الرئسيةدابا tvسياسة

كرونولوجيا الأحداث “للهروب الكبير” بالفنيدق..محمد بن عيسى: الدولة لم تأخذ العبرة ولازالت تعتمد على نخب هشة متأكلة وفاسدة ولا تحظى بالقبول+فيديوهات

تداول مغاربة على منصات التواصل الاجتماعي صورة قالوا إنها "توثق لعملية توقيف أشخاص حاولوا التسلل إلى مدينة سبتة الإسبانية"، نهاية الأسبوع، وباستثناء توضيح قيل إنه رسمي صادر عن سلطات الفنيدق المغربية يقول إن الصورة "حقيقية لكنها قديمة"، و قالت إنها  لا ترتبط بما حدث في المدينة خلال الأيام الماضية، وإن عمرها يعود لعدة أيام خلت، أي أنها ليست قديمة جدا، ليست الصورة هي الواقعة الواحدة، هناك وقائع أخرى عديدة تبدأ بانسداد الأفق أمام فئة اجتماعية ببساطة هي التي تمثل المستقبل، وهناك شطط في استعمال السلطة، وهناك استمرار هيمنة المقاربة الأمنية التي أتبثت فشلها الدريع، وإن كانت الصورة مؤلمة على كافة المستويات.

محاولة لاقتحام الشريط الحدودي بين الفنيدق وسبتة، المغرب، 15 سبتمبر 2024 (فرانس برس)

في الحقيقة الوثيقة الرسمية الواحدة التي أمامنا والتي ترتبط بهذا الحدث الجلل الذي هز المغرب كله، وضمنه هذه الصورة، التي أثارت جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، الصورة التي تُظهر عشرات الأشخاص، نصف عراة، جاثمين بالقرب من سيارات “القوات المساعدة”، بينما وضع بعضهم يديه فوق رأسه، فيما يبدو أنها عملية توقيف واسعة النطاق، هي بلاغ الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بتطوان، الذي يعلن فيه، أن النيابة العامة أمرت بفتح بحث قضائي بخصوص تداول بعض مواقع التواصل الاجتماعي لصور بعض الأشخاص بلباس السباحة يجلسون على الأرض و بعضهم الاخر قبالة حائط إسمنتي.

وأضاف الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بتطوان، في بلاغ أمس الثلاثاء 17 شتنبر 2024، إن النيابة العامة أمرت بفتح بحث قضائي في الموضوع للوقوف على مدى صحة هذه الوقائع وخلفيات نشر تلك الصور، عهد به للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ليخلص إلى أنه، سيتم ترتيب الآثار القانونية اللازمة على ذلك فور انتهاء الأبحاث مع إشعار الرأي العام بنتائجه.

نحن إذا، إلى حدود كتابة هذه السطور أمام وثيقة وإعلان رسمي واحد يخص حدثا واحدا من مجموع الأحداث والوقائع التي صاحبت ما بات يعرف ب”الهروب الكبير”، لا ناطق رسمي باسم الحكومة تحدث ولا أي جهة رسمية تحدثت، بل ولا إعلام المسمى عموميا تحدث، وحدها مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض الصحف وكل واحدة عاجت الموضوع من زاويتها، فضلا عن بعض البيانات والمواقف المحسوبة على رؤوس الأصابع لبعض الهيئات السياسية والحقوقية، التي حاولت التموقف مما جرى.

شبيبة يسارية: محاولة الهجرة الجماعية محاكمة ميدانية لفشل الدولة في تحقيق التنمية وتكذيب واضح لدعايات وترويج مزيف لإنجازات

تفاصيل ما جرى

باتت مدينة الفنيدق المتاخمة لجيب سبتة الإسباني، مسرحا لأحداث غير معتادة بالشكل الذي حدث، نهاية الأسبوع الماضي، بعد أن امتلأت شوارعها بمئات الشباب والأطفال القادمين من مختلف أنحاء البلاد، رغبةً في العبور إلى الضفة الأخرى.

