
أعلنت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة – ترانسبرانسي المغرب – اليوم الثلاثاء، تجميد عضويتها في اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد، نظراً لما اعتبرته “غياب الإرادة السياسية الحقيقية” لمكافحة الفساد.
حاء ذلك في بيان للجمعية، حيث أكد فيه إن هذا القرار يأتي على « إثر دعوة رئيس الحكومة للجمعية بتاريخ 16 دجنبر 2024 لتعيين ممثل عنها في اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد، خلفا للفقيد الأستاذ عبد العزيز النويضي، الكاتب العام للجمعية قيد حياته ».
وأكدت الجمعية في بيانها، أن هذا القرار “لا يعكس فقط عدم رضاها عن أداء اللجنة، بل هو صرخة تحذير من تنامي ظاهرة الفساد وتراجع الجهود الرسمية لمواجهتها”، مؤكدة أن قرارها “تمليه العديد من المؤشرات التي لا تبعث على الاطمئنان فيما يتعلق بالإرادة السياسية للسلطات العمومية لمحاربة الفساد”، مشيرة إلى أن “الفساد يشكل عائقًا رئيسيًا أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويقوض ثقة المواطنين في المؤسسات”.
وأضافت أن هذا القرار، « تمليه العديد من المؤشرات التي لا تبعث على الاطمئنان فيما يتعلق بالإرادة السياسية للسلطات العمومية لمحاربة الفساد، من ضمنها، امتناع رئيس الحكومة عن دعوة اللجنة للاجتماع منذ ثلاث سنوات، في حين أن النص المؤسس لها يفرض اجتماعها مرتين في السنة على الأقل ».
و استنكرت الجمعية، وفق البيان ذاته، امتناع رئيس الحكومة عن دعوة اللجنة للاجتماع منذ ثلاث سنوات، في حين أن النص المؤسس لها يفرض اجتماعها مرتين في السنة على الأقل. كما انتقدت تجاهل الحكومة لمراسلاتها المتكررة، بما في ذلك تلك التي تطالب فيها بدعوة اللجنة للانعقاد وتوفير معلومات حول حصيلة عملها، معتبرة أن “هذا التجاهل يعكس عدم جدية الحكومة في التعامل مع قضية الفساد”.
وكشف المصدر ذاته، أنه سبق للجمعية، « أن راسلت رئيس الحكومة بتاريخ 25 شتنبر 2023، تطلب منه دعوة اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد للانعقاد، حيث لم تجتمع الا مرتين منذ تأسيسها خلال 8 سنوات، رغبة من الجمعية في المساهمة الفعالة والبناءة في عمل هذه اللجنة ».
وأوضحت أن “غياب الإرادة السياسية” يتجلى أيضًا في سحب الحكومة لمشروع القانون المتعلق بتجريم الإثراء غير المشروع، والتضييق على منظمات المجتمع المدني، والسلطة القضائية، والمؤسسات الدستورية للرقابة والنزاهة والحكامة الجيدة. محذرة من أن “هذه الممارسات تُعيق عمل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في مجال مكافحة الفساد، وتُرسخ ثقافة الإفلات من العقاب”.
في السياق ذاته، انتقدت الجمعية التضييق على المؤسسات الدستورية للرقابة والنزاهة والحكامة الجيدة وإضعافها عبر تجاهل تقاريرها أو الطعن فيها، وهو ما يعد مؤشرًا آخر على غياب إرادة مكافحة الفساد.«
إلى ذلك، ذكرت الجمعية، بسحب الحكومة لمشروع القانون المتعلق بتتميم وتغيير مجموعة القانون الجنائي المتضمن لتجريم الاغتناء غير المشروع، بعد مناقشته لسنوات خلال الولاية التشريعية السابقة ».
يشار في هذا الصدد، أن الكثير من الأصوات تعتبر إن مسألة محاربة الفساد شبه غائبة عند الحكومة منذ أن عرض رئيسها عزيز أخنوش البرنامج الحكومي الأول في أكتوبر 2021، والذي لم يشير إلى محاربة الفساد والرشوة، وتفعيل دور اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد وعقد اجتماعاتها باستمرار وكيفية منتظمة ورفع تقريرها إلى الملك قبل عرضه أمام البرلمان في إطار الحكامة الجيدة، لاسيما وأن الفساد مؤشر سلبي مؤثر على النمو والناتج الداخلي، بالإضافة إلى تأثيره على مناخ الاستثمار واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية.
وسجلت العديد من الهيئات، أن تفاعل الحكومة المغربية يتميز بانزعاج كبير مع المعطيات الواردة في التقارير، التي تشير للفساد، ومنها حديث لـ “الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها”، حيث أكدت فيه انتشار الفساد بشكل كبير في المؤسسات العمومية، وتقدم خلاله تشخيصاً، معتمدة في ذلك على المعطيات والأرقام.
وشنّ وزراء من الحكومة المغربية هجوماً حاداً على الهيئة التي قالت إن المغرب بحصوله على درجة 38/100 في مؤشر مدركات الفساد برسم 2023، يكون قد تراجع بـ 5 نقاط خلال السنوات الخمس الأخيرة، مُكرساً مسلسل التراجع في هذا المؤشر، الذي انعكس بدوره على ترتيب المغرب منتقلاً من الرتبة 73 ضمن 180 دولة سنة 2018 إلى الرتبة 97 ضمن 180 دولة سنة 2023، متراجعاً بـ 24 رتبة خلال 5 سنوات الأخيرة.
وكان أبرز التشخيص الذي قامت به الهيئة أن المغرب احتل، على المستوى العربي، الرتبة التاسعة مسبوقاً بكل من الإمارات وقطر والسعودية والأردن والكويت وسلطنة