البلغيثي يكتب: قرروا في إضرابهم عن الطعام خروجا من زنزانتهم أبرياء أحرارا أحياء أو محمولين على الأكتاف
كتب الإعلامي رشيد البلغيثي تدوينة على صفحتها على الفايسبوك، استدعى فيها الفيلم الجميل Hunge”r” الذي صور تجربة إضراب عن الطعام انتهت بمأساة، وربط حدث الفيلم بالإضراب المفتوح الذي يخوضه معتقلي حراك الريف، وأساسا منهم ناصر الزفزافي ونبيل أحمجيق، بغاية تحقيق مطالب في جوهرها تروم تحسين شروط وظروف الاعتقال، “دابا بريس” تعيد نشر تدوينة الزميل رشيد البلغيثي لكل غاية مفيدة….
يعتبر Hunger واحدا من أقوى الأفلام البيوغرافية التي تناولت إضرابات عن الطعام خاضها معتقلون سياسيون.
هذا الفيلم ونهايته المؤلمة قد يكون واقعا في المغرب، لا قدر الله.
شباب الحسيمة ونواحيها، المعتقلين بقرار سياسي على خلفية الحراك الشعبي السلمي في الريف، يخوضون معركة أمعاء منذ اسابيع وحالتهم تنذر بالكارثة حسب روايات الأمهات المكتوبة بالدمع.
لا يعرف الجمهور الشيء الكثير عن إضراب الطعام أو سلاح المقهورين، المظلومين الذين استنفذوا كل السبل من أجل حقوق بسيطة كالتجميع والنقل الى زنازن قريبة من اسرهم او فسحة أو ساعات الزيارة أو التطبيب أو جودة الأكل أو الكتب والجرائد.. وغيرها من الأمور البديهية التي لا نعيرها اهتماما ونحن أحرار.
الإضراب عن الطعام قرار شجاع، في حالة شباب الريف، لكنه مدمر ومؤلم فالزفزافي ونخبة الريف السجونة بعدما تجاوزوا ثلاث اسابيع من صيام الوصال سيحملون آثار الجوع مدى الحياة وسيكون للإضراب نتائج وخيمة على وضعهم الصحي.
دعونا من ناصر ونبي ومن معهم فقد اتخدوا قرارهم وكتبوا في صدورهم رسالة غير مرئية تقول أنهم “عائدون الى الريف قريبا” وهذا معناه أن المحتجزين قد خطوا خطوتهم الواثقة على طريق اللاعودة بعدما قرروا الخروج من زنزانتهم إما مواطنين ابرياء، احرار، احياء، محمولين على الأكتاف أو جثامين باردة مسجاة وسط تابوت، حرة، كذلك، محمولة على الأكتاف، مصحوبة بالزغاريد.
السؤال المطروح الآن هو:
– ما رأي الدولة؟
هل تمزق الدولة المغربية صفحات مهمة من تاريخها القريب؟
هل تنزع ما تبقى من رداء شرعيتها الحقوقية وتقف أمام مواطنيها، أولا، والمنتظم الدولي عارية بعد التابوت الذي قد يسقط ورقة التوت؟
هل تتنكر لذكرى وذاكرة ادريس بنزكري الذي آمن بدولته والتي أقسم بعض رجالاتها أن الذي فات مات ولن يتكرر؟
هل تكسر صورة عبد الرحمان اليوسفي وهو يفتح دراعيه لأبراهام السرفاتي في مطار المملكة قبل أن يكتب “احاديث في ما جرى”؟
ما رأي عباس بودرقة
Le « nègre » littéraire, l’écrivain fantôme
في ما يجري وهو عراب هيئة لم تحقق الانصاف بعدما خانت المصالحة؟
ما رأيه ورأي شوقي بنيوب صديقي وصديقه الذي قال معه أن “كذلك كان”!
كان؟
هل تمرغ الدولة رأس أمينة بوعياش ومصطفى الرميد والشاب منير بنصالح والتامك في الوحل وتُسوِدَ وجههم ووجهها أمام التاريخ؟
سيحمل شباب الريف المظلومين ندوب جوعهم في جهازهم الهضمي او الى قبرهم، وهي ندوب غابرة على كل حال، لكن الدولة وخدامها سيحملون كل الذنوب والندوب على جبينهم إن شحبت الخضرة في جبال الريف.
في فيلم Hunger يصور “ستيف ماكوين” بكثير من الإبداع والدقة والبراعة قيء Robert Gerard Sands وبطنه الملتصق على أضلعه.
طنين أذنيه.
بثور الجلد المقيحة أسفل ظهره..
إصفرار عينيه، ضبابية بصره وحدة بصيرته
ضعف جسده وقوة شكيمته.
مات “روبير”، بعد 66 يوما من الإضراب عن الطعام، وقد كان قياديا في الجيش الجمهوري الإرلندي.
جيش روبير يغتال، يفجر، يفخخ، قناعاته جمهورية وقد خلف وراءه أكثر من 1800 قتيل وجريج قبل توقيع اتفاق السلام مع لندن يوم 10 ابريل 1998.
أما جيش الريف، في معركته الحديثة، فجنوده نساء وأطفال وشباب يافعون، سلاحهم شعارات حضارية ومسيران سلمية وعلم أمازيغي وصورة قائد كريم وثكنتهم صدور الأمهات.
أكبر عدو للدولة المغربية اليوم هو من يدفعها الى تسجيل الشباب في سجل موتاها.
سلموا الشباب صك البراءة وشهادة الحياة كي لا تسلموهم شهادة وفاة.
الشباب حلم الوطن.. إذا اغتيل الحلم استيقظ كابوسا في سرير القتلة!
—–
تدوينة بتصرف نشرتها يوم 23 اكتوبر 2019 بمناسبة اضراب سابق لربيع الابلق عن الطعام.