
في زمن يتسارع فيه التغيير وتعلو فيه الحاجة إلى تجديد آليات التعلم، تستضيف مدينة أكادير يومي 2 و3 يوليوز الجاري النسخة الثالثة من “سامر كامب”، التظاهرة الصيفية التي باتت تشكل محطة سنوية لالتقاء العقول الشابة، والأطر الأكاديمية، والفاعلين في الحقل التربوي والاجتماعي.
هذا الحدث، الذي ينظمه مختبر البحث في اللغات والتواصل (LARLANCO) بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة ابن زهر، يُقام هذه السنة في فضاءين رمزيين بالمدينة مركز التوجيه الوظيفي داخل الكلية، وغرفة الصناعة التقليدية بحي تالبرجت، يعكس انفتاحه على محيطه الأكاديمي والترابي في آن واحد.
تنوع الورشات وتخصصاتها
وتميّزت هذه الدورة بتنوع الورشات وتخصصاتها، إلى جانب الرؤية الجديدة التي تقف خلفها والمتمثلة في تشكيل فضاءات حية للنقاش، وتشجيع الإبداع المشترك، وتعزيز التقاطع بين مجالات المعرفة.
وفي هذا السياق، صرّحت الأستاذة بعتو، إحدى الفاعلات في التظاهرة، أن هذا الحدث العلمي والثقافي، المنظم تحت شعار “التواصل والتقاطع المعرفي”، يشكل فضاء حيويا يوحّد التكوين، البحث، والإبداع، عبر ثلاث مكونات رئيسية؛الندوات الأكاديمية، الورشات الدولية المعتمدة، ثم منصة الحوار “لالوونكووتكلس” « LARNOLCO talks » التي تتيح التقاء الأفكار وتبادل الخبرات. وأضافت: “طموحنا أن تتحول الجامعة من جديد إلى مختبر حي، نابض بالفكر، والمسؤولية، والانخراط المجتمعي”.
وتنوّع برنامج الدورة بين موضوعات الهوية، التنوع الثقافي، الذاكرة الجماعية، الذكاء الاصطناعي، الابتكار التربوي، والإعلام، في سعي لتقوية الفكر النقدي لدى المشاركين ومواكبة التحوّلات الرقمية والاجتماعية المتسارعة.
ورغم الإكراهات التي تعرفها الجامعة العمومية، فإن هذه المبادرات تبرز قدرتها على إنتاج طاقات واعدة، وتجديد أدوارها في محيطها، كرافعة فكرية ومجتمعية لا غنى عنها في مغرب اليوم.
وللاشارة تتوزع ال 8 ورشات على مدى يومين، لتتناول قضايا راهنة من قبيل الذكاء الاصطناعي والتربية، الخطاب الإعلامي والتحولات الاجتماعية، التعدد الثقافي، والابتكار البيداغوجي، يؤطرها باحثون وباحثات ومتدخلون من خلفيات أكاديمية ومهنية متعددة، في محاولة لجسر الهوة بين النظرية والممارسة، وبين الجامعة والشارع.
تعزيز التقاطع بين الجامعة والمجتمع
وفي خلفية هذا الموعد، يبرز التزام لارلانكو بتثمين الكفاءات المحلية وتعزيز التقاطع بين الجامعة والمجتمع، دون إغفال أهمية إشراك الشباب في صنع خطاب التغيير لا فقط تلقيه. ذلك أن “سامر كامب”لا يقدم وصفات جاهزة، بل يفتح مساحات للحوار النقدي والتجريب.
وفي هذا السياق، اعتبر الأستاذ عبد الفتاح نصر الإدريسي أن التحديات التي تواجه المغرب اليوم تستدعي انخراطًا فعليًا للشباب في العمل السياسي والمجتمعي، مضيفًا أن “الجامعة، رغم ما تعرفه من اختلالات، لا تزال فضاءً منتجًا للأفكار والطاقات، ويجب أن نمنح الثقة لطلابها ونفتح أمامهم مسارات المشاركة”. وشدّد على أن تعزيز ثقافة التطوع والمبادرة هو السبيل الحقيقي نحو بناء مجتمع ديمقراطي منفتح وفعّال
هذا وينتظر أن تواكب هذا الحدث تغطية بصرية وتوثيقية مكثفة، يشرف عليها فريق لوجستي مختص، لضمان توثيق التجربة ونقلها إلى أوسع نطاق ممكن، داخل المدينة وخارجها.
وتجدر الاشارة انه في قلب كل هذا، يقف الشباب، طلبة وباحثين وفاعلين، كمحرك رئيسي لهذا الحراك المعرفي والتربوي، في لحظة مغربية وإقليمية تبحث عن بدائل للتكوين الكلاسيكي، وتراهن على الشراكة، والانفتاح، والعمق النقدي.
وجدير بالذكر أن جامعة ابن زهر بالرغم من كل ما واجهته من خروقات وتجاوزات، لازالت تحرس على إنتاج كفاءات صاعدة في مجالات متطورة.