الرئسيةمجتمع

فتح تحقيق جديد في قضية محمد الراعي الطفل

بقلم: بثينة المكودي

في كل مرة نكتب، نراكم الأسى، ولا نجد جواب،  نرفع الصوت لأن الصمت خيانة، ولأن محمد الراعي الصغير  لا يملك صحيفة ولا منصة ليدافع عن نفسه.

مات دون أن يدافع عنه أحد، وها نحن نطارد الحقيقة التي تأخرت، وربما تدفن معه، كما يمكن أن اطفوا الى السطح وتتحقق العدالة.

اليوم، بعد أسابيع من الانتظار، جاء ما يشبه بداية طريق نحو الأمل؛ النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرشيدية أعادت رسميا فتح التحقيق، استجابة للضغط الشعبي والحقوقي، وبعد أن تهاوت فرضية “الانتحار” أمام شهادات الأسرة، وأمام أسئلة لا يجيب عنها الصمت.

التحقيق الجديد انطلق منذ أواخر يونيو، ويشمل فحص الأدلة، واستدعاء الشهود، وربما إعادة تمثيل الوقائع في مسرح الحادثة،  خطوة جاءت بعد أن تحركت للجمعيات الحقوقية والشبيبة الاتحادية بميدلت، التي أصدرت من جهتها ايضا بيانا دعت فيه إلى تحقيق نزيه وشفاف، لا يرضى بالمُسكّنات، ولا يقبل أن يُغلّف موت الأطفال بتبريرات جاهزة.

وفي المقابل، لا تزال الأم تُصرخ من داخل بيتها هناك في المغرب الذي يصر أن لا يكون منسي:

“دم ولدي في رقبة كل من صمت، أو تستر، أو حاول يطمس الحقيقة. محمد ما كانش مريض، وماشي اللي ينتحر.”

صوتها أقوى من كل البيانات، لأنه صوت أم فقدت كل شيء، ولم تُطالب إلا بالحقيقة.

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان  فرع بومية، رفضت منذ البداية فرضية الانتحار، واعتبرتها محاولة لتأمين مخرج سهل في قضية معقدة، بينما المركز المغربي لحقوق الإنسان اعتبر ما حدث “اغتيالًا صامتًا للطفولة”.

إن أصوات المجتمع اليوم لا تطلب معجزة، فقط الحقيقة، فقط أن تتعامل مؤسسات الدولة مع محمد الراعي الصغير كأنه ابن هذا الوطن، لا مجرد اسم في محضر.

نُريد أن معرفة الحقيقة هل قتل محمد. ومن تستّر عن الواقعة ومن اختار أن يصمت وهو يعرف، أو هل أقدم على الانتحار ومن المسؤول عن هذا القرار؟من وراء انتحار الطفولة؟

إن هذا الملف ليس فقط اختبارًا للعدالة، بل امتحان أخلاقي لوطن بأكمله.

نحن نُراكم الخيبات، لا المقالات.

لكننا سنواصل، لأن محمد لا يملك إلا أن نكتب باسمه، أن نحفر في جدار الصمت حتى آخر صرخة، أن نُصرّ على أن ما جرى لم يكن “انتحارًا”، بل نتيجة وطن يشيح بوجهه عن أطفاله حين لا يكونون أبناء المركز، أو أبناء النفوذ.

التحقيق أعيد فتحه.

والحقيقة قادمة.

ولن نصمت.

فمن يُنصف هذه الأم؟ من يسمع محمد وهو يصرخ من تحت التراب لماذا تركتموني وحدي؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى