حوار..حمزة: التعليم العالي العمومي لازال ينظر له نظرة مالية وأمنية صرفة والبحث العلمي نشاط هامشي معزول عن استراتيجيات التنمية2/1
انتقلت الدولة من شعار الخوصصة خيارا استراتيجيا في عهد الوزيرين ع. خشيشن و ل. الداودي إلى شعار السلطوية خيارا استراتيجيا لجامعة المستقبل، وما لهدا الاختيار من ثمن علمي و تربوي وتنموي
في هذا الحوار الذي أجرته “دابا بريس” مع أحد الوجوه والفاعلين الرئيسيين في النقابة الوطنية للتعليم العالي، محمد حمزة عضو لجنتها الإدارية، يسلط الضوء من خلال سؤالين وجه له، على أوضاع الجامعة المغربية وقضايا التعليم العالي والبحث العلمي، ومختلف الأشكاليات المرتبطة بمسار إصلاح قطاع هام للنهوض المجتمعي والتنمية.. الاتفاقات والاختلافات بين النقابة وبين الوزارة الوصية…
سؤال 1 : نشهد حالة التأهب القصوى التي أعلنت عنها اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي، والتهديد بالمقاطعة الشاملة للدحول الجامعي غير المسبوق، الذي عبر عنه أعضاء اللجنة الإدارية يوم 3 يوليوز 2022 وعبرت عنه المكاتب الجهوية في بياناتها الصادرة السنة الماضية، ماذا يحدث، وهل يمكن أن تضعوا قراء “دابا بريس” جول مسببات هذا التصعيد من جانب لٱساتذة الباحثين؟
قبل الإجابة عن الخطة النضالية بما فيها المقاطعة، أو الاضراب المفتوح التي قررتها اللجنة الإدارية النقابة الوطنية للتعليم العالي في شهر يوليوز 2022، لابد من التدكير بأنه بعد أكثر من إحدى عشر سنة على حراك 20 فبراير كنهضة سياسية مغربية، والذي فرض على الدولة انتخابات سابقة لاوانها واستفتاء على دستور جديد رغم انه لا يرقى إلى الدساتير الديمقراطية كما هو متعارف عليها عالميا، لازال الوضع السياسي بالمغرب يتميز بمركز السلط واستمرار الاختيارات اللاديمقراطيةواللا شعبية نفسها في رسم وتنفيد السياسات العمومية .
فالتعليم العالي العمومي لازال ينظر اليه من وجهة نظر مالية صرفة وأمنية خالصة، والبحث العلمي مجرد نشاط هامشي ومعزول عن استراتيجيات التنمية، والكليات دات الاستقطاب المفتوح أصبحت فضاءات حضور بنات وأبناء الأسر دات الدخل المحدود، مقابل زيادة الدعم لمؤسسات القطاع الخاص والجامعات المؤدى عنها ومدعمة من ميزانية الدولة، فيما أضحى الأساتدة الباحثون بالجامعة المغربية بحكم النظرة الرسمية مستخدمون ” يثقلون” كاهل ميزانية الدولة، رغم أن وضعهم الاجتماعي يزداد تدهورا،حيث ظلت أجورهم مجمدة لمدة تقارب العشرين سنة .
و المهمة الرئيسية للنقابة الوطنية للتعليم العالي الدفاع عن الجامعة العمومية لكي لا يتقلص فضاءها عبر تقليص فضاء المؤسسات دات الاستقطاب المفتوح، الدفاع عن تعليم عال منتج جيد عصري ومجاني والدفاع عن استدامة مهنة الأستاد(ة) الباحث(ة) وعن مطالبه المادية والمعنوية موظفين في الدولة وليس مستخدميين بشكل ممتد في الزمن، حتى يستطيعون مراكمة أعمال البحث والممارسة التربوية والبيداغوجية .
هدا الصراع ليس بالهين إنه صراع استراتيجي بين تصورين للجامعة المغربية وتصور للمجتمع المغربي المؤسس على المواطنة والحداثة والديمقراطية والتضامن والابتكار والاجتهاد
خلال هده العشرية السابقة حاولت النقابة الوطنية للتعليم العالي خوض هدا الصراع الدي مر من جولات متعددة فيها انتصارات مهمة وفيها انتكاسات ايضا.
أمام الخطر الحالي الدي تعيشه الجامعة العمومية و خلق بدائل ريعية لتهميشها، هناك حاجة لخطة نضالية استراتيجية للمطالبة بإصلاح يقطع مع الإصلاحات التقنوية التي أبانت عن فشلها؛ إصلاح يربط الشكل بالمضمون على الصعيد التربوي والهدف بالوسائل على صعيد التكوين والدمقرطة والفعالية على صعيد البنيات، وربط التكوين بالبحث العلمي و جعله في استراتيجيات التنمية. وسن نظام أساسي للأساتذة الباحثين منصف عادل ومحفز على الاجتهاد والابتكار، يكرم هيئة البحث والتدريس.
بعد أربع سنوات من انعقاد المؤتمر الحادي الدي طبعته ممارسات وحسابات ضيقة غاب عنها التصور والبرنامج الاستراتيجي للدفاع عن التعليم العالي العمومي والبحث العلمي وعن المطالب المشروعة والعادلة لهيئة البحث والتدريس. وبعد تشكيل مكتب وطني جديد لم نشارك فيه انسجاما مع قناعاتنا، و إعداد الملف المطلبي، اتسمت المرحلة بالحوار المغشوش وربح الوقت ومقايضة المطالب لتمرير مشاريع تستهدف الجامعة العمومية وضرب المكانة الإعتبارية والاجتماعية للاساتدة الجامعيين.
وانتقلت الدولة من شعار الخوصصة خيارا استراتيجيا في عهد الوزيرين ع. خشيشن و ل. الداودي إلى شعار السلطوية خيارا استراتيجيا لجامعة المستقبل، وما لهدا الاختيار من ثمن علمي و تربوي وتنموي. وبدل إصلاح التعليم العالي و الجامعة العمومية في اتجاه الإستقلالية والدمقرطة، انتقل المشروع الوزاري الجديد/القديم إلى تهميش مجلس الجامعة، وتهميش دورها المعرفي كمشتل لانتاج العلم والمواطن، وجعلها ملحقة إدارية لمجلس اداري تابع لوزارة الداخلية.
امام الأزمة البنيوية العميقة التي نعيشها الجامعة العمومية والتعليم العالي العمومي على المستوى الهيكلية والمؤسساتية والعلمية والبيداغوجية، وأمام غياب خطة نضالية استراتيجية لتلبية المطالب من طرف المكتب الوطني، و امام غياب الانسحام بين مكوناته وأمام الخطر الدي أصبح يهدد التعليم العالي العمومي، و أمام التدهور الغير المسبوق لوضعية الاستاد الجامعي، انبثق حراك للسيدات والسادة الاساتدة في جل الجامعات المغربية قادتها مكاتب محلية وجهوية للنقابة الوطنية للتعليم العالي، معبرا عن استياء القواعد المناضلة داخل النقابة الوطنية للتعليم العالي ضد سياسة التجاهل والتشويش و التلكؤ وربح الوقت التي تعاملت بها الوزارة مع مطالب النقابة الوطنية للتعليم العالي وضد التدمير المستمر للتعليم العالي والبحث العلمي و دفع القيادة النقابية لتبني خطة نضالية لتحقيق المطالب بدل استراتيجة الكل تفاوض بدون معارك .
وتفاعلا مع هدا الحراك الجهوي والمحلي انعقد اجتماع” استتنائي ” للجنة الإدارية بالجديدة يوم 29 ماي 2022، تميز بتجاوب مسؤول مع الحراك الجامعي وثثمين نضالاته و اجماع جميع فئات و مكونات اللجنة الإدارية، حتى التي كانت تعارض تدبير المكتب الوطني لخوض معارك وطنية موحدة والاتفاق على خطة نضالية تصاعدية ابتدى بتنفيد 72 ساعة إضراب شامل على العمل في كل مؤسسات التعليم العالي و البحث العلمي والالقاء على اللجنة الإدارية مفتوحة واستىناف أشكالها يوم الأحد 3يوليوز 2022 من أجل تقييم المرحلة واتحاد الخطوات اللازمة. الهدف كان أن نحول اللجنة الإدارية إلى فضاء ينطلق من مطالب عموم الاساتدة الباحثين بجميع فئاتهم .
هده الخطوة النضالية التي استحضرت المصلحة العامة من طرف النقابة الوطنية للتعليم العالي واجهها الوزير بلا مبالاة و بالتجاهل الا مسؤول و التأزيم و كأن مصير الجامعة والطلبة لا يهمه .
بعد سياسة التجاهل والتأزيم والتجاهل الدي واجه به الوزير الوصي على القطاع إضراب 7 و 8 و 9 يوليوز ، سينتقل إلى سياسة التشويش على اجتماع اللجنة الإدارية ليوم الاحد 3 يوليوز 2022، وبدلا من اجتماع قبلي مع المكتب الوطني كما تستدعيه الشراكة الفعلية و الحوار النقابي الوزاري المسؤول، سيهاتف الكاتب الوطني واللحنة الإدارية مجتمعة لإرباك قراراتها تأجيل الخطة النضالية التصاعدية، محتوى المكالمة هو “خبر” إمكانية اجتماع صلاتي بين رئيس الحكومة والوزارة الوصية و النقابة. هدا الاجتماع لم يعقد بعد !.، وكان من المنطقي أن يكون الرد نضاليا.
سياسة التشويش سيمارسها الوزير الوصي على قطاع التعليم العالي في اجتماع اللجنة ليوم الأحد 28 غشت لتأجيل الخطة النضالية للدخول الجامعي بناء على خبر مرتبط باجتماع لجنة حكومية يترأسها رئيس الحكومة للتداول في مطالب النقابة، ومرة أخرى تعامل المكتب الوطني بحسن نية في انتظار حسن نية الحكومة والوزارة الوصية! وتقرر تاجيل الخطة النضالية للمرة الثانية.
بيان اللجنة الإدارية أعاد التأكيد على الخطة النضالية في استمارة سياسة التسويف والمماطلة وعدم الوفاء بالوعود وبالبلاغات المشتركة ، كالاضراب المفتوح ومقاطعة الهياكل من شعب ، ومجالس ، ومختلف اللجن، وشل عمل كل مؤسسات التعليم العالي. والإبقاء على اجتماع اللجنة الإدارية مفتوحة واستئنافه يوم 17 شتنبر 2022 .
المطلوب الآن هو الحيطة والحذر و التعبئة والالتفاء حول النقابة الوطنية للتعليم العالي كفضاء نضالي واستمار هدا الاجماع على الخطة النضالية التصاعدية لتلبية المطالب، والاستعداد لكل الاحتمالات للحسم في اجتماع الأحد 18 شتنبر 2022.
التفاوض بدون معارك نضالية استباقية تضعف النقابة.
المطلوب أيضا استتمارا التعبئة من أجل ارجاع الثقة في النقابة الوطنية للتعليم العالي للدفاع على المطالب المشروعة والعادلة لهيئة البحث والتدريس والارتقاء بمنظومة التعليم العالي و البحث العلمي.