اقتصادالرئسية

تحليل إخباري..الأسر المغربية بين الحلم بالادخار وكابوس الأسعار المتصاعدة

كشف “بحث الظرفية لدى الأسر” الذي أنجزته “المندوبية السامية للتخطيط” برسم الفصل الثالث من سنة 2025 عن صورة قاتمة للوضع المالي للأسر المغربية، مؤكداً أن القدرة على الادخار ما زالت ترفاً بعيد المنال بالنسبة لغالبية المواطنين. إذ أظهرت النتائج أن فقط 9,6 في المئة من الأسر صرحت بإمكانية الادخار خلال 12 شهراً المقبلة، مقابل 90,4 في المئة التي ترى أن مدخراتها عاجزة عن مواجهة متطلبات الحياة اليومية.

وقالت المندوبية في “مذكرة إخبارية” إن رصيد هذا المؤشر استقر في مستوى سلبي بلغ ناقص 80,8 نقطة، مقارنة بـ ناقص 82,6 نقطة في الفصل السابق و ناقص 78,1 نقطة خلال نفس الفصل من السنة الماضية، في مؤشر واضح على استمرار تدهور القدرة الشرائية للأسر.. أرقام، بلا شك، تكشف فشل السياسات الحكومية في تحسين القدرة الشرائية للأسر المغربية، وتكشف هشاشة استراتيجية الاقتصاد الوطني أمام المواطنين.

الغلاء يلتهم الجيوب

أما من جهة الأسعار، فقد أظهرت النتائج ارتفاعاً شبه شامل في تكلفة المواد الغذائية، حيث صرحت 95,7 في المئة من الأسر بأن أسعار المواد الغذائية ارتفعت خلال الـ 12 شهراً الأخيرة، مقابل 0,2 في المئة فقط لاحظت انخفاضاً، وبذلك، استقر رصيد هذا المؤشر عند ناقص 95,5 نقطة، ما يعكس ثقل التضخم على حياة المواطنين اليومية.

انعكاسات اقتصادية واجتماعية

من الناحية الاجتماعية، يعكس هذا الواقع حالة من التفاوت والفجوة بين الفئات الاجتماعية، حيث أن الفئات المتوسطة والفقيرة هي الأكثر تضرراً، مع تراجع في القدرة على الادخار والتخطيط للمستقبل، مقابل فئات قادرة على المناورة الاقتصادية بفضل موارد إضافية أو استثمارات خارجية.. أما من الناحية الاقتصادية، فإن انخفاض القدرة على الادخار يعكس تراجع السيولة الداخلية وارتفاع مستوى القلق بشأن الاستهلاك المستقبلي، وهو مؤشر له انعكاسات مباشرة على السوق المحلية والنمو الاقتصادي و على الاستقرار الاجتماعي.

فشل إداري واجتماعي واقتصادي

بين القدرة المحدودة على الادخار وارتفاع أسعار المواد الغذائية، يرسم البحث الأخير للمندوبية صورة قاتمة للمشهد الاقتصادي المغربي، صورة تعكس فشل السياسات الاقتصادية والاجتماعية في حماية المواطنين، وتطرح علامات استفهام حول الاستراتيجيات الحكومية المستقبلية لمواجهة التضخم وتحسين القدرة الشرائية.. وفي ظل هذه المعطيات، يبدو أن “حلم الادخار” سيظل حلمًا بعيد المنال، ما لم تتخذ الدولة إجراءات جذرية لموازنة الأسعار ودعم الأسر.

تدني ثقة بعض الأسر بالمؤسسات البنكية

إن ضعف الادخار في المغرب يشير إلى تدني قدرة الأسر المغربية على الاحتفاظ بدزء من دخلها للمستقبل.

ويُعزى ذلك إلى عدة عوامل اقتصادية واجتماعية مثل ارتفاع تكاليف المعيشة، وعدم كفاية الدعم الاجتماعي، وتدني ثقة بعض الأسر بالمؤسسات البنكية، مما يدفعها إلى “اكتناز” الأموال أو استثمارها في أصول مثل العقارات والمجوهرات بدلاً من الادخار الرسمي.

إن هذا كله،  يؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني ككل لأنه يقلل من الأموال المتاحة للاستثمار طويل الأجل. 

الخبراء الاقتصاديون يرجعون هذا الانهيار في مؤشرات الادخار إلى الارتفاع المستمر في كلفة المعيشة، وتباطؤ النمو، وغياب سياسات فعالة للدعم الاجتماعي المباشر.

يشار في هذا الصدد، أن دراسة صادرة عن البنك الدولي عام 2023، كانت أكدت، أن الأسر المغربية تنفق أكثر من 40% من دخلها على الغذاء فقط، وهي نسبة تعد من بين الأعلى في شمال إفريقيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى