
إعلام عبري: مازالوا ينتظرون رد محمد السنوار النهائي …”النصر المطلق” يتلاشى ..
عن “هآرتس” ترجمة “الأيام الفلسطنية”
المفاوضات حول صفقة تبادل الأسرى توجد على شفا نهاية إيجابية: تجاوزت إسرائيل العقبة الكأداء بضغط أميركي شديد، وهي الآن مستعدة للصفقة، حتى قبل أداء دونالد ترامب اليمين رئيساً للولايات المتحدة بعد أيام.
كالعادة توجد تحفظات. الأول هو أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ما زال يستطيع التراجع عن الاتفاقات، كما حدث في مرات كثيرة خلال المفاوضات.
الثاني هو أنه رغم الإشارات الإيجابية إلا أنهم ما زالوا ينتظرون رد «حماس» النهائي، لا سيما رد رئيسها في القطاع، محمد السنوار.
حسب الافتراض المعقول بأن الصفقة سيتم الاتفاق عليها فان العامل الرئيس، كما كتب هنا قبل شهر تقريباً، هو تأثير ترامب.
يمسك الرئيس الجديد بكلتا يديه أدوات كثيرة ثقيلة للتأثير على نتنياهو والوسطاء، مصر وقطر، مقارنة بالرئيس التارك، جو بايدن.
المثال الأفضل لتأثير ترامب وجدناه في اللقاء الاستثنائي، صباح السبت، حيث استضاف فيه نتنياهو في القدس المبعوث الجديد للرئيس الأميركي في المنطقة، ستيف فتكوف. أوضح المبعوث الأميركي للمستضيف، بلغة لا تقبل التأويل، أن ترامب يتوقع منه الموافقة على الصفقة.
تلاشت المواضيع التي بث نتنياهو بأنه مستعد للموت من أجلها – هل ما زال أحد يتذكر أساس وجودنا، محور فيلادلفيا؟ – مرة واحدة.
من الجدير عدم الاستخفاف بالتغيرات التكتونية، السياسية والاستراتيجية، التي تحدث هنا. وافق نتنياهو في نهاية ماي من السنة الماضية، بضغط من بايدن، على خطة يتم فيها إخلاء تدريجي كامل للقطاع، ووقف الحرب، وتحرير عدد كبير من السجناء الفلسطينيين. بعد ذلك تراجع وقام باستغلال ممر فيلادلفيا ذريعة، ووضع العقبات أمام تقدم الصفقة لأشهر (في صالحه نقول إن «حماس» افتعلت المشاكل أيضاً).
في هذه الفترة مات ثمانية مخطوفين، اثنان كما يبدو قتلا في قصف الجيش الإسرائيلي وستة على يد «حماس».
أيضاً قُتل 122 جندياً إسرائيلياً في هذه الفترة، أكثر من ثلثهم في العملية العسكرية في جباليا، بيت لاهيا، وبيت حانون، التي بدأت في تشرين الأول الماضي.
بالتأكيد توجد أهمية لتوجيه ضربة عسكرية أخرى لـ»حماس»، لكن الهزيمة لن تتحقق هنا، والنصر المطلق لا يوجد على الباب.
ادعاء نتنياهو، الذي أحياناً حصل على الدعم من القادة الكبار في الجيش الإسرائيلي، والذي يفيد بأن الضغط العسكري فقط سيؤدي إلى تحرير المخطوفين، ظهر أنه لا أساس له.
الآن يتراجع رئيس الحكومة. ولو أن الأمر كان يتعلق بالأرواح لكان يمكن مشاهدة تسلية أزمة الثقة التي تمر على أتباعه في قنوات الدعاية، الذين يضطرون إلى أن يختاروا، الآن، إذا كانوا سيتساوقون مع صفحة الرسائل الجديدة الصادرة عن مكتبه (لم نتنازل؛ الاتفاق هو جزء من اتفاق استراتيجي مهم جداً)، أو البقاء مخلصين للخط الذي تحدثوا عنه كثيراً قبل يومين، والذي عرض أي تنازل على أنه خطر فوري على أمن إسرائيل.
يتسرب إلى القلب التفكير بأنه منذ الفشل الاستخباري الذريع في 7 أكتوبر لم يكن هناك خطأ في التقدير مثل سرور اليمين والمستوطنين في إسرائيل بفوز ترامب في الانتخابات.
ليس لأن ترامب لا يحبنا، بل لأنه توجد له مصالح أخرى. صفقة ضخمة مع السعودية، بما في ذلك التطبيع بين إسرائيل والسعودية، اتفاق نووي جديد مع إيران، جائزة نوبل للسلام.. وبدأ يظهر الشك بأن حلم إعادة المستوطنات إلى شمال القطاع أو حلم ضم الضفة الغربية مهم بالنسبة له أقل من تلك المصالح.
نقطة الضعف التي من المهم التوقف عندها تتعلق بتقسيم الاتفاق إلى نبضتين.
في اليوم، أي الـ 16 للتوقيع على الاتفاق، من خلال تطبيق النبضة الأولى ستبدأ المفاوضات حول النبضة الثانية. الخوف المفهوم لدى عائلات المخطوفين هو أن هذه المفاوضات ستفشل، وأيضاً ستتم إعادة أعضاء المجموعة الأولى، الإنسانية، النساء، كبار السن، المرضى والجرحى فقط، في حين أن الجنود والرجال الشباب سيبقون في يد «حماس» فترة طويلة كبوليصة تأمين من أجل حماية رئيسها.
يمكن التقدير بأن ترامب يؤمن بأنه سينجح في إدخال نتنياهو في نوع من الشعب المرجانية. بعد تنفيذ المرحلة الأولى ستستخدم ضغوط كبيرة على الحكومة كي يتحرر في الصفقة أيضاً كل المخطوفين الآخرين الأحياء وإعادة جثامين الأموات.
ستضطر إسرائيل إلى ابتلاع المزيد من الضفادع في الاتفاق المتبلور.
ومثلما كان يمكن التشكك، فإن الاتفاق لن يضمن تدمير سلطة «حماس» رغم وعود نتنياهو والوزراء.
الحاجة إلى إنقاذ الـ 50 مخطوفاً، الأحياء، قبل موتهم في الأنفاق، يعني التنازل عن الهدف العلني الثاني للحرب – تدمير كامل نظام «حماس».
أيضاً لا شك في أن «حماس» ستستغل تحرير المخطوفين الإنساني لتعزيز مكانتها في أوساط الفلسطينيين في الضفة وفي القطاع.
الانسحاب من ممر نتساريم، وفي المرحلة الأولى بشكل جزئي من محور فيلادلفيا، سيقيد قدرة الجيش الإسرائيلي على السيطرة على القطاع. ولا يضمن الاتفاق رقابة حقيقية على حركة السكان الفلسطينيين الذين سيعودون إلى شمال القطاع.
كل ذلك يعتبر تنازلات ليس فقط فرضت من قبل ترامب، بل هي تنازلات مطلوبة للبدء في إعادة المخطوفين الأحياء والأموات إلى البيت.
هذا ثمن باهظ، ويظهر أنه لا يمكن تجنبه. يجب عدم تجاهل ما حدث في الحرب: الضرر الذي لحق بـ»حماس» وقيادتها السياسية والعسكرية، والشبكات والبنى التحتية العسكرية لها، والدمار الشديد في القطاع الذي سيذكر الفلسطينيين لأجيال بالثمن الجماعي الذي سيدفعونه بسبب الجريمة “الفظيعة” في مذبحة 7 أكتوبر.
في الطريق، في السيناريو المتفائل، فإن الهدوء طويل المدى في القطاع سيندمج بخطة دولية لإعادة الإعمار، التي في إطارها ستضخ دول الخليج الأموال شريطة أن تغادر «حماس» السلطة.
السلطة الفلسطينية، بكل مشاكلها، ستكون شريكة في اتفاق السيطرة الجديدة في غزة.
يمكن أن يكون هذا جزءاً من الحل الشرق أوسطي الواسع، الذي يبدو أن ترامب يطمح إليه، بما في ذلك خطة السعودية والتطبيع.
حتى الآن من غير الواضح بأي وتيرة ستتقدم الإدارة الأميركية الجديدة، وهل الأفكار هناك متبلورة بما فيه الكفاية.
إذا كان نتنياهو يعتبر نفسه مندمجاً مع هذه الخطط فإنه سيجد صعوبة في الحفاظ على الائتلاف بالصيغة الحالية لفترة طويلة.
في هذه الأثناء، بشكل ممتع، شركاؤه في اليمين المتطرف، سموتريتش وبن غفير، يخرجان علناً ضد صفقة التبادل، لكنهما لا يعلنان انسحابهما من الحكومة.
على المدى الأبعد، إذا طرحت الحكومة وبحثت ودفعت قدماً بخطة مركزة فستكون لذلك تداعيات كبيرة على المستوى السياسي في إسرائيل.
نتنياهو سيضطر إلى التقرير هل توجهه هو نحو انتخابات جديدة، والانحراف نحو المركز السياسي وحل التحالف الطويل مع المتطرفين، وما هو مصير محاكمته.
الصمت آخذ في التزايد
كل ذلك ما زال حلماً بعيداً، وفي هذه الأثناء، قبل التوقيع على الصفقة، تنزف إسرائيل في غزة.
أول من أمس قتل خمسة جنود من لواء الناحل في بيت حانون في شمال القطاع، وأصيب ثمانية جنود إصابة بالغة.
يبدو أنهم أصيبوا بخطأ عملياتي أدى إلى انفجار ذخيرة. هكذا يرتفع عدد القتلى في المنطقة إلى 15 خلال أقل من أسبوع.
ليس فقط لا يوجد للمخطوفين وقت، بل أيضاً الجنود الذين يموتون دون هدف واضح في العملية المستمرة في شمال القطاع.
عدد القتلى الكبير في بيت حانون أدى على الفور إلى توجيه الانتقاد في قنوات الإعلام المتماهية مع الحكومة.
اتهمت هيئة الأركان مرة أخرى بمظاهر الاستخذاء. فقد تم الادعاء بأن طريقة العمل التي ترتكز على اقتحام قوات صغيرة نسبياً، تعمل في الأراضي الفلسطينية، غير ناجعة.
في الحقيقة تستمر «حماس» في التسبب بالإصابات.
ربما أن طريقة العمل، التي تم اختيارها غير مناسبة حقاً، فإنهم في الجيش يقولون إن تعزيز القوات في القطاع مرهون بتخصيص قوات متاحة، المستوى السياسي هو الذي وجه هيئة الأركان لتقليل عدد جنود الاحتياط في الخدمة الفعالة إلى 50 ألفاً، لغرض التوفير، في حين أنهم في هيئة الأركان يقولون إنه حتى العدد الحالي (70 ألفاً) لا يكفي، لأننا نحتاج إلى توزيع الكمية المقلصة بين جنوب لبنان والحدود مع سورية وغزة والضفة الغربية.
إذا فشلت المفاوضات حول الصفقة وانهارت فسيتطور مجدداً نقاش عاصف في إسرائيل حول أهمية الاحتفاظ بورقة جغرافية في شمال القطاع.
في اليمين المتطرف يسعون إلى حلول أخرى مثل إقامة حكم عسكري، وتشغيل مقاولين أجانب من الباطن من أجل توزيع المواد الغذائية على الفلسطينيين.
في الجيش يحذرون من أن هذه الخطوة ستفشل، وفي نهاية المطاف ستلقى المهمة على الجيش بصورة تؤدي إلى قتل الجنود أثناء توزيع الطحين على المدنيين الفلسطينيين.
عملياً، رغم الخسائر الكثيرة التي تكبدتها «حماس» إلا أنه من الواضح أن العملية لا تؤدي إلى نتائج حاسمة.
فالمعارك في جباليا خففت والافتراض هو أنه بقي هناك بضع عشرات من «المخربين» الناشطين.
«المخربون» كما يبدو يستعينون بالأنفاق التي لم تكشف بعد، ويعتمدون على كمية الغذاء والسلع التي جمعتها «حماس» في البلدة المدمرة خلال أشهر كثيرة.