الرئسيةرأي/ كرونيك

ترصيد النضال المهني بين حقيقة إعلامية وأخرى سوسيولوجية

بقلم: مصطفى المنوزي

تبنت جميع مجالس هيئات المحامين على الصعيد الوطني قرار التوقف عن العمل ابتداء من فاتح نونبر الجاري، وهو قرار صادر عن مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب المنتخب من قبل مجلس هيئات المحامين المغربية، وهذا الأخير مؤسسة تقريرية تتشكل من جميع أعضاء مجالس هيئات المحامين وهي 17 هيئة، وبذلك يكون هذا التبني مؤطرا قانونيا وديموقراطيا.

وبالتالي فالأسئلة الواجب طرحها : هل القرار المهني باتخاذ مبرر واقعيا ومعلل قانونيا ؟ هل احترمت مسطرة اتخاذه من الناحية القانونية ( نظام الجمعية والقانون الداخلي لمجالس الهيئات والقانون المنظم للمهنة ) ؟ بغض النظر عن شروط التداول وسريته؛ كم عدد التحفظات والإعتراضات المفترضة أو الصادرة عن أعضاء مكتب الجمعية وأعضاء كل مجلس هيأة ؟ كن منهم مارس حقه في الطعن في شرعية القرار، ما دامت العبرة في المطالبة بالإبطال أو طلب الإشهاد قضائيا بالبطلان، بدل التصريح أو التلويح والتلميح ( من طرف المعارضين ) بأن القرار باطل بعلة مخالفة القانون أو بذريعة فوبيا الإضرار بالزبناء / الموكلين ؟

وفي هذه نتساءل عن كم عدد هؤلاء ( المحتجين أو الرافضين للقرار أو لطريقة اتخاذه ) الذين بادروا إلى إبداء ملاحظات ونقدهم لمسودات ومشاريع القوانين محل ” المعركة ” المهنية ؟ وهل يمكن الإستنتاج في حالة العدم بأن هؤلاء قبلوا المشاريع على حالتها ؟ ليطرح السؤال الحقيقي: أليس من حقنا التعبير عن رفضنا ؛ نحن الرافضون للمبادرة التشريعية المعتلة منهجيا ومشروعية، في ظل غياب أي حوار حقيقي منتج للشرعية والمشروعية وللتوازن الحقوقي ولملامح المصلحة العامة وللأمن القانوني والحكامة القضائية المنشودة ؟ فأي كفة وجب الترجيح، كفة الراضين على الردة الحقوقية ومؤامرة انتهاك الدستور ، وعلى عملية الإجهاز على الحقوق المكتسبة أم كفة أنصار شرعية الحكامة التشريعية والولوج الآمن للعدالة والإنصاف؟

يبدو أن الأجوبة غير جاهزة في ظل التنازع بين شرعيتي الحقيقة الإعلامية والحقيقة السوسيولوجية، وإذا كانت الأولى محتكرة من قبل مالكي السلطة العمومية ومحتكري القرار السياسي وهو في جوهره مجرد خانع للمقاربة الأمنية؛ وهي بذلك تنتمي للزمن السياسوي / الحكومي وفي القاعدة خاضع لضغوط الزمن المهني الإنتخابوي.

إن الحقيقة السوسيولوجية، المنتمية للزمن الوطني الإجتماعي الطويل الأمد؛ تقتضي الوعي بكون الحراك المهني ينبغي أن يكرس لضمانات عدم تكرار ماضي الإنتهاكات الجسيمة، ولعل أهم المداخل التي أسست لها توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وصادق عليها عاهل البلاد وأمر بتفعيلها ودسترتها، هي تكريس المفهوم الجديد للعدالة والذي لن يتأتى دون إقرار مصالحة بين السلطة القضائية، كضامن للحقوق والحريات، وبين مكونات المجتمع المغربي ، وعلى رأسه القوى الحية الوطنية والديموقراطية ، وضمنها صفوة المجتمع المدني والحقوقي ، وكذا الطبقة السياسية المتبصرة والواعية، حيث يشكل المحامون والمحاميات إلى جانب كفاءات ومؤهلات الوطن البشرية ونخبه المتنورة طليعة الكفاح الوطني والبناء الديموقراطي والتنمية الإجتماعية والإقتصادية، وتخليق الحياة العمومية في إطار مقاربة تشاركية أصل لها الدستور السادس وفي سياق زمن إجتماعي يؤطره تواصل تاريخي بقطائع صغرى مع الفساد والإضطهاد التشريعي ، ومتدرجة في أفق قطيعة عظمى مع مظاهر القهر والإستبداد !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى