وقف إطلاق النار سيوفر للمغرب والإمارات وغيرها لإرسال قوات حفظ “سلام” هناك..فريدمان: نتنياهو ألاعيبه هزيمة هاريس وعودة ترامب للحكم
تحدّث الصحافي الأميركي، توماس فريدمان، عن سعي رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لـ”إنقاذ نفسه” وسط تصاعد المطالبات بخروجه من الحكم، بالتوازي مع عمله على فوز المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية، دونالد ترامب، وهزيمة منافسته الديمقراطية، كامالا هاريس.
وقال فريدمان مخاطبا هاريس إن هذا سيدفع نتنياهو بلا شك، القيام خلال الشهرين القادمين بأمور يمكن تهدد فرص انتخابها وتعزز من فرص دونالد ترامب، وعليها أن تقلق من هذه الحالة.
ووجه كلامه للرئيس قائلا: “سيدي الرئيس، من فضلك، من فضلك أخبرني أن نتنياهو لم يخدعك. لقد أجريت محادثات متكررة معه، كل منها تليها تنبؤاتك المتفائلة حول وقف إطلاق النار الوشيك في غزة – ثم يخبر أتباعه بشيء آخر”.
جاء ذلك، في مقال رأي كتبه في صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، حيث أكد فريدمان، المقرّب من الرئيس الأميركي، جو بايدن، أنّ لدى نتنياهو “مصلحةً واحدة، هي بقاؤه السياسي، حتى لو كان ذلك يقوّض بقاء إسرائيل على المدى الطويل”.
وخاطب فريدمان بايدن أيضاً، مشيراً إلى أنّ الأخير أجرى مع نتنياهو محادثات متكررة، “أعقبت كلاً منها تنبؤات الرئيس المتفائلة بوقف إطلاق نار وشيك في قطاع غزة، بينما كان نتنياهو يخبر أتباعه بشيء آخر”.
وأشار إلى أن نتنياهو هو أحد الأسباب التي جعلته يضع هذه القاعدة حول تقارير الشرق الأوسط: “في واشنطن، يخبرك المسؤولون بالحقيقة في السر ويكذبون عليك في العلن. في الشرق الأوسط، يكذب المسؤولون عليك في السر ويقولون الحقيقة لك في العلن. لا تثق أبدا بما يقولونه لك في السر – وخاصة نتنياهو. استمع فقط إلى ما يقولونه في العلن لشعبهم بلغاتهم الخاصة”.
وقال إن نتنياهو كان يهمس لقادة أمريكا، في مكالماته الهاتفية، باللغة الإنكليزية وأنه مهتم بوقف إطلاق النار واتفاقية الإفراج عن المحتجزين ويفكر في المقدمات الضرورية لما يسميه كاتب المقال “مبدأ بايدن”. ولكن بمجرد إغلاق الهاتف يقول لقاعدته، باللغة العبرية، أشياء تتناقض صراحة مع مبدأ بايدن، لأنها تهدد “مبدأ بيبي” وهو لقب نتنياهو. لكن ماهو مبدأ كل منهما؟
لدى شرحه ما سمّاه “عقيدة بايدن”، ذكر فريدمان أنّ الإدارة الأميركية الحالية “نجحت في بناء مجموعة من التحالفات الإقليمية، المصمّمة لمحاولات مواجهة روسيا في أوروبا، واحتواء الصين في المحيط الهادئ، وعزل إيران في الشرق الأوسط”.
أما حجر الزاوية لكلّ هذه التحالفات، “التي كان من المفترض أن تربط آسيا والشرق الأوسط وأوروبا، فهو التحالف الدفاعي الذي اقترحه بايدن مع السعودية”، وفقاً له.
وبحسب ما تابع، فإنّ “المفتاح للحصول على مثل هذه الصفقة من خلال الكونغرس هو موافقة السعودية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل”، بينما “المفتاح لدفع السعوديين إلى القيام بذلك هو موافقة نتنياهو على مجرد مناقشة إمكان تطبيق حلّ الدولتين”.
وتساءل: فما هو مبدأ بايدن، وما هو مبدأ بيبي “نتانياهو”، ولماذا هما مهمان؟
وأجاب قائلا إن مبدأ بايدن يقوم على التحالفات الإقليمية مع شركاء يمتدون من اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى الهند والخليج، وحتى حلف شمال الأطلسي في أوروبا.
إنها تحالفات أمنية واقتصادية، مصممة لمواجهة روسيا في أوروبا، واحتواء الصين في المحيط الهادئ وعزل إيران في الشرق الأوسط. مشيرا كعادته لجهود بايدن دفع التطبيع بين السعودية وإسرائيل.
وأضاف أنه منذ حرب غزة في أكتوبر الماضي، كان فريق بايدن يحاول بحكمة دمج مبدأ بايدن مع وقف إطلاق النار في غزة واتفاق الأسرى، من خلال التأكيد على المزايا المهمة لكل من إسرائيل وأمريكا: فقد يؤدي ذلك إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، ويؤدي إلى عودة الرهائن، ويمنح الجيش الإسرائيلي المنهك وقوات الاحتياط استراحة ضرورية للغاية، لأن وقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يجبر حزب الله على وقف إطلاق النار من لبنان أيضا.
كما وسيخلق وقف إطلاق النار الظروف للإمارات والمغرب ومصر لإرسال قوات حفظ سلام إلى غزة بالشراكة مع السلطة الفلسطينية المطورة، حتى لا تحتاج إسرائيل إلى احتلال دائم هناك، ويتم استبدال حماس بحكومة فلسطينية شرعية معتدلة.
وأشار إلى أن بايدن كان يخبر نتنياهو، أن إسرائيل يمكن أن تجد شركاء عربا مستدامين لمسار آمن للخروج من غزة وتجد حلفاء عربا للتحالف الإقليمي الذي تحتاجه لمواجهة تحالف إيران الإقليمي المكون من حماس وحزب الله والحوثيين والميليشيات العراقية. وجهة نظر بايدن: يجب النظر إلى أمن إسرائيل اليوم في سياق أوسع بكثير من مجرد من يقوم بدوريات على حدود غزة.
صفقة بين الولايات المتحدة والسعودية، أو وافق على وقف إطلاق النار الفوري في قطاع غزة، “لأنّ هذه الأشياء ستكون بمنزلة مقدّمة لتنفيذ عقيدة بايدن”.
نتنياهو “فهم الرسالة”، بحسب فريدمان، حيث أعلن أنّه “سينهي الحرب في القطاع بعد أن تحقّق إسرائيل نصراً كاملاً، من دون أن يحدّد على ما يعنيه هذا”.
لكن نتنياهو الذي يريد تحقيق نصر كامل في قطاع غزة، عجز عن ذلك في الضفة الغربية منذ عقود، و”هو ما تثبته الاشتباكات اليومية هناك”، بحسب ما أكد فريدمان.
ووفقاً لما أضافه، فإنّ نتنياهو “نظّم الأمور على نحو يمكّنه وحده من اتخاذ القرار بشأن متى تنتهي الحرب، وهذا ما سيحدث عندما يناسب ذلك احتياجاته السياسية للبقاء”، لكن هذا الوقت “ليس اليوم بالتأكيد”.
ومن خلال ما يفعله تجاه الديمقراطيين، “يريد نتنياهو لترامب أن يفوز، ويريد أن يخبره بأنّه ساعده على الفوز”، بحسب ما رآه فريدمان.
وإذا فاز ترامب، قد “يعلن نتنياهو تحقيق نصره الكامل في قطاع غزة، ويوافق على وقف إطلاق النار من أجل استعادة الأسرى الذين ما زالوا على قيد الحياة، ويتمتم بضع كلمات عن الدولة الفلسطينية في المستقبل البعيد من أجل الحصول على صفقة التطبيع السعودية – الإسرائيلية، ويطلب من شركائه اليمينيين المتطرفين الأكثر جنوناً أن يرحلوا، بينما يترشح لإعادة انتخابه من دونهم”.
وتابع فريدمان، في تصوّره ماذا سيحدث في حال فوز ترامب: “من المرجح أن يكون برنامج نتنياهو: لقد حققت النصر الكامل في غزة، ومع ترامب صغت انفتاحاً تاريخياً بين إسرائيل والسعودية.. نتنياهو سيفوز، وترامب سيفوز، وإسرائيل ستخسر.. ستظل غزة في حالة غليان، وستصبح إسرائيل منبوذةً أكثر من أي وقت مضى، لكن بيبي سيحظى بفترة ولاية أخرى، وهذا كلّ ما يهم”.
أما إذا فازت هاريس، فإنّ نتنياهو “يعرف أنّه يحتاج فقط إلى النقر بأصابعه، وسوف تحميه جماعة الضغط المؤيدة لإسرائيل في واشنطن، آيباك، والجمهوريون في الكونغرس، من أي ردّ فعل سلبي”.