تصاعد اليمين المتطرف في الانتخابات البرلمانية الفرنسية: استحقاقات ومخاوف
كشف استطلاع حديث أن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، بزعامة مارين لوبان، يتصدر نوايا التصويت في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية الفرنسية. ووفقاً للاستطلاع، من المتوقع أن يحصل الحزب على حوالي 35% من الأصوات، متقدماً على الجبهة الشعبية اليسارية، فيما يحتل ائتلاف الرئيس إيمانويل ماكرون المركز الثالث.
و أفادت وكالة بلومبرغ للأنباء، أن استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة “إيفوب- فيدوسيال” لصالح إذاعة “سود راديو” أظهر أن 38% من المشاركين يؤيدون فوز حزب التجمع الوطني، وهو ما يمثل زيادة نقطتين مئويتين عن استطلاع سابق أجري في 10 يونيو. في المقابل، حافظ التحالف اليساري، الجبهة الشعبية الجديدة، على نسبة تأييد بلغت 29%، ليحتل المركز الثاني.ويأتي هذا التحول بعد أن أعلن الرئيس ماكرون حل الجمعية الوطنية في وقت سابق من الشهر الجاري، ودعا إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة عقب هزيمة حزبه في انتخابات البرلمان الأوروبي.
الا انه و على الرغم من عدم إمكانية التنبؤ بدقة بنتائج الانتخابات الوطنية، توقع استطلاع آخر أجرته شركة هاريس توزيع المقاعد في الجمعية الوطنية. تشير التوقعات إلى حصول حزب التجمع الوطني وحلفائه على ما يتراوح بين 235 و280 مقعداً، وهو ما يقل عن العدد المطلوب للأغلبية المطلقة (289 مقعداً)، لكنه يظل أكبر تكتل بفارق كبير عن الأحزاب الأخرى.
على الصعيد الاقتصادي تسود مخاوف كبيرة من تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد إذا ما وصل التجمع الوطني أو الائتلاف اليساري للجبهة الشعبية الجديدة إلى السلطة. هذه المخاوف تعززت بعد أن عرض ممثلو الأحزاب الرئيسية برامجهم الانتخابية أمام منظمات أرباب العمل يوم الخميس. يتهم أرباب العمل اليسار واليمين المتطرف بقطع وعود مكلفة جداً يمكن أن تؤدي إلى زيادة في الضرائب وارتفاع معدلات الإفلاس بين الشركات، مما سيؤثر سلباً على الاقتصاد الفرنسي.
هذا و يتنافس في الانتخابات زعيم التجمع الوطني، جوردان بارديلا، وزعيم حزب فرنسا الأبية، جان-لوك ميلانشون، ورئيس الوزراء الحالي، غابرييل أتال، ممثلاً عن المعسكر الرئاسي. وصرح أتال بأن “الفرنسيين سيختارون رئيساً للوزراء” من بين هذه الأطراف الثلاثة في الجولة الأولى من الانتخابات يوم 30 يونيو والثانية في 7 يوليوز.
في هذا السياق افتتح المعسكر الرئاسي الذي أضعفته الهزيمة في الانتخابات الأوروبية في 9 يونيو، مناقشات اقتصادية بالدعوة إلى عدم تغيير السياسة المؤيدة لقطاع الأعمال. من جهتها، دعت الجبهة الشعبية الجديدة إلى زيادة الحد الأدنى للأجور وإعادة فرض ضريبة على الثروات، فيما دعا زعيم التجمع الوطني بارديلا إلى إلغاء الضريبة على الإنتاج وخفض مساهمة فرنسا في ميزانية الاتحاد الأوروبي.
وقد اثارت البرامج الانتخابية للاحزلي تباينا كبيرا في الاراء حيث وصف باتريك مارتن، رئيس منظمة “ميديف” لأصحاب الاعمال، الإجراءات المقترحة من التجمع الوطني والجبهة الشعبية بأنها “خطيرة” على الاقتصاد الفرنسي. بينما دافع زعيم التجمع الوطني بارديلا عن خطته الاقتصادية، مؤكداً على ضرورة خفض مساهمة فرنسا في ميزانية الاتحاد الأوروبي بملياري يورو.
فيما تبقى مسألة إلغاء إصلاح نظام التقاعد، الذي أدى إلى رفع السن القانونية للتقاعد من 62 إلى 64 عاماً، موضوع جدل كبير. وصرح رئيس منظمة ميديف، باتريك مارتن، بأن الجدول الزمني والواقع بشأن إلغاء الإصلاح غير واضحين.
مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في فرنسا، يواجه المشهد السياسي تحديات كبيرة، حيث تتنافس القوى اليمينية المتطرفة واليسارية والمعسكر الرئاسي على السيطرة على الجمعية الوطنية. ويبقى السؤال الأهم هو ما إذا كانت الحكومة الحالية ستتمكن من استعادة ثقة الناخبين وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي في البلاد.