الرئسيةثقافة وفنوندابا tv

السينما..فيلم “أخبار العالم”: حين يصبح الإعلام في مواجهة شياطين العالم + فيديو وصور

هذه المادة يتم إنجازها بشكل مشترك بين ّدابا بريس” ومجموعة عشاق الفن السابع التي يديرها الكاتب عبد العزيز كوكاس.

 

 

حلقة اليوم:

فلم “أخبار العالم”: حين يصبح الإعلام في مواجهة شياطين العالم

الكوكاس
بقلم الاعلامي والكاتب عبدالعزيز كوكاس

تدور أحداث فلم “أخبار العالم” News Of The World حول الكابتن جيفرسون كايل كيد، الذي كان يقرأ الأخبار لأي شخص لديه 10 سنتات ووقتا للسماع، قام ببطولته توم هانكس الذي قدم عرضا فريدا ورائعا وأبرز عن مقدرة هائلة للتكيف مع أدوار عديدة.

تقع أحداث الفلم في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1870 حيث لم يكن الجميع يعرف القراءة ولم يكن من السهل الوصول إلى الصحف، فكان لدى الكابتن كيد جمهور كبير لتلبية احتياجاتهم وحقهم في الإعلام. كانت الحرب الأهلية قد انتهت قبل بضع سنوات، لكن البلاد لا تزال تقاتل من أجل الوقوف على قدميها.

اضطرابات هنا وهناك. حالة من التوتر تسود الشمال والجنوب في مخاض بناء الوحدة. كانت الحكومة تجد صعوبة بالغة في محاربة الفوضى والتعصب والتحيز بين الناس. فساد سفك الدماء باسم العرق والعقيدة. في هذه الأجواء، يسافر القبطان رفقة جرائده من أرض إلى أخرى، ويقرأ الأخبار على السكان المحليين مثل حكواتي.

ذات مرة أثناء سفره عثر على جثة لرجل ملون معلقة على شجرة، وبجانبها فتاة صغيرة خائفة مختبئة في الأدغال.. يأتي المسؤولون الحكوميون إلى مكان الحادث حيث تقرر أن يترك القبطان الفتاة لعميل هندي ليعيدها لأقاربها.

لكن القدر كان لديه رأي آخر. إذ طالت فترة انتظار مجيء الوكيل وهو ما فرض على القبطان أن يحتفظ بالفتاة التي حاول تركها عند أحد الأصدقاء. لكن كان من الصعب السيطرة على صراخها وعنادها النابعين من قلق عميق الجذور، والغضب والشعور بطعم الخسارة التي تجسد خسارة مجتمع كان يعيش في أتون الفتنة وهو يبني وحدته.

يقرر الكابتن كيد أن يترك الفتاة لدى أقاربها الوحيدين الذين لم ترهم من قبل. لكن بسبب طول المعاشرة تنمو غريزة الأبوة لدى الكابتن تجاه فتاة مهجورة نجت بطريقة ما من لعنة الحرب الأهلية.

فتاة تجهل جذورها وتعتقد أنها تنتمي إلى مجتمع Kiowa، غير مدركة للواقع الوحشي المتمثل في اختطافها من قبل أولئك الذين قتلوا والديها. لكن في تلك الفروق الدقيقة الصغيرة يميز الفيلم نفسه تمامًا ويخرج عن نمط الأفلام الدرامية للحروب، فتوم هانكس ينجح في إعطاء زخم كبير من المشاعر الإنسانية النبيلة لشخصية الكابتن، الذي انتهى من الحرب وبدأ بالبناء، بناء عقول الناس من خلال توعيتهم بالعالم من حولهم من خلال قراءة أخبار الصحف عليهم وتشخيصها ببراعة ملفتة، كما أن هلينا زينكل Helena Zengal التي لعبت دور الفتاة اليتيمةJoanna Leonberger كانت شعلة متدفقة من الذكاء والمشاعر الإنسانية الفياضة.


مغزى الفيلم هو أنه قد يؤدي تقاسم السعادة إلى تكوين علاقة وطيدة مع الآخرين ولكن مشاركة الآخرين أحزانهم يجعلها رابطة لا تنفصم. كل من جوانا والكابتن يعرفان جيدًا ما هي الخسارة. لكن الرحلة التي يقطعانها معا تجعلهم أقوى. تساعد التضاريس القاسية والعقبات التي من صنع الإنسان في خلق نوع من التفاهم بينهما. يؤمن الكابتن كيد بنسيان الماضي وضرورة صنع ذكريات جديدة. لكن جوانا تخبره أنه يجب على المرء أن يتذكر أولاً، وبعد ذلك فقط يمكنه المضي قدما.

الشرط الأساسي للمضي قدمًا في الحياة هو أن تصنع السلام مع ماضيك. لا فائدة من خلق واقع خالٍ من ماضيك. لن يكون حقيقة واقعية.. ويبلغ الفيلم ذروته حين يطلب الكابتن من الأقارب الذين ترك معهم جوانا “أعطوها الكتب، فهي تحب القصص”، لكن الأقارب لم يفهموا. كانوا بحاجة إلى المال أو الأرض لكسب المال أو ربما الأسلحة لحماية حياتهم من اعتداء الأشرار، لذلك لم تكن الكتب والقصص على قائمة أولوياتهم.

لقد نجح بول غرينغراس المخرج السينمائي والسيناريست البريطاني الذي عمل صحافيا، ‏في مساءلة قيم مجتمع يحصر كل مكاسبه في المعايير المادية، في زمن كل الأيادي فيه ملطخة بالدماء. مع سيادة الجشع والتحيز والمكيدة. لا تستطع الكتب أو الحكايات أو الشعر أو الإبداع أو أي قطعة فنية أن تجد موطئ قدم لها. كان التاريخ يُصنع وكان بحاجة إلى محاربين وناجين، وليس إلى فنانين.

ترقبوا الحلقة القادمة السبت المقبل وفيلم أعجبني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى