المعارضة البرلمانية تعلن دخول المسار السياسي والديمقراطي للمغرب المنطقة الرمادية
أكدت أحزاب المعارضة البرلمانية، “أن المشهد السياسي أصبح يعاني من حالة الترهل والإجهاد على جميع المستويات، جراء أسباب ذاتية مرتبطة بطبيعة اشتغال الفاعل الحزبي والمؤسسات السياسية، وبروز ممارسات تهيمن عليها حسابات الربح والخسارة عوض المضمون السياسي والفكري والإيديلوجي، إلى جانب عدة أسباب موضوعية تتعلق بغموض وتداخل أدوار الفاعلين في النسق السياسي المغربي، في ظل عدم قدرة الأحزاب السياسية والمؤسسات المنتخبة على أداء وظائفها الدستورية والسياسية، وبالتالي فإن حالة الترهل هاته، تطرح علينا تساؤلات كبيرة حول المستقبل السياسي والديمقراطي لبلادنا، في ظل التحولات المجتمعية المتسارعة”.
جاء ذلك في مشروع مذكرة أحزاب المعارضة في شأن الإصلاحات السياسية والانتخابية، وهي الأحزاب المكونة من حزب الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة، وحزب التقدم والاشتراكية، حيث اعتبرت أن ” أن الفاعل الحزبي وكذا الفاعل العمومي في المجال السياسي لم يتجاوبا بالشكل الكافي مع روح الديمقراطية التي جاء بها الدستور،حيث لم تتم أجرأة هذا الاختيار بكامل جرعاته في العمل السياسي وفي تدبير الشأن العام، حيث استمر الاعتماد على بعض الممارسات والآليات التقليدية التي لم تمكن من تجديد النخب وتقوية المؤسسات، وإفراز خريطة سياسية قوية، وإعطاء نفس ديمقراطي جديد لبلادنا”.
في نفس السياق التشخيصي من وجهة نظر هذه الأحزاب الثلاثة للمشهد السياسي المغربي، شددت المذكرة ذاتها، الذي توصلت “دابا بريس” بنسخة منها، التأكيد أن هذا المشهد السياسي موسوما بالغموض والضبابية، بفعل عدم احترام قواعد ومبادئ الديمقراطية، والهروب من تحمل المسؤوليات السياسية في تدبير الشأن العام، حيث أصبحت الأغلبية الحكومية تمارس خطاب المعارضة للحفاظ على مكتسبات انتخابية، بينما وجدت المعارضة نفسها في تماهي كبير مع هذا الخطاب، وأصبح المواطن لا يستطيع التفريق بين المواقف، وبين من يتحمل مسؤولية اتخاذ القرار، وازدادت العبثية والصراعات السياسية، وساد عدم الانسجام والتصادم بين مكونات الأغلبية الحكومية، ودخلنا بالتالي في المنطقة الرمادية من مسارنا السياسي والديمقراطي”.
إلى ذلك، وفي نفس السياق التشخيصي، أكدت الأحزاب الثلاثة، على ما سمته استمرار آلة تبخيس دور الأحزاب وتهميشها ، وترويج خطاب يحملها مسؤولية كل الإخفاقات والمشاكل التي تحصل في المجتمع، وصناعة صورة نمطية سيئة عن الأحزاب والمؤسسات المنتخبة لدى الرأي العام، علما أن استمرار اشتغال هذه المنهجية لا يضر بالأحزاب فقط ، بل يستهدف التوجه الديمقراطي و البناء المؤسساتي لبلادنا.
وبخصوص الإعلام بمختلف مستوياته وأنواعه، والمقصود به الإعلام العمومي، قالت المذكرة، إنه لم تستطع أن يواكب التحولات السياسية والديمقراطية والدستورية للبلاد ، ولم يجر انفتاحا حقيقيا على الأحزاب وعلى المجتمع، واستمر في أداء أدورها التقليدانية، في الوقت الذي يصنع الرأي العام لنفسه فضاء افتراضيا جديدا للتعبير الحر، غير خاضع لأية ضوابط أو قواعد واضحة.
في نفس السياق، سجلت مذكرة حزب الاستقلال والبام وحزب الكتاب، أن تطور تكنولوجيا الإعلام والاتصال أدى إلى بروز فاعلين جدد في الفضاء العام الافتراضي، وانتقل النقاش العمومي من الفضاءات العمومية إلى الفضاءات الافتراضية، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورا مهما في صناعة القرار السياسي، كما أنها سمحت في نفس الوقت بالصعود المتزايد للشعبوية، ولخطابات الكراهية والعنف، وبروز الهويات الضيقة والحصرية.