بهدف مواجهة محاولة  هذا “الهروب الجماعي” الكبير واللافت فيه الحضور الكبير  للقاصرين والأطفال الراغبين في خوض مغامرة الهجرة،  اتخذت السلطات المغربية إجراءات أمنية مشددة، و عززت وجودها في المنطقة، فضلا عن نشرها قوات إضافية على طول الحدود، وكثفت عمليات المراقبة، كما  رحلت العديد من الأشخاص إلى مدنهم، في محاولة لإحباط محاولات العبور، وفق ما أوردته تقارير محلية.

بدأت المطاردات البوليسية في تخوم مدينة سبتة المحتلةلثلاثة ليالي على التوالي أي منذ مساء السبت الماضي، 14 شتنبر 2024، إلى غاية الاثنين 16 شتنبر بل حتى صبيحة الثلاثاء 17 من الشهر الجاري، حيث جرت مواخات كر وفر، بين قوات الأمن ومئات الشباب والقاصرين،  الذين كانوا يحاولون تجاوز المعبر الحدودي بين مدينة الفنيدق والمدينة المحتلة بعد دعوات مجهولة لهجرة جماعية تمت على مواقع التواصل الاجتماعي.

رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، محمد بنعيسى، في سلسلة تصريحات له، أكد، أن عدد الذين ينوون الهجرة يقدر بالآلاف  و من مختلف المدن المغربية، غير أن الذين يتمكنون من الوصول إلى الفنيدق يكون في الغالب أقل، بسبب أن السلطات الأمنية تلجأ إلى منع  الكثيرين من بلوغ مدن الشمال، خاصة لجهة  القاصرين الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و16 عاما، عبر المراقبة في الحواجز عند مداخل المدن.

قوات مساعدة أمنية مغربية لصدّ المهاجرين ما بين الفنيدق وسبتة، المغرب، 15 سبتمبر 2024 (فرانس برس)

بدورها ذكرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع المضيق، أنه واستنادا إلى المعطيات المتوفرة فقد تجاوز عدد المشاركين في هذه العملية 4500 شخص “دافعهم الوحيد البحث عن الحق في العيش الكريم وفرص شغل تحفظ الكرامة الإنسانية”، وهو ما يعتبر وفق الجمعية الحقوقية بالمضيق، تعبير عن فشل جميع السياسات العمومية التي كانت تروج لإدماج الشباب وتوفير العمل اللائق.

و أشار بيان الحقوقيون بالمضيق إلى “وجود المئات من القاصرين غير المرافقين، بعضهم ذوو أعمار صغيرة جدا مقارنة مع التحديات التي تنتظرهم في هذه المحاولات”، و أن ذلك “يشكل عنوانا بارزا لفشل المنظومة التربوية واستفحال ظاهرة الهدر المدرسي وغياب تكافؤ الفرص أمام الجميع في الولوج إلى مدرسة عمومية ذات جودة”.

وأكدت الجمعية الحقوقية انه يوجد “طغيان المقاربة الأمنية في معالجة قضايا الهجرة، والتي لم تَحُل أبدا دون تكرار المحاولات اليومية بشتى الوسائل البرية والبحرية، وكثرة الضحايا والغرقى، مع وضع حواجز في مختلف الطرقات وحالة التوتر التي عانت منها مدينة الفنيدق والمدن المجاورة، نتيجة الاعتقالات وعمليات الترحيل المستمرة، بدون أي تأطير قانوني لحظر التجول والحد من حرية التنقل مما فتح الباب للتعسفات وعمليات الترحيل غير القانونية، والتي طالت أحيانا بعض أبناء المنطقة نتيجة عدم حملهم لبطائق التعريف الوطنية، إضافة إلى التدخلات التعسفية وما يصاحبها من ضرب وتعنيف وتكسير وأخذ للهواتف، والتي تم توثيقها بالصور والفيديوهات خلال المحاولات السابقة للهجرة”.

