الرئسيةمجتمع

تحقيق: عواقب وتحديات الصرف الصحي بالقليعة

بثينة المكودي

تعيش مدينة القليعة التي أصبحت مركزا حضريا منذ انتخابات 2009، إشكالا حقيقيا يتعلق بغياب قنوات الصرف الصحي بعدد من أحيائها، حيث يلجأ ساكنتها إلى حفر “المطامر” من أجل صرف المياه العادمة من البيوت ، الشيء الذي خلق معه عمل  غير مهيكل يؤدي بحياة عدد من العمال”طالب معاشه” إلى الهلاك،حيث لقي شاب ثلاثيني معيل لأسرة من ثلاث أطفال،حتفه  بجانب زميل له وهما يحاولان حفر وإفراغ أحد “المطامر” يفي 27 غشت الماضي بحي الخميس القليعة.

هذا العامل  الذي لقي مصرعه،  لم يكن الأول ولن يكون الأخير في ظل غياب حل جدري لمشكل الصرف الصحي بالقليعة، بكل تبعاته بما فيها  المهن غير المهيكلة وغير المؤمنة

وفي محاولة من جريدة “دابابريس”  لتسليط الضوء على هذا الملف الشائك،  بغاية تفادي ضياع حياة عامل آخر  فتحنا هذا التحقيق الصحفي،  وتوجهنا نحو جماعة القليعة، ونحن محملين بأسئلة، هدفها  معرفة الأسباب التي تقف حاجزا أمام تطهير سائل مدينة القليعة، و الكف عن حفر هذه المطامر التي تحولت لقنابل موقوتة تهدد المدينة بالتلوث في كل فصل ماطر، وتجبر السكان على جلب عمال يعملون عملا محملا بالمخاطر،  تفريغ المطامر كلما دعت الضرورة لذلك.

ونحن في انتظار رئيس جماعة القليعة مررنا بحي الجنان والخمايس حيث لا يتوفر الصرف الصحي، وهناك التقينا بأحد العمال ممن يشتغلون في عمل غير مهيكل، حسن الشهابي ليخبرنا عن معاناة العمال في إفراغ المطامير،هذا العمل الذي يعرضهم لخطورة التلوث الصحي أو لحوادث الغرق وسط المطامير،والذي لا يجدون بدا منه إذ يوفر قوت يومهم.

جرافات حفر المطامير القليعة

وأخبرنا حسن بتفاصيل موت العامل الثلاثيني حيث قال إنه نزل للمطمورة لانقاد عامل اخر تعرض للاختناق فإذا به ينقد زميله ويهلك، وأضاف في التصريح ذاته،  أن العمال حاولوا ان يتنظموا داخل جمعية لكن غياب وعيهم السياسي والجمعوي لم يمكنهم من تنظيم  أنفسهم ولا من المطالبة بحقوقهم،

وأكد في السياق ذاته،  أنه لن يتوقف عن عمل إفراغ المطامر بسبب غياب عمل آخر يعيل به عائلته شأنه شأن باقي العمال، داعيا  إلى ادماجهم في عمل لائق  لأنهم يقدمون خدمات للجماعة والساكنة .

بعد هذا الحديث، عرجنا للقاء نائب رئيس الجماعة الثاني المكلف بالصرف الصحي والماء الصالح للشرب، حيث  صرح لنا،  أن مسيري الجماعة يعملون على هذا الملف منذ كانت جماعة القليعة جماعة قروية سنة 1992، وأنه خلال سنة 2011 ومن خلال البرنامج الوطني للتطهير،أحرزت الجماعة تقدما ملموسا، حيث منحت موافقة انطلاق عملية التطهير لكنها صادفت عراقيل متعلقة بالتمويلات، حيث أوضح الحسان المهدي أن الداعمين الملتزمين لم يتمكنوا خلال هذه الفترة من توفير التمويل المخصص باستثناء  وزارة الداخلية التي وفرت حصتها من الدعم المادي والسلطة الاقليمية الدعم المعنوي،

جماعة القليعة

فيما عجز المكتب الوطني للماء الصالح للشرب عن تطبيق خطة الدعم لديه الى حدود سنة 2015،حيث تم إطلاق مجموعة من صفقات تطهير المياه غطت 60% من مناطق القليعة،بمزانية تقارب 32مليار خصصت حصة الاسد منها لانطلاق محطة المعالجة  التي سيتم ربط الساكنة من خلالها بالماء الصالح للشرب،أي ما يناهز 17مليار، لكنها ستتوقف مرة أخرى، بسبب  جائحة كورونا.

لقاء نائب رئيس جماعة القليعة المكلف بالصرف الصحي وتنقية المياه

واضاف النائب المكلف بالصرف الصحي أن عملية المعالجة وتطهير السائل  استأنفت من جديد منذ شهر شتنبر 2022,لحدود الساعة حيث تلقت الجماعة 5000 طلب ربط بالماء الصالح للشرب، وتم تسليم  3900رخصة ربط منه،موضحا،أن استقبال طلب الربط لازال قائما بمعدل 30 طلبا في اليوم،ويتم دراسته وتسليم الرخصة المتعلقة به في اليوم الموالي.

كما أوضح أن 40%  من السكان الغير متوفرين على قنوات الصرف الصحي موضوع الإشكال، طورت الدراسة بشانهم وأكد أنه سيتم ربطها في الحالة العادية  اي اذ لم يطرأ طارئ خلال الثلاث السنوات القادمة، مؤكدا أنه بحلول 2026 لن تعرف القليعة مشكل الصرف الصحي.

لننتهي  بخلاصة مفادها  عدم وجود سبب سياسي يحول دون تطهير سائل القليعة، غير العامل المادي والحجم الدميغرافي  الكبير لساكنتها التي تصل الى 140000نسمة.

وبخصوص مآل العمال “طالب معاشو” الغير المهيكلين في هذا الشغل، صرح لنا، نائب الرئيس أن الخدمات التي يقومون بها هي خدمات جد مهمة، لكنها غير مؤطرة ولا علاقة لها بالجماعة ، وهي عمل  خاص وعشوائي،  مشيرا أنه يمكن دراسة إدماج من تقدم بطلب كتابي لمكتب ضبط الجماعة،بعد استكمال عملية الربط كليا.

وعودة للعمال الذين يضحون بحياتهم مقابل 100درهم أو أقل لافراغ المطمورة الواحدة، فقد تبين من خلال تحقيقنا أن الخدمات التي يزاولونها تعرضهم للخطر المباشر وللاصابة بعدد من الأمراض الناتجة عن الغاز والروائح وقد تؤدي بهم للموت، وأنه لا يوجد اي إطار قانوني لحمايتهم او لتأمين حياتهم وتغطية مصاريف صحتهم،  لأنهم أصحاب مهنة غير واردة في  إطار القوانين المنظمة للمهن بما فيها المقاول ذاتي.

ليبقى هؤلاء العمال عرضة للخطر دون أي تأمين صحي،وتحت تهديد البطالة وقلة الحيلة،في حالة الاستغناء عن خدماتهم، الى أن يصدق وعد نائب رئيس جماعة القليعة ما لم يتغير مسيروها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى