رأي/ كرونيك

الحج بين الوهابية والإنسانية

مروان اديشو فرنسا

حرب على اليمن، التطبيع مع إسرائيل، اغتيال نشطاء حقوقيين، تحويل مكة إلى مدينة تتمركز بها كل المباني الشاهقة تكاد تحجب الرؤية على الكعبة، حج خمس نجوم, تدبير ضعيف لمراسيم الحج، غياب المساواة  حتى في القيام بالفرائض الدينية، كثرة الفتاوى التبريرية و..و..و.. الا تعتبر القيام بمراسم الحج أو عدم التنديد بهذه التجاوزات في هذه الظروف جريمة في حق الإنسانية و الذين في حد ذاته ؟ كل هذه الأسئلة دعتني للبحث في الموضوع وإدلائكم ببعض المعطيات يجهلها البعض منا توضح كيف اصبح الإسلام السياسي و امتداد الوهابية خطر على الدين و كيف اصبح اداة لكتم الأفواه، لست فقيه و لا عالم في الدين  لكي افتي فيه  لكن سنتطرق لما هو ملاحظ في حاضرتنا،

السياحة الدينية ؟

يعتبر الحج ركن من أركان الإسلام، وهو عبارة عن حج المسلمين الى مدينة مكة في موسم محدد من كل العام، فرض في السنة التاسعة من الهجرة، حيث كان الكل سواسية في اللباس، الأكل و مشقة التنقل، إلا أنه وفي عصرنا الحديث أنجزت الحكومة السعودية عدة توسعات على الحرم الشريف ليستوعب ما قدره تقريبا 3 ملايين حاج في حين في خمسينات القرن الماضي لا تتجاوز طاقته الاستيعابية 100 ألف حاج، أي بمنطق الزيادة في التوسع أي الزيادة في الأجر وفي نفس الوقت زيادة في الأرباح،  كما ايضا تعتبر السياحة الدينية المصدر الثاني للدخل بعد البترول في المملكة، ولكي نكون أكثر دقة، تقدر الأرباح هد القطاع ب20 مليار دولار منها 12 مليار فقط مداخل الحج و العمرة سنويا الشيء الطبيعي بعد تحويل مكة إلى لاس فيكاس بالمباني الشاهقة والفنادق الفخمة، و العروض الطبقية البعيدة عن الدين وعن مفهوم الحج وعن الكل المفاهيم التي يستوعبها العقل،

الحج خمس نجوم ؟

حج خمس نجوم ظاهرة جديدة بينها وبين المساواة في الدين مجرات طغى عليها الجانب المادي و الاستثماريحيتاصبحنانجدجمعيات تنظم رحلات للقيام بمناسك الحج و تقترح مثلا عرض اجتماعي ب 4700 يورو وعرض ارتياحي بي 5300 يورو، و في نفس الوقت تجد عروض أخرى ارستقراطية هي “مخيمات الخمس نجوم” مخيمات الرفاهية، كراسي بيضاء ذات استخدام متعدد،  للجلوس او نوم و اخرى للمساج مخصصة للفنانين و السياسيين و رجال الأعمال تتراوح تكلفة الحاج الواحد 24 ألف يورو وهل هكذا يكون الحج ؟ وكيف يمكن لصلاة في الفندق أن يكن لها نفس أجر صلاة الجماعة أحد أبرز الفتاوى.

الحرب على اليمن ؟

صنفت أسوأ أزمة إنسانية في القرن بعد أربع سنوات من الحرب و في طريقها للدخول في السنة الخامسة، أكتر من 60 ألف مدني مسلم عربي حوثي قتل من طرف التحالف الدولي التي تقوده السعودية، آلاف آخرون توفوا بسبب سوء التغذية من بينهم 85 ألف طفل و طفلة يبلغ عمرهم أقل من خمس سنوات، المنظمات الحكومية الدولية أندرت الرأي الدولي على سوء الاحوال التي يعيشونها اليمنيين من بينها المنظمة الفرنسية ضد المجاعة  التي أنذرت الرأي العام حول “خطر المجاعة” حيت 17,8 مليون يمني أي 60% من الساكنة يعانون من غياب أمن غذائي 8,4 مليون منهم على وشك المجاعة من بينهم 4,2 مليون طفل، كما يمكن إضافة مليون طفل الى هذا العدد مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والغاز.

كما هو الحال للمنظمة الغير حكومية أطباء بلا حدود التي استنتجت نفس الخلاصات حول ما يعيشه الأطفال باليمن من سوء للتغذية و معاناة يومية وصور مؤلمة على ما تعيشه الإنسانية بهذه المنطقة، و المؤسف أيضا أن  1800 مدرسة تأثرت بسبب الحرب منها 1500 مدرسة دمرت جزئيا أو كليا و 21 مدرسة احتلتها الجماعات المسلحة، أزيد من مليون طفل انقطعوا عن الدراسة، بسبب غياب الأمن استنادا لإفادات المنظمة الغير الحكومية “إنقاذ الأطفال save the children”، وهي الحرب التي من المعلوم أن المغرب ساهم فيها، قبل أن ينسحب منها بعد مرور حوالي السنتين.

أين هي الإنسانية و السلم و السلام الذي حثنا عليها الإسلام؟ دون نسيان واقعة اغتيال الناشط الحقوقي جمال خاشقجي و آخرين، و كذلك كل التعذيب النفسي و الجسدي و الترهيب التي تعيشه كل الناشطات الحقوقيات، وأبشعها ما جاء على لسان ريم القحطاني، بما في ذلك الفضائح التي نشرت على موقع ويكي ليكس من تطبيع وتطور العلاقات بين النظام السعودي الوهابي و الإسرائيلي.

المجازر الأثرية للمملكة السعودية ؟

الآثار هي رموز من التاريخ و دلائل على مرور أجيال و حضارات عمرت بتلك المناطق و تساعد على دراسة التاريخ،  و الموروث المادي الإنساني، المملكة السعودية ساهمت في أكبر مجزرة للآثار بإزالتها ل 95% من آثار المدينة المقدسة، هدم بيت خديجة و بنت فوقه 1400 من المراحيض العامة، هدمت قلعة أحباد التاريخية و حلت محلها برج الساعة العملاق، هدم بيت ابو بكر الصديق و بنيت فوقه فندق هيلتون، البيت الذي ولد فيه النبي محمد تحول الى سوق للماشية، بعد أن بني فوقه مكتبة عامة يمنع الدخول اليها، اين هي الدول الاسلامية والعربية التي صوتها يعلو فوق جميع الاصوات عندما يدمر مسجد أو تراث ديني، أليس بيت الذي ولد فيه النبي إرث ديني؟ أم هو امتداد للوهابية وسيطرتها  على كل الانظمة العربية.

في ظل كل هذه الجرائم المرتكبة من طرف النظام السعودي الوهابي، أختم لكم  بسؤال وجيه هل يمكن اعتبار المساهمة في السياحة الدينية  للمملكة السعودية  جريمة في حق الإسلام و المسلمين ؟، و كيف لنا إعطاء الشرعية لنظام حكم ينتهك كل حقوق الإنسان  و يقتل أطفال و نساء أبرياء؟ أليس من الواجب علينا إيقاف مد هدا الإسلام السياسي الوهابي؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى