الرئسيةثقافة وفنوندابا tv

كاتبة مصرية تكتب: فلسطين في أغاني «لمشاهب» و«جيل جيلالة» + فيديوهات وصور

بقلم الكاتبة المصرية مروة صلاح متولي

في غناء المغرب وألحانه نجد الكثير من الأعمال التي تتناول القضية الفلسطينية، سواء عند الأفراد من كبار المطربين، أو المجموعات الغنائية، التي ازدهرت بقوة في سبعينيات القرن الماضي على وجه التحديد. وعلى الرغم من أن بعضها بدأ ظهوره في أواخر الستينيات، وامتد إلى الثمانينيات وما بعد ذلك، إلا أن فترة السبعينيات تظل الفترة الأكثر ألقاً والأشد ثراءً في تاريخ المجموعات الغنائية المغربية، فيها لمعت نجوم ناس الغيوان ولمشاهب وجيل جيلالة، بالإضافة إلى بعض المجموعات الأخرى، والثنائيات أيضاً، التي قدمت أعمالاً مهمة.

الملاحظ أن ظاهرة المجموعات أو الفرق الغنائية، حققت نجاحاً هائلاً في المغرب، يفوق نجاحها في أي دولة عربية أخرى، إذ تعدت كونها مجرد تجارب فنية جميلة، أقرب إلى روح الهواية من روح الاحتراف، أو محاولة انطلاق لشباب يبحث عن بداية، أو مسايرة صيحة عالمية كانت رائجة بشدة، عندما كانت موسيقى البيتلز والآبا وغيرهما تجتاح العالم أجمع. في المغرب اتخذ الأمر شكلاً آخر، إذ اتسم بأقصى درجات الجدية، في صياغة الكلمة أولاً، وعمق المواضيع، التي يتم تناولها، وكذلك في عملية تأليف الموسيقى، التي تبدو كما لو أن أعضاء هذه المجموعات الغنائية، كانوا يقومون ببحث طويل في هوية الموسيقى المغربية، وروافدها المتعددة المتشابكة، وجذورها الأندلسية والعربية، والأمازيغية والإفريقية. وإلى جانب عملية البحث المستمر، كان هناك العمل الدؤوب على صياغة الشكل الموسيقي الخاص، الذي يميز كل مجموعة عن الأخرى. فذهبوا إلى الآلات الموسيقية الخاصة بالمغرب، التي يعود تاريخها إلى أزمنة قديمة، وتغيير صوت بعض الآلات المعروفة ليكون مميزاً، ومعبراً عن أجواء الفرقة وأفكارها الفنية. لذلك لم تكن المجموعات الغنائية في المغرب، نسخة باهتة من الفرق الأجنبية العالمية، بل كانت منافساً يحظى باعتراف الغرب نفسه، قدم للعالم العربي والإفريقي موسيقاه النابعة من أرضه، المحملة بهمومه وقضاياه.

القضية الفلسطينية الحاضرة

حملت المجموعات الغنائية المغربية القضية الفلسطينية، ورفعت صوت آلامها فوق مسارح العالم، وهناك من هذه المجموعات من أعد ألبوماً كاملاً عن فلسطين، كمجموعة «ناس الغيوان» وهناك من أبدع أغنيات متفرقة كمجموعتي «لمشاهب» و»جيل جيلالة». غنى فريق «لمشاهب» أغنية «فلسطين» التي تبدأ بنطق اسم فلسطين كما لو أنه نداء عال ممتد، يحاول أن يصل من المغرب البعيد جغرافياً عن فلسطين، إلى أسماع الأرض القريبة وجدانياً، العزيزة على القلب. يقول مطلع الأغنية:

«فلسطين يا أولى القبلتين.. فلسطين يا ثالث الحرمين.. يا روح في الذات أسيرة.. يا أصالة وعروبة وغيرة». ترثي الأغنية حال فلسطين وحال العرب بشكل عام، تشكو العجز والضعف والتراجع، فتقول:
وكيف جرى يا العربي وكنا غافلين بيهم..
علينا يشدوا الحصار..
هما في العلالي برزوا بحثوا العلم العالي..
واحنا سقطت عملتنا..
تخلفت حالتنا.. وشكون المسؤول؟ ..
واش فلسطين الكبيرة تعود دويلة صغيرة؟ ..
شكون المسؤول فينا؟ ..
أويلي يا بابا وكبار الأمة هما أصل الندم».

تنوع تناول فرقة «لمشاهب» للقضية الفلسطينية، فهناك الأغنيات المباشرة، الصريحة في تعبيراتها، وهناك الأغنيات التي تتناول القضية من منظور أكثر اتساعاً، كأنها تنظر إلى الصورة من بعيد، وتحيط بكافة تفاصيلها وتعقيداتها، ودائماً تربط أغنيات «لمشاهب» القضية الفلسطينية، بمسؤولية العرب عموماً، فهي ليست قضية داخلية تخص دولة بعينها، بل قضية عربية إسلامية إنسانية شاملة، يتحمل العالم بأكمله المسؤولية الأخلاقية على الأقل، لكن العرب هم المسؤولون عن هذه القضية في المقام الأول بطبيعة الحال، ولا تنتظر في فلسطين العون والنصرة من العالم، بقدر ما تنتظره من العرب، وهذا ما عبرت عنه أغنية «المنادي» لفريق «لمشاهب» إذ تقول: «هل تسمعوا منادياً ها قد ناداكم؟ لا ولا ولن يرتجي في نجده غير سواكم.. غريق يطالب منكم نجدة.. ولن يرتجيها في بحر الظلام.. أليس لكم عطفاً لهذا المنادي؟ أو حلاً سليماً ليؤسي الأعادي؟».

وفي أغنية «يا مجمع العرب» يخاطب فريق «لمشاهب» الأمة العربية، ويحاول أن يحرك جمودها ويحيي مواتها، من أجل إنقاذ القدس ونصرته. يقارن حال العرب مع حال بقية الأمم، أمريكا وروسيا وسعيهما إلى السيطرة على الفضاء، وفرنسا وألمانيا وصناعتهما للأسلحة والطائرات الحربية.. يذكر العرب بتاريخهم القديم، ويحثهم على النهوض وحماية القدس وكل عربي مظلوم.

«حط المريكان في قلب القمرة..
وقوم الروسيا في قلب المريخ..
تهيأ الجابون لصعود الزهرة..
وأنشأ علم جديد في صنع الصواريخ..
واحنا في إفريقيا نموتوا بالقهرة..
من مبدأ الدنيا كان لينا تاريخ..
صنعت فرنسا الميراج للحروب..
والألمان السلاح المجهد..
بلانا الطليان بالعجب في الكتب..
أنواع التخدير والسم المكرد..
أنا خايف شي نهار ما ينفع هروب..
غير اللسان الطويل والدراع البارد..
يا مجمع العرب نوضوا انقلعوا..
سفن العجم في البحور دارت قيامة..
تيقولوا العدا العرب اتزلعوا..
مركبهم مكسور ما صابو علامة..
سلموا أمركم يا عرب اتجمعوا..
وتوصلوا في الهنا والسلامة..
أشفايت الحسود والجيران ساعدوا جنس العديان..
وعادت القدس جوارو..
نهزو بالعار نحمو أقطارنا ونأدو الوصية..
ونحمو كل عربي مضيوم من سلالة تاج الأنبيا».


إلى جانب فريق «لمشاهب» قدم كذلك فريق «جيل جيلالة» عدداً من الأغنيات عن فلسطين، ويلاحظ على أغنيات الفرقتين بشكل عام، الطول الزمني حيث تمتد معظم تلك الأغنيات إلى 12 دقيقة تقريباً، ويراعى فيها وجود المقدمة الموسيقية، والإلقاء الشعري في بعض الأحيان، بالإضافة إلى الفواصل الموسيقية الطويلة، حيث العناية بالموسيقى بشكل كبير، لا يجعلها مجرد مرافق للكلمات، أو تلحيناً لها، بل هناك ما يتم قوله والتعبير عنه من خلال الموسيقى البحتة داخل الأغنية. وفي كلمات هذه الأغاني تتلاقى العامية مع الفصحى أحياناً، ويمتزج الشعر بالزجل، ويتداخل معهما النثر، أو التعبيرات التي تبدو أقرب إلى النثر. كما يوجد اهتمام بالغ بالإيقاعات، وهي إيقاعات ثرية للغاية ومتنوعة بحكم العادة في المغرب، ومع الإيقاع يوجد كذلك اللحن الميلودي الجميل، الذي يجذب الجمهور إلى هذا اللون من الموسيقى. والسمة الغالبة على أداء هذه الأغنيات، الصوت القوي المنبعث من طبقات مرتفعة، الصارخ بالألم أحياناً، بالإضافة إلى الجدية الصارمة بشكل كبير.

من أشهر أغنيات فريق «جيل جيلالة» عن فلسطين أغنية «القدس» بلحنها الأخاذ الذي يعلق في الذاكرة، وجملتها المتكررة «الله يا مولانا الله». الأغنية تشكو حال البلاد العربية وفي مقدمتها فلسطين، توحد آلام العرب وعذاباتهم وانكساراتهم، وتضع يدها على مواطن الضعف في الشخصية العربية، سرعة الاشتعال وسرعة الخمود، والتجمد والامتناع عن الفعل. هذه المعاني جميعها، تدور في الأغنية حول القدس التي تنادي العربي ولا يلبي النداء لينقذها من تجبر الصهاينة وطغيانهم.
«يا الخالقني صار كل عربي في أرضك مشطون..
وكل كلامك عدل وإحسان..
لين بهاد القهرة طغى سكين الصهيون..
الله يا مولانا الله..
العربي خويا وقلب واحد دامياه الحربة..
العربي خويا جيل واحد قاهراه الغربة..
العربي خويا وشحال من عربي ساكن خربة..
العربي تارة يصيح نايح تارة يهبا..
العربي فين أيامك ما تجمد في الركبة..
العربي غير حالك قبل تجور النكبة..
والقدس تناديك يا العربي جاوب الرغبة».

وفي أغنية «يا عربي يا مسلم» يتناول فريق «جيل جيلالة» بطش الصهاينة أيضاً، ويخاطب في السامع عروبته وإسلامه، يذكره بالمولى عز وجل، ويدعوه إلى أن يكون في معية الله، وأن يستمد القوة والعزم من إيمانه، وأن يهب للدفاع عن المسجد الأقصى.

«يا عربي يا مسلم حالك اليوم يألِم..
صهيون في البيت يهدم..
لاش مازال تخمم..
امتى ناوي تعزم..
ياك وكيلك هو الله..
لاش مازال تخمم..
لا تكون مع اللي تحت التراب يقبر..
كون مع القهار..
لا تكون مع اللي حكمت فيه الأقدار..
كون مع الجبار..
لا تكون مع اللي قلبو أقسى من الأحجار..
كون مع الغفار..
كون مع الله ولا تكون مع الغير..
كون مع الله مول القضا والتدبير..
كون مع الله ما بحالو حد خبير..
كون مع الله لا تكون مع الغير».
ومن أجمل ما غنى فريق «جيل جيلالة» لفلسطين، أغنية بعنوان «ريح النصر لفلسطين» وفيها تعبير قوي عن مشاعر المغاربة في كل شبر من أرض المغرب تجاه فلسطين، وغيرتهم على البلد العزيز ومقدساته، ومكانه المحفوظ في القلب والضمير، والتبشير بنصر آت لا محالة.
«قبايل الجبال والأوطى والسهول..
والفيافي والدشورة..
عليك تغير طالبة يشرق نور الحق..
تصفى بيه الكدورة..
قاصدة ليك بالخير تصير اليوم منصورة..
يا شيوخ ويا شباب ونساء وأطفال..
تحت الخيام مقهورة..
في سجون العدا مأسورة..
ها هلال الرجعة بدا ينير..
راكم في القلب والضمير..
والله خبير..
وعدد ما تطول الشدة يهون كل تعسير..
ولابد من يوم معلوم ترجح فيه المظالم..
يا فرح من كان مظلوم ويا ويح من كان ظالم..
ريح النصرة قريب يعم فلسطين..
به البشرة تبان عزة للعربان».
المصدر: القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى