لماذا تقول المزيد من الدول النامية “لا” للهيمنة الأمريكية
بكين (شينخوا)
تركز العديد من التقارير الإعلامية الأخيرة على حقيقة واحدة مفادها: أن المجتمع الدولي، وخاصة الدول النامية، صار أعلى صوتا في انتقاده للسلوك المهيمن والأناني للولايات المتحدة.
إن توافر بيئة دولية سلمية ومستقرة — التطلع الأكبر للبلدان النامية — يعد شرطا مسبقا لتحقيق التنمية الوطنية.
بيد أن هذا الأمر بعيد المنال بسبب الولايات المتحدة — فهي أكبر مخرب للسلام، ومثير للمشكلات في عالم اليوم.
لا تزال دول مثل العراق وأفغانستان تعاني من اضطرابات، بسبب الحروب التي شنتها الولايات المتحدة هناك.
أما بالنسبة للأزمة الأوكرانية، فتقوم الولايات المتحدة، باستمرار، بصب الزيت على النار، وتعيق الدول الأخرى عن دفع إجراء محادثات من أجل إحلال السلام.
ويرى قادة العديد من الدول النامية أنه بإطالة أمد الأزمة، تعمل الولايات المتحدة على تفاقم معاناة الأوكرانيين، وتعرقل حل القضايا الملحة الأخرى، التي تواجه المجتمع الدولي.
ومن جانبها، قالت نائبة الرئيس الكولومبي، فرانسيا ماركيز، “لا نريد الاستمرار في مناقشة من سيكون الفائز أو الخاسر في الحرب”، مضيفة “نحن جميعا خاسرون، وفي النهاية، البشرية هي التي تخسر كل شيء”.
لقد ألحقت هيمنة الولايات المتحدة أضرارا بجميع الاقتصادات في العالم، ولا سيما الاقتصادات النامية، ذات الأساس التنموي الضعيف نسبيا. فعلى مر السنين، فرضت الولايات المتحدة بشكل تعسفي عقوبات على بلدان أخرى، وأقامت حواجز جمركية، وعطلت السلاسل الصناعية وسلاسل التوريد العالمية.
بعد تصاعد الأزمة الأوكرانية، فرضت الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة عقوبات شديدة على روسيا، وهذا أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وغيرهما من السلع في العالم، ما تسبب في إرباك الدول النامية.
كما تنخرط الولايات المتحدة في إثارة المواجهة بين التكتلات، الأمر الذي يقوض التعاون الدولي.
بيد أن كمبوديا وماليزيا واندونيسيا ودول أخرى أوضحت أنها لا تريد أن ت جبر على “أن تختار جانبا” بين الصين والولايات المتحدة.
وباسم تعزيز “الديمقراطية” فى جميع أنحاء العالم، تلحق الولايات المتحدة فعليا الضرر بمصالح العديد من الدول النامية.
فعندما زار وزير خارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، جنوب أفريقيا، في غشت الماضي، أوضحت وزيرة العلاقات الدولية والتعاون في جنوب أفريقيا، ناليدي باندور، قائلة “لا يمكنك أن تأتي وتدعي أنك تحاضر عن الديمقراطية… التدخل الأجنبي خلق عدم استقرار، بما في ذلك تمويل جماعات المعارضة ضد المقاتلين من أجل التحرير”.
ومن الواضح أن المزيد والمزيد من البلدان النامية، الآن، تعلن معارضتها لمختلف الإجراءات غير المسؤولة التي تتخذها الولايات المتحدة، مع رفض العديد منها السير على خطى الولايات المتحدة، في فرض عقوبات على روسيا.
من ناحية أخرى، ذكر كيشور محبوباني، الزميل البارز بمعهد الدراسات الآسيوية في جامعة سنغافورة الوطنية، أنه يتعين على واشنطن التكيف مع الواقع الجديد: فالدول النامية أصبحت أكثر تطورا وقدرة على اتخاذ قراراتها الخاصة.
وأشار تقرير صدر، مؤخرا، عن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وهو مركز فكري أوروبي، إلى أن الهيمنة الأمريكية العالمية تتراجع بسرعة، وأن الكثير من الناس في الجنوب العالمي يرغبون في بناء عالم جديد متعدد الأقطاب.
على مدى سنوات، اعتاد الساسة الأمريكيون على توجيه أصابع الاتهام إلى البلدان الأخرى، والتصرف عن عمد على الساحة الدولية.
ولم يتضح بعد ما إذا كانوا قد لاحظوا التغيرات الحاصلة في الجنوب العالمي، وشرعوا في التفكير في الأسباب الكامنة وراءها.