الرئسيةفكر .. تنوير

الإعلامي تفنوت يكتب في: بعض من الكلام عن الوطنية والوطن والهوية… وتعقيدات التاريخ….(الحلقة 2)

كلما زاد تماسك المغاربة وجدوا له في التاريخ مبررات تجعله يبدو وكأنه كان دائما موجودا بالقوة وينتظر فقط الفرصة المواتية، ولو على يد الأعداء ليتجسد في القول وفي السلوك..

الإعداد والتقديم عبدالرحيم تفنوت

منذ مايقارب الثلاثة والعشرين سنة ( موت ملك ونهاية عهد )أخذ المغاربة يتكلمون كثيرا ؛ في الملاعب وعلى صفحات الجرائد الورقية والإلكترونية، وعبر جل وسائط الإعلام الجماهيرية من تلفزات وإذاعات وفي الندوات المفتوحة والمغلقة عن علاقتهم بالزمن وعن ذاتهم الجماعية وعن هوية هذه الأرض التي أنجبتهم ومن أين أتوا كشعب؟

في أوقات الشدة وتصاعد الأزمات الكبرى ، يرتفع الطلب الجماعي الوطني على المعرفة التاريخية بل و على كل صنوف البحث الأركيولوجي الممتد في الزمن الماضي أملا في العثور على أجوبة تشفي الغليل الذهني بخصوص قضايا الهوية والوطن والوطنية، وأصول الوجود الحضاري لهذه المكونات في تجربتنا الخاصة كمغاربة ضمن دائرتنا الجهوية والكونية …

منذ مايقارب الثلاثة والعشرين سنة ( موت ملك ونهاية عهد )أخذ المغاربة يتكلمون كثيرا ؛ في الملاعب وعلى صفحات الجرائد الورقية والإلكترونية، وعبر جل وسائط الإعلام الجماهيرية من تلفزات وإذاعات وفي الندوات المفتوحة والمغلقة عن علاقتهم بالزمن وعن ذاتهم الجماعية وعن هوية هذه الأرض التي أنجبتهم ومن أين أتوا كشعب؟ ….

وفي خضم كل هذا الجدل المختلف من حيث النوعية والأسلوب ، وكذا من حيث طرق المرافعات وحدتها، و من حيث مدى عمق أو بساطة الموضوعات التي تتوقف عندها بالتعليق والتوضيح،

في خضم كل هذا اختلطت الأمور ببعضعها ،وطفى على سطح التعابير والخطابات خلط وتخبط في استعمال المفاهيم بين الواقعي في التاريخ والمتخيل منه؛ بين ماهو كائن في الحاضر وماأريد له أن يكون امتداد له؛ كما انتشرت أصناف من القول لاتميز في رحلة التاريخ بين الجانب الموضوعي المستقل عن إرادة الأفراد ووعيهم والجانب الذي تبرز فيه تلك الإرادة في شكل مشاريع تقودها نخب حاكمة ، أو عقول رائدة نحو القوة والتقدم…

وكما يقول أسلافنا القدماء لقد اختلط، في الكثير من الأحيان، جسد الحابل بروح النابل؛ فصارت البداهات تضيع وتتفتث بين ثنايا الأحاسيس والعواطف غير العارفة…

وعملا بالرأي المأثور القائل إن أفضل الطرق للخروج من التيهان هو العودة إلى أفضل ما لدى الأمة من أمهات الكتب ومقاطع الإجتهاد التي دبجها رواد معارفها المتعددين حتى يستقيم التفكير الجماعي وتستقيم معه آداب الحوار بصدده…

في هذا الإطار ارتأيت أن أقتنص من كتاب ” استبانة ” للمفكر عبدالله العروي ؛ وعلى حلقات ، بعضا من تنويراته الفكرية بخصوص البحث في موضوعات الوطنية والوطن والهوية والتاريخ في التجربة التاريخية المغربية….

– مايراه غير المؤرخ :

” أما سواه( يقصد به المؤرخ ).. .فيرى أنه كان مقدرا أن يبسط الشعب المغربي المتحد، المتميز منذ فجر التاريخ سلطانه على الأرض التي وهبها له الخالق والتي تمتد من طنجة إلى قلب الصحراء.

هذا ماخطط له إدريس الأول وأنجزه خلفه ثم سار على أثره السلاطين الكبار من كل الأسر المتعاقبة على عرش المغرب.

منهم من أدرك الهذف ومنهم من وقف دونه ومنهم من تجاوزه، لكن الجميع ظل وفيا لنفس التصور ونفس المسعى..
وهذا التصور هو الغالب على ذهن ساكن مدينة مراكش حتى الأقل ثقافة. فالمعالم التي يحاذيها كل يوم تذكره بالماضي، إن لم يكن منشغلا بكسب قوته…. ”

– ما لايراه المستعمر الأجنبي:

” وبالطبع كان هذا المنظور ينافي مايعتقده ويروجه بشتى الوسائل الأجانب سيما موظفو إدارة الحماية الذين يقولون ويؤكدون أن المغاربة لم يكونوا أبدا شعبا متميزا ولا أمة موحدة، وأنهم كانوا دائما عبارة عن عدة قبائل متنافرة لايوالون السلطة المركزية إلا بهذف قهر جيرانهم، وإذا منعوا من ذلك انقلبوا على تلك السلطة وحاربوها بشراسة.

لم تكن لديهم الوسائل المادية التي تقرب بين السكان في الأمم المتقدمة، لا طرق معبدة، لا عملة واحدة، لامكاييل مستقيمة، ولا لهجة منمطة.

العامل الموحد الوحيد هو الدين وهذا بدوره يختلف في التطبيق من ناحية إلى أخرى، كما يختلف الوشم واللباس والطبخ..
ماأكثر الدراسات الإثنوغرافية التي لم يكن لها من داع سوى تضخيم عوامل التناثر والتشتت.

قد يقول البعض اليوم إن نظرة الأجانب كانت أقرب إلى الواقع من نظرة الوطنيين التي لم تكن سوى أمنية محببة للنفوس.
نعم كانت أقرب للواقع القائم تحت الحماية، لكن هل كانت قائمة بالصورة ذاتها في الماضي؟ وهل مقدر لها أن تظل قائمة إلى الأبد؟

ثم هناك مفارقة لم تجد لها الحماية حلا مرضيا، وهي أن كل مبادراتها تعمل هي نفسها على زعزعة هذا الواقع، و تقول إن وسائل الوحدة لم تكن موجودة في الوقت الذي كانت تنشئ هي تلك الوسائل.

وكلما زاد تماسك المغاربة وجدوا له في التاريخ مبررات تجعله يبدو وكأنه كان دائما موجودا بالقوة وينتظر فقط الفرصة المواتية، ولو على يد الأعداء ليتجسد في القول وفي السلوك..

– ماهي رقعة المغرب؟ :

لو كان تأويل الإثنوغرافيين هو الصحيح لجاء تصورنا لرقعة المغرب في حدود منطقة الحماية الفرنسية كما هو الشأن في غالب دول إفريقيا السوداء الحالية.

الحقيقة هي أننا كنا دائما نتصور مغربين، مغرب الحافلات الذي أشرت إليه سابقا، أي الذي كنا نستطيع أن نتجول في أنحائه بمجرد أن سحب تذكرة سفر من وجدة إلى أكادير ومن تازة إلى زاكورة، مغرب لايضم تطوان أو طنجة أو إيفني، إذ التوجه إلى تلك الأماكن يتطلب أكثر من تذكرة سفر.

فيحضر في الذهن مغرب آخر أوسع من مغرب الحافلات..

كوني لاأستطيع أن أذهب إلى طنجة بالسهولة التي أتوجه بها إلى آسفي لا يعني أنها خارج المغرب. كنا نضع تطوان وطنجة وسبتة في مرتبة وجدة وتيزنيت! ، وإن لم ننو زيارتها لصعوبة الإلتحاق بها، لكن لانضع في خريطتنا الذهنية تلمسان أو مغنية.
وهذا التصور ” العامي ” يتماشى مع الوضع القانوني الدولي، إذ المناطق التي أصبحت فيما بعد من ” المتنازع عليها ” لم تكن آنذاك في حاجة إلى ترسيم حدودها بما أنها ” لاتزرع ولاتسقى ” حسب اتفاقية للا مغنية لسنة 1845 ….”

……………….
( يتبع: في الحلقة القادمة ستقرأون:
“ماهي عناصر الأمة المغربية؟ “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى