أودع 2018 وقد عشت فيها تجربة مريرة لم أتخيل يوما أن أحياها
وجدت نفسي في قبو مظلم، خانز، لا هواء فيه لمدة تتجاوز الخمس عشرة ساعة إلى جانب نشالين وسكارى وعاملات جنس ومغتصبين ومغررين بقاصرات وشبان عنيفين يحملون جروحا على الجباه وآخرون قادهم حظهم العثر إلى ذلك المكان السيء.
كان الطابق السفلي، في الدائرة الأمنية الثانية بالرباط، أشبه بحظيرة للبهائم يتعارك فيها المساجين كالديكة ويتبادلون لفافات السجائر والسباب.
قضيت وقتا طويلا على كرسي مكسور اتبادل أطراف الحديث مع شرطي الحراسة الليلية داخل مكتبه أمام شاشة تراقب الزنازين وكان ذلك وضعا تمييزيا إلا أني تعبت بعد منتصف الليل ورغبت في النوم ولو على البلاط.
بحتث عن كاشة أضعها على “الضص” البارد فلم أجد غير غطاء بال أسود نتن رائحته تزكم الأنوف ثم توجهت إلى زنزانة، غير مكتظة، كان فيها خمس مساجين.
كان الشرطي لطيفا وقد أعطاني حق الإختيار. كنت كمن يستجير من الرمضاء بالنار.
في الزنزانة جندي شاب من القوات المساعدة يبدو انه غرر بطفلة والثاني كهل في حالة سكر طافح والثالث شاب مدع يبدو أنه لص والرابع شاب مغربي بلجيكي اقتيد من طائرته بعدما شم كلب المطار رائحة الحشيش في حقيبته اما الخامس فقد كان في حالة نوم عميق وكأنه في سرير فندق مصنف.
حاولت النوم دون جدوى خاصة بعد قدوم مهاجر إفريقي بدأ يصلي صلاة غريبة بصوت عال ويصفع الجدار بيمناه على رأس كل دقيقة.
في الزنزانة المجاورة معتقل مقرقب يصيح:
– والشاف عتقني راه هاد الز*** بغا ي**ني
الدقيقة هنا بعقد والساعة تعادل قرن.
في الصباح وقفت أمام وكيل الملك في المحكمة الابتدائية كنت مؤازرا بخيرة المحامين في ملف أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه سريالي.
بعض من أصدقائي تصرفوا كإخوة إبان محنتي واخوتي، لن أشكرهم لأننا رضعنا حليب المحبة والتضامن من ثدي واحد، أما زوجتي العظيمة حنان زيدي فلن أوفيها حقها ما حييت لأنها أظهرت في هذا الظلم الكبير موقفا منقطع النظير.
كتبت كل هذا لأتمنى للمغرب سنة جديدة تحترم فيها الحريات وكرامة الناس ولأتمنى لكم صديقاتي أصدقائي العافية والنجاح ووطنا جديرا ببناته وأبنائه.