أكد حزب التقدم والاشتراكية موقفه الرافض للسياسات الحكومية الراهنة التي اعتبرها عاجزة عن مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالمغرب.
واعتبر الحزب في تقرير لمكتبه السياسي أمام الدورة الخامسة للجننته المركزية، أن الحكومة تفتقر إلى رؤية استراتيجية شاملة للتعامل مع أزمة الغلاء الفاحش الذي يثقل كاهل الأسر المغربية، مشيرا إلى أن التدابير الانتقائية التي تتبناها لا ترقى إلى مستوى طموحات الشعب ولا تواكب الاحتياجات العاجلة لمعالجة تدهور القدرة الشرائية واستفحال الفقر.
وشدد تقرير المكتب السياسي، تأكيد الحزب على أن السياسات الحكومية الحالية، كما تجلت في القانون المالي لسنة 2025، تكرس نفس الاختيارات الفاشلة التي أثبتت محدوديتها في التصدي للأزمات المتراكمة، معتبرا أن هذا القانون جاء خالياً من أي نَفس إصلاحي أو ديمقراطي، كما أنها اختيارات عاجزة عن تقديم إجابات واضحة على معضلات البطالة المتفاقمة، وتراجع النمو الاقتصادي، والاختلالات التي تعاني منها قطاعات حيوية مثل الطاقة والصناعة والتشغيل، مشيرا إلى أن الحكومة فشلت في الوفاء بالتزاماتها الواردة في برنامجها المعلن، بل وتخلت عملياً عن الإصلاحات المقترحة في النموذج التنموي الجديد الذي اتخذته مرجعاً لها عند بداية ولايتها.
و أوضح نبيل بن عبد الله، في تقرير المكتب السياسي لحزب الكتاب أمام الدورة الخامسة للجنة المركزية، أن التدابير الحكومية، رغم تضمنها على بعض الإيجابيات المحدودة، مثل زيادة الاعتمادات المخصصة للاستثمار العمومي ورفع حصة الجماعات الترابية من عائدات الضريبة على القيمة المضافة، إلا أنها تبقى جزئية وموجهة لفئات بعينها، مما يجعلها غير قادرة على تحقيق تحول ملموس في حياة المواطنين,
وأضاف أن الحكومة تعتمد خطاباً دفاعياً لتبرير فشلها، مستندة إلى عوامل خارجية مثل التقلبات الدولية ومتجاهلة الفرص المتاحة داخلياً، كارتفاع العائدات الجبائية الناتجة عن الغلاء وانتعاش قطاعات مثل السياحة وتحويلات مغاربة العالم.
حزب التقدم والاشتراكية في تقريره، نبه إلى أن الارتفاع المتواصل في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، والخدمات، والمحروقات يفاقم معاناة الأسر المغربية حيث انزلق ملايين المغاربة إلى عتبة الفقر والهشاشة، حيث واجهت أكثر من 80% من الأسر المغربية تراجعاً في مستوى معيشتها. ورغم الوعود الحكومية بتوسيع الطبقة المتوسطة، إلا أن السياسات المنتهجة لم تسهم سوى في تعميق الفوارق الاجتماعية وزيادة معاناة المواطنين،كما اعتبر أن الإجراءات الحكومية، مثل تخفيض أشطر الضريبة على الدخل وزيادة الأجور، لا تشكل تعويضاً حقيقياً عن الفجوة الناتجة عن التضخم وارتفاع الأسعار، كما اعتبر أن الحديث الحكومي عن انخفاض معدلات التضخم يفتقد المصداقية، لأنه يستند إلى أسعار مرتفعة أصلاً وليس إلى مستوياتها الأصلية قبل الأزمة.
الحزب دعا إلى ضرورة تبني سياسات جذرية وعادلة تعالج جذور الأزمة بدلاً من الاكتفاء بإجراءات ظرفية ذات أثر محدود، وشدد على أهمية محاربة الاحتكارات والمضاربات، وتسقيف أسعار المحروقات، وإعادة النظر في التوازنات الضريبية بما يحقق عدالة اجتماعية واقتصادية أكبر، مؤكدا أن معالجة الأزمة تتطلب إرادة سياسية شجاعة ورؤية متكاملة تضع مصلحة المواطن في صلب السياسات الحكومية، وهو ما تفتقر إليه الحكومة الحالية التي أظهرت قصوراً في التفاعل مع الأوضاع الاجتماعية المتدهورة والاختلالات الاقتصادية العميقة.
في النهاية، يرى حزب التقدم والاشتراكية أن الحكومة مطالبة بإحداث تحول حقيقي في نهجها الاقتصادي والاجتماعي، يبدأ بوضع حد للتلاعب في الأسواق والتواطؤات التي تضر بالمواطنين، و إلى ضرورة اتخاذ قرارات جريئة تعزز الإنتاج المحلي وتوفر فرص العمل وتخفف العبء عن الأسر المغربية التي باتت تئن تحت وطأة الغلاء، مؤكدا أن استمرار النهج الحالي لن يؤدي إلا إلى تعميق الهوة بين الحكومة والمواطنين، مما ينذر بفقدان الثقة في قدرة الدولة على تلبية التطلعات المشروعة للشعب المغربي.