أفلام تنتصر للذاكرة والتاريخ في مهرجان بيروت للأفلام الفنية
أ ف ب: يتضمن برنامج مهرجان بيروت للأفلام الفنية هذه السنة أعمالاً وثائقية لبنانية مرتبطة بالتاريخ والذاكرة، إضافة إلى أخرى أجنبية تسجيلية وروائية، في إطار دورته العاشرة التي تُفتتح، اليوم، تحت عنوان "أوقفوا الحرب"، في ظل استمرار الضربات الجوية التي تنفذها إسرائيل على المناطق اللبنانية والتوغل البري لقواتها جنوباً.
وقالت مؤسِسَة المهرجان المتخصص بالأشرطة التي تعنى بالفنون ورئيسته، أليس مغبغب: بعد عشرة أعوام على انطلاقه و50 عاماً على اندلاع الحرب اللبنانية (1975 – 1990)، لدينا جميعاً صرخة واحدة: أوقفوا الحرب”.
وأضافت إنها “رسالة إدارة المهرجان والفنانين والمخرجين والداعمين والجمهور وأصدقاء المهرجان خارج لبنان”.
واستقطب المهرجان في هذه الدورة أفلاماً لبنانية أكثر مما كان يفعل في الأعوام السابقة، بحسب مغبغب.
وينطلق برنامجه الذي يضمّ 25 فيلماً غير تجاري بعرضين وثائقيَين، أحدهما “لبنان: أسرار مملكة بيبلوس” لفيليب عرقتنجي، والآخر “سيلما” لهادي زكاك.
ويتناول فيلم عرقتنجي آخر الاكتشافات في موقع بيبلوس (جبيل حالياً) الأثري الشهير، ونال جائزة لجنة التحكيم الكبرى في الدورة الرابعة والعشرين لمهرجان السينما الأثرية في مدينة بيداسوا الإسبانية.
وتُظهر هذه الاكتشافات أن “بيبلوس مدينة سكنها الملوك، وكانت في الشرق الأوسط كما كانت فلورنسا في أوروبا خلال عصر النهضة”، على ما شرحت مغبغب.
ويكتسب عرض الفيلم الذي تبثه محطة “أرتيه” (ARTE) الفرنسية في مطلع ديسمبر 2025، أهمية مضاعفة نظراً إلى كون المواقع الأثرية اللبنانية مهددة بالغارات الإسرائيلية.
وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو” الأسبوع الماضي عن توفير “حماية قانونية مؤقتة معززة” لهذه المواقع البالغ عددها 34، مشيرة إلى أن المواقع باتت تحظى بـ”أعلى مستوى من الحصانة ضد مهاجمتها واستخدامها لأغراض عسكرية”، تحت طائلة “الملاحقة القضائية”.
أما هادي زكاك فغاصَ في فيلمه “سيلما” في الصالات السينمائية في مدينة طرابلس، عاصمة محافظة لبنان الشمالي، مستعرضاً تاريخها.
وأفاد الملف الصحافي للمهرجان بأن “السينما عُرفت في الأوساط الشعبيّة الطرابلسيّة باسم سيلَما، واحتلّت مكانة مهمّة في حياة عاصمة الشمال في لبنان، امتدّت من الثلاثينيات إلى نهاية القرن العشرين، وتخطّى عدد صالات السينما الثلاثين وانتشرت في كل أنحاء المدينة”.
ويتجلى استرجاع الذاكرة أيضاً في فيلم “فؤاد الخوري، بعدسة فؤاد”، الذي يصوّر مخرجه الإيراني كامي بادكل مسار المصوّر الفوتوغرافي الذي وثّق الحرب اللبنانية بلقطاته، وكان شاهداً على النزاعات في الشرق الأوسط، مستنداً إلى أرشيف الفنان “وبحثه عن الجمال في أحلك زوايا التاريخ”، على ما جاء في الملف الصحافي للمهرجان.
وفي “وعاد مارون إلى بيروت”، الذي يُعرض في ختام المهرجان في السادس من كانون الأول المقبل، تصوّر المخرجة فيروز سرحال الأماكن التي شهدت على حياة المخرج اللبناني الراحل مارون بغدادي وأعماله، وتقابل المقرّبين منه ومن عملوا معه.
وفي البرنامج فيلم للمخرج بهيج حجيج عنوانه “المكتبة الشرقية إن حكت”، يتضمن نحو 20 مداخلة لخبراء في التراث وأكاديميين عن تاريخ مجموعات المكتبة الشرقية في جامعة القديس يوسف في بيروت، وأهميتها.
ومن الأعمال البارزة أيضاً فيلم “جمال العراق الخفيّ” للمخرج البلجيكي يورغن بودتس، عن المصوّر الكردي العراقي لطيف العاني، الذي توفي قبل ثلاثة أعوام، ويُعتبر “أبو فن التصوير” في العراق.
ولاحظت مغبغب أن العاني “صوّر مناظر خلاّبة” سلّطت الضوء على العراق بطريقة جمالية “ما يعكس تأثير الصورة وأهمية العمل على الذاكرة”.
وفي البرنامج أيضاً خمسة أفلام وثائقية عن الهندسة المعمارية، ومن بينها فيلم “سكين اوف غلاس” للمخرجة البرازيلية دنيز زمكحُل التي تروي قصة والدها روجيه زمكحل، المهندس المعماري لبناني الأصل، الذي صمّم أطول برج زجاجي في مدينة ساو باولو.
وللجمهور موعد مع ستة أفلام عن الرقص بكل أشكاله، من الكلاسيكي إلى التقليدي، مروراً بالبهلواني والفلامينكو والمعاصر، أبرزها الفيلم الألماني الروائي “إيمّا بوفاري”، والفيلم البريطاني “إيه ريزيليينت مان”، الذي يسلّط الضوء على إصابة نجم فرقة “رويال باليه” اللندنية ستيفن ماكراي في العام 2019، وهو في ذروة عطائه المهني، وشريط وثائقي عن الرقص التقليدي في كمبوديا.
ويقدّم الفيلم البريطاني “شكسبيرز ماكبث” رؤية معاصرة لمسرحية “ماكبث” تمزج بين الوثائقي والروائي عن رائعة وليام شكسبير.
ويخصص المهرجان حصّة للفن التشكيلي، بحيث يعرض فيلماً روائياً عنوانه “داااالي” للفرنسي كانتان دوبيو، يغوص في العالم المجنون الذي عاش فيه الفنان الإسباني سلفادور دالي، بعيداً عن السرد التقليدي للسيرة.
وتقام ندوة عن الفنان التشكيلي البلجيكي رينيه ماغريت، في ذكرى مرور مئة عام على ولادة السوريالية يلقيها الخبير في أعماله فنسان كارتوفيلز عبر تقنية الاتصال بالفيديو.
في مهرجان بيروت للأفلام الفنية، “لا سجّادة حمراء، ولا فساتين براقة”، بل “حرص على اللقاءات الثقافية والحوارات وتفاعل الجمهور مع المخرجين والفنانين”.