يتجنب استخدام التكنولوجيا..السنوار و “الرسائل المشفرة البدائية” و نظام معقد من الرموز والملاحظات المكتوبة في التواصل مع الخارج
قيل الكثير عن هذا القيادي النحيل ذي الشعر الأبيض، واللحية الخفيفة البيضاء، والحاجبين الأسودين، والذي يبلغ 61 عاما، فقد ولد في مخيم خان يونس للاجئين بغزة عام 1962، وهو ينحدر من عائلة كانت تعيش في عسقلان قبل تهجيرها إبان نكبة 1948، وتلقى السنوار تعليمه في مدارس المخيم حتى أنهى دراسته الثانوية، ليلتحق بالجامعة الإسلامية في غزة لإكمال تعليمه الجامعي، ويحصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية.
قيل عنه، إنه يتمتع بحس أمني رفيع، وبذهنية شديدة الحرص والحذر، و الذي برز ضمن صفوف “حماس”، في البدايات، كأحد أشهر المناهضين لجواسيس وعملاء “الشاباك” الإسرائيلي وسط المخيمات، وقد سُجن السنوار، أصلا، لدوره في قتل ستة جواسيس كانوا يعملون لصالح الدولة العبرية.
قضى السنوار معظم سنوات شبابه في السجون الاسرائيلية، ففي عام 1982 أُلقي القبض عليه ووضع رهن الاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهر بتهمة الانخراط في “أنشطة تخريبية”، لكن التحول في حياة السنوار جاء في عام 1988، حين قضت محكمة إسرائيلية على السنوار بالسجن مدى الحياة أربع مرّات (مدة 426 عاما)، قضى منها 24 عاما في السجون الإسرائيلية، قبل أن يطلق سراحه في صفقة لتبادل الأسرى عام 2011 وشملت، آنذاك، إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي كانت حماس قد أسرته في العام 2006.
حس أمني رفيع…
كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن أن السنوار يتجنب إلى حد كبير استخدام التكنولوجيا في التواصل مع الخارج، سواء المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية عبر الهاتف الجوال وغيرها من الاتصالات الإلكترونية حتى المشفرة منها كي لا تتمكن إسرائيل من تعقبه ومعرفة مكان اختبائه، ويلجأ زعيم “حماس” إلى استعمال “نظام معقد من الرموز والملاحظات المكتوبة بخط اليد لتوجيه عمليات الحركة بينما يختبئ هو في الأنفاق تحت الأرض”.
قبل الـ31 من يوليوز الماضي، كان هنية المسؤول عن مفاوضات وقف إطلاق النار مع الوسطاء من مصر وقطر والولايات المتحدة، وبعد مقتله وتولي السنوار زمام الحركة باتت ثمة علامات استفهام حول كيفية التواصل معه. ووفق الصحيفة الأميركية، فإن السنوار يقوم “بكتابة رسائله بخط اليد ويتم تمريرها إلى عضو موثوق به في ’حماس‘ الذي بدوره ينقل الرسالة على طول سلسلة من الرسل، بعضهم قد يكون مدنياً”، وهذه الرسائل غالباً مشفرة تتكون من رموز مختلفة لمتسلمين مختلفين في ظروف وأوقات مختلفة وهو نظام طوره السنوار وغيره من عناصر “حماس” أثناء وجودهم في السجون الإسرائيلية. وأخيراً تصل الرسالة إلى وسيط عربي داخل غزة أو أحد عناصر الحركة الذي يقوم بتمريرها عبر الهاتف أو أي وسيلة أخرى لأعضاء الحركة في الخارج.
وفق الصحيفة، أصبحت أساليب اتصالات السنوار أكثر حذراً وتعقيداً منذ أن تمكنت إسرائيل من العثور على رفاقه رفيعي المستوى وقتلهم، لا سيما هجوم بيروت الذي استهدف مؤسس الجناح العسكري لـ”حماس” صالح العاروري،فبحسب من وصفتهم الصحيفة بوسطاء عرب، تحول السنوار منذ مقتل العاروري إلى المذكرات المكتوبة بخط اليد والاتصالات الشفوية بصورة كاملة تقريباً، كما أنه أحياناً يتداول التسجيلات الصوتية عبر دائرة صغيرة من المساعدين.
ويقول الرئيس السابق للشؤون الفلسطينية لدى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية مايكل ميلشتاين “متأكد من أن هذا هو واحد من الأسباب الأساسية وراء عدم تمكن جيش الدفاع الإسرائيلي من العثور على السنوار… إنه يحافظ على جميع أنماط سلوكه الشخصي بصورة صارمة للغاية”.
ويوضح الباحث لدى مجموعة الأزمات الدولية الذي عاش في غزة عزمي كيشاوي أن السنوار عاد لطرق “حماس” القديمة في التواصل، وأوضح آخرون من المجموعة أن ذلك النهج البدائي الذي يتبعه السنوار حالياً في التواصل مع أعضاء الحركة والعالم الخارجي يعود لنظام استخدمته “حماس” في بداياتها وتبناه هو نفسه عندما اعُتقل عام 1988 وما بعده في السجون الإسرائيلية.
قبل أن يُسجن، أسس السنوار شرطة الأمن الداخلي التابعة لـ”حماس” التي تسمى “مجد” والتي طاردت المشتبه في تعاونهم مع إسرائيل وكانت نشطة في السجون الإسرائيلية. وجنّدت “مجد” عملاء داخل السجن يُطلق عليهم “السواعد” الذين قاموا بتوزيع رسائل مشفرة من قسم إلى آخر، وفقاً لكتاب “ابن حماس” الذي كتبه عميل سابق في الحركة تحول إلى جاسوس إسرائيلي.
ويقول الرئيس السابق للشؤون الفلسطينية لدى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية مايكل ميلشتاين “متأكد من أن هذا هو واحد من الأسباب الأساسية وراء عدم تمكن جيش الدفاع الإسرائيلي من العثور على السنوار… إنه يحافظ على جميع أنماط سلوكه الشخصي بصورة صارمة للغاية”.
ويوضح الباحث لدى مجموعة الأزمات الدولية الذي عاش في غزة عزمي كيشاوي أن السنوار عاد لطرق “حماس” القديمة في التواصل، وأوضح آخرون من المجموعة أن ذلك النهج البدائي الذي يتبعه السنوار حالياً في التواصل مع أعضاء الحركة والعالم الخارجي يعود لنظام استخدمته “حماس” في بداياتها وتبناه هو نفسه عندما اعُتقل عام 1988 وما بعده في السجون الإسرائيلية.
في الحلقة القادمة: يوم أصبح السنوار روائيا… تجليات الخطاب الديني والحسّ الأمني
المصدر: أندبندنت ووكالات