بالتأكيد على التزام الشباب بالمواطنة الفاعلة والعمل من داخل المؤسسات، معتبرين أن ما قدموه ليس بيانًا احتجاجيًا، بل خارطة طريق لبناء مغرب يليق بطموحات جيله، واستعادة الثقة في الدولة وفي روح دستور 2011
على سبيل التحليل الأولي للوثيقة:
من طريقة ومنهجية عرض المطالب، لا يتوجه، شباب “زد” ولا يحركهم غضبا أو أحكام مسبقة ويخاطبون الملك ليس باعتباره خصما، بل باعتبار رمزيته ومكانته كحامي للدستور وللسير السليم للمؤسسات، ومحوريته في أي إصلاح ينبغي أخيرا أن ينجز.
لا يطرحون تغييرا في الدستور الحالي، بل يطالبون بتفعيله، يطالبون بضمان أن يتحول لوثيقة تعاقدية ملزمة للجميع حكام ومحكومين، ويعتبرون أن لا قيمة للنصوص مهما كانت وجاهتها بدون تفعيل.
يعتبرون أكبر إشارة لتفعيل ربط المسؤوية بالمحاسبة، وأكبر إجراء من شأنه أن يحولها من مجرد صيغة واردة في نص دستوري، هي إقالة الحكومة الحالية، حكومة عزيز أخنوش،
يعتبرون أكبر تفعيل للدستور وضمان أن لا يبقى فقط دستورا بدون ضمانات تطبيق بنوده، خاصة في مجال الحريات، إطلاق سراح معتقلي الرأي وكافة المعتقلين، والمحتجين السلميين، وضمان حرية التظاهر.
يعتبرون الفساد خطرا فعليا على المغرب واستقراره، ويدعون إلى تفعيل أولا كل القوانين الموجودة لمحاربته، ويدعون لاجراءات صارمة من الدولة لمنعه.
يقدمون شكلا جديدا في الاحتجاج، يجعل الجميع في حرج شديد، ويجعل من الصعب عدم التجاوب معها، ويقترحون مشاريع بدائل غير صدامية ولا توحي بأن ليس في قلبها وعقلها على الوطن واستقراره الحقيقي مكانة قوية، وتحت نفسه الشعار “حرية كرامة عدالة اجتماعية”.
تنسجم تماما مع تحولات سريعة تجري في المجتمع المغربي، تحت تأثير التحولات التي تحدث في العالم بأسره، وتحدث بدون أن تكون تحت مظلة أو وصاية أحد، تحدث بشباب شابات وشبان يشرئبون للحرية والكرامة والعدالة في بلدهم، تحت مستجد أن الضفة الغربية أو اي ضفة اخرى لن تضمن لهم ذلك غير بلدهم ووطنهم.