في ” صحافتنا ” دعاة للتطبيع…
تناولت جريدة ” الأحداث المغربية” ليوم الاثنين 17 غشت موضوع اتفاق التطبيع بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل, ضمن ركنها اليومي “من صميم الأحداث” , حاول فيه كاتبه تبرير هذا الإنفاق ,مركزا على نقد المنددين به الذين مازالوا يتعاملون مع القضية الفلسطينية “بالعاطفة” والشعارات , والأساليب القديمة التي لم تثمر حلا. وهذا ما جاء في هذا الركن النشاز:
_ اعتبار” أن لدولة الإمارات العربية المتحدة أسبابا وجيهة جعلتها تقدم على هذه الخطوة غير الهينة .. وغير السهلة لإعلان التطبيع العلني مع إسرائيل” !!
( لم يتجرأ أن يصفها بالشجاعة , فذلك هو قصده)؟
_ اعتبار الإدانة لخطوات التطبيع السابقة , و للاتفاق المذكور , مجرد ترديد” لشعارات عاطفية .. لا تحل الإشكال ” , فمسألة التطبيع بين إ ع م وإسرائيل ” مسألة تهم دولة عربية ذات سيادة في علاقتها بدولة أخرى”!, (هي دولة الاحتلال , التي تجنب ذكرها بهذه الصفة. ) .
_ الدعوة إلى ” نقاش أكثر جدية , وأقل عاطفية حول مدى جدية استمرار القضية الفلسطينية في مرحلتها الأولى , لاتتبدل ولا تتغير وتجتر الشعارات وكفى” ( كذا). ويرجع أسباب تعثر تحقيق ما سماه ” الحقوق المقدسة” للشعب الفلسطيني إلى الانقسام الداخلي بين ” سلطة الضفة وسلطة حماس ” , دون ذكر لدور مخططات إسرائيل وعدوانها المستمر على تلك الحقوق المقدسة , أ وإشارة إلى تخاذل النظام العربي الرسمي وهوانه.
_ وينصحنا كاتب هذه التخرصات بالابتعاد عن ” لغة العاطفة التي جعلت العرب يخسرون فلسطين ” , أي , كما يوضح : كفى ” أناشيد وشارات نصر ومظاهرات .. فكل ذلك لايجدي نفعا”, لهذا فالشجاعة , حسبه تقتضي ” نقاش العلاقة بشكل واضح وشجاع مع إسرائيل : هل ستكون علاقة قدر في يوم من الأيام بالنسبة للعرب , أم أن هذه العداوة .. ستستمر مزيدا من الوقت إلى أن يقضي رب الوقت أمرا كان مفعولا” !! _ بناء على هذه الدعوة المسمومة والمهزومة , التي تسمي نفسها ” بالعاقلة” مقابل ” العاطفية” , يطالب صاحب الركن بكل وقاحة وصفاقة ” بالكف عن سب الإمارات , والبحرين , ومصر , وتركيا ..وأية دولة قررت فتح سفرتها في تل أبيب ” !!
تعمدت تقاسم مضامين هذا الركن _ الفضيحة , الذي لا يحتاج إلى تعليقات , أو نقاش هادئ وعقلاني , مادام صاحبه قد تخندق بشكل سافر مع التطبيع من خلال تبريره , والدفاع عن حق الدول في فتح سفاراتها في تل أبيب باسم السيادة تارة , وباسم التعامل ” العاقل” مع القضية الفلسطينية تارة أخرى.
ليس غريبا على منطق مثل هذا , أن يتجاهل بالمطلق أية إشارة إلى معاناة الشعب الفلسطيني اليومية تحت الإحتلال , وإلى مخطط الضم الأمريكي الصهيوني الخليجي لأجزاء من الضفة وغور الأردن , وإلى الصمود الفلسطيني الذي ما انفك يبدع أشكالا نضالية مبهرة إلى جانب شارات النصر والأناشيد التي يعير بها صاحب الركن القوى الشعبية في الأرض المحتلة وخارجها , الرافضة للتطبيع , والمدافعة عن الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني التي لاتقبل التفريط فيها أو المساومة عليها من طرف أية جهة كانت , وتحت أي مسوغ أو مبرر.
ينسى او يتناسى كاتب الركن أن مصدر الانتكاسات التي عرفتها القضية الفلسطينية , والانهيار للنظام العربي الرسمي في العقود الثلاثة الماضية , هو تلك الاتفاقات والمعاهدات مع الكيان الصهيوني , من كامب ديفيد , ووادي عربة , إلى أوسلو , إذ لم تزد الكيان الصهيوني غير التمادي والتعنت والعنجهية في تطبيق خططه التوسعية والعدوانية والاستيطانية , كما هو واضح اليوم في مسعى الضم , وفي بنود ” صفقة القرن” . لهذا فكل دعوة إلى التطبيع , أو تبرير له ,لن يكونا سوى خيانة لتاريخ مجيد من الصمود الفلسطيني , الذي أضحى ,أكثر احتضانا من أي وقت مضى طرف قوى العالم التحررية المتشبعة بقيم العدل والسلم , رغم كل مظاهر التخاذل والطعن من الخلف متمثلة في هرولة من لاحس تاريخي وإنساني لهم ,نحو التطبيع المخزي ,المشرعن لجرائم الكيان الصهيوني اليومية في كل بقعة من أرض فلسطين المحتلة .
فبئس مسعى مقترف هذا ” الركن ” المسيىء لتاريخ الصحافة الوطنية ورموزها الأفذاذ , وبئس ذلك التناول “العاقل” الذي يدعونا إليه صاحب الركن كبديل لتحركات القوى الشعبية و بياناتها وتظاهراتها , وأناشيدها التي تجسد استمرارية الصمود والتحدي لكل مخططات التصفية النهائية للقضية , كما تمارس الآن , وتشكل ” أضعف الإيمان” في مساندة شعب محاصر من كل الجهات , ومستهدف من ” ذوي القربى” أيضا . وللحديث شجون .