في السياق ذاته، أكدت الجمعية الحقوقية، أن كل هذه الأحداث التي حدثت تجري في إطار “غياب أية معطيات رسمية حول عدد المعتقلين في صفوف الشباب، ثم القاصرين خصوصا، والذين تم تحويلهم حسب بعض المصادر إلى أحد المراكز الاجتماعية بمرتيل في انتظار تسليمهم لأسرهم”، و مع “غياب معلومات دقيقة حول عدد الإصابات والخسائر المفترضة”، معتبرة أن “ندرة المعلومات ترجع إلى غياب بيانات رسمية صادرة عن السلطات الإقليمية لعمالة المضيق الفنيدق، التي تعودت على التعتيم وتسريب بعض المعطيات ‘باسم الجهات المحلية أو المختصة’، إلى بعض المنابر الصحفية المحلية في حالة وجود ضغط اجتماعي كبير”.

في نفس الإطار كانت “دابا بريس” و في حوار أجرته مع رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان في مرتيل محمد بن عيسى، “سينشر لاحقا”، أجاب عن سؤال يهم تقييمه للفعل الحكومي تجاه هذه الأزمة، بقوله، “اين هي الحكومة؟ جميعنا نبحث عنها فاعلون ومواطنون. بل اكثر من ذلك أين هم الفاعلون الاخرين الأحزاب وغيرها…

وأضاف في الحوار ذاته، ما يبقى في الساحة دائما المحتجون والسلطات الأمنية ويختفي الجميع. لماذا ؟ لان النخب أغلبها فاسد وضعيف وليس لديها تجذر اجتماعي … للأسف، النظام السياسي بالمغرب لم يأخذ العبرة مما سبق من أزمات ولا زال يعتمد على نخب هشة متأكلة ولا تحظى بالقبول.

وضع خطير وجد دقيق

يجب التأكيد هنا أن  المغرب يعتبر  ممرا تقليديا للهجرة غير النظامية باتجاه إسبانيا، ليس فقط بالنسبة للفقراء والفقيرات والمهمشات والمهمشين من المغرب، بل  بالنسبة حتى للقادمين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء أو العديد من الشباب المغاربيين خاصة من تونس والجزائر،  الذين يرغبون في حياة أفضل فيما كان يوصف ب “الفردوس الأوروبي”.

لنتذكر هنا أنه في  غشت الماضي مثلا،  كانت منعت السلطات المغربية 14648 مهاجرا من دخول سبتة ومليلية بشكل غير قانوني، إما عن طريق السباحة أو عن طريق تسلق السياج الحدودي، استنادا  للأرقام التي عممتها وزارة الداخلية.

في السياق ذاته، كانت كشفت السلطات أن 32 في المئة من محاولات التسلل غير القانونية التي تم إحباطها هذا العام استهدفت سبتة ومليلية، في الشهر المنصرم.

تشير مجمل الإفادات التي يطلقها خبراء في الهجرة، أن هؤلاء الشباب والقاصرين لم يعودوا يرون مستقبلهم في بلادهم، وأنهم فقدوا الثقة تماما في وجود أي أفق يمكن أن يمنحهم أملا، بل إن الذي ينتصر في وجدان وعقول هؤلاء هو الإحباط، ومن تم باتوا مستعدين للمغامرة وركوب المخاطر من أجل تحقيق ما يعتقدونه حلاً.

لنتذكر هنا أيضا،  الاستطلاع الحديث للرأي، والذي، أجراه مركز البارومتر العربي، حيث قال: إن 35 في المئة من المغاربة أعربوا عن رغبتهم في الهجرة، وأن 53 في المئة منهم، إنهم لا يرون مانعا أن تتم هذه الهجرة بدون وثائق.

اقرأ أيضا….

هجرة 15 شتنبر..حين سلط مجلس الشامي الضوء على ما وصفوا ب”NEET” بلا شغل ولا تكوين ولا مدرسة وقدروا ب1.5 مليـون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى