الرئسيةرأي/ كرونيك

الحركة التقدمية وأسئلة البعد الإجتماعي في الهويات الحزبية..من وحي الإرتباك الجاري في المشهد السياسي والاجتماعي

بقلم: مصطفى المنوزي

لا يمكن الحديث عن اليسار ( مكوناته المثابرة وجوديا ) ومده التقدمي دون تقييم إستراتيجيته في العلاقة مع الأبعاد الإجتماعية في برامجها وهويتها الحزبية، وقد لوحظ تركيز الأحزاب الوطنية والديمقراطية على الحقوق السياسية والمدنية بدليل اهتمامها، في عروضها السياسية ومذكراتها المقدمة إلى الدولة  بالإصلاح الدستوري والسياسي والتشريعي والمؤسستي، في حين تم إهمال المسألة الإجتماعية أو تركها بتفويضها للهيئات الإجتماعية والنقابية والجمعوية / المدنية بدعوى أنها من صلب العمل الجماهيري.

والحال أن القضايا الإجتماعية تعد جسرا مباشرا للتواصل والإحتكاك بالجماهير الشعبية ووسيلة لتعبئة الفئات الهشة والكادحة المتضررة في مجالات الصحة والشغل والتعليم، وهي قطاعات حساسة ومرتبطة بالحق في حياة كريمة، وقد دون التاريخ وقائع الأزمات الإجتماعية وما نتج عنها من توترات وإحتقانات وانتفاضات إجتماعية في المجال الحضري وكذا القروي، وإنفلاتات أمنية وانتهاكات جسيمة وغيرها لحقوق الإنسان.

وإن الدولة تعاملت مع هذه العواقب بمقاربة أمنية بإعنبارها تنتمي في نظر مهندسيها الأمنيين إلى لحظة “” اللايقين “” المخيفة  في حين كانت بالنسبة لبعض الأحزاب لحظة لبناء تسويات باعتبار الحالة النضالية ورقة للضغط توفرها الحركات العفوية أو المؤطرة ” بمقتضى الأحزمة النقابية التابعة.

انتفاضة 23 مارس 1965

ويبدو أن مكاسب كثيرة تحققت لكنها تظل جزئية باانظر إلى المقابل الذي فرضه ” التعاقد حول السلم الإجتماعي الممهد لمرحلة التناوب التوافقي ومانتج عنه من ” تنازلات متبادلة ” كان ثمنها إصلاحات غير جوهرية غير مقنعة توجت بتعديل للفصل 13 من الدستور والذي عوض بالفصل 31 منستور2011 الذي سحب الضمان للحقوق الإجتماعية بعد مضمونة في دستور 1996، فإلتزام الدولة والمؤسسات الدستورية والعمومية صار مجرد إلتزام بالسعي وبذل عناية بعد أن كان مضمونا لكون الإلتزام بتحقيق نتيجة مدسترا.

إنه بالنظر إلى الفاعلين في المشهد السياسي بمناسبة الدخول الإجتماعي يبدو بأن المبادرات العفوية ( موجهة طبعا و ليست مرتجلة بالمطلق ) لن تكون ناجعة في ظل تضخم جدول الأعمال الوطني، في ظل تراخي وشتات الفعل الحزبي.

إنها أزمة سوء تنسيق الإختلاف وتدبير التعددية المقارباتية . ولقد دأبت الأحزاب والفعاليات السياسية على المناداة بالمزايدة بتحقيق وحدة تنظيمية ، والحال أن المطلوب هو إنجاز وحدة نضالية على أساس الحد الأدنى، كتمرين سياسي وديمقراطي على تدبير المشترك، ولعل المسألة الإجتماعية ( والثقافية حتى أي المرتبطة بالمنظومة التربوية وتفرعاتها من أسرة ومدرسة ووقت حر ) تعد مدخلا للنقاش الحزبي التقدمي، ولعل البداية تكون من سؤال تحديث آليات دمقرطة الحوار حول التضامن الإجتماعي وربطها بالمسؤولية الإجتماعية؛ يوازيه نضال إجتماعي وإقتصادي يؤهل العمل النقابي ويطور وسائل التفعيل ، وتتوج الديناميات ببلورة خلاصات تدشين مشروع مجتمعي غايته بناء الدولة الإجتماعية ! فلنفكر جميعا في صيغة للتناظر !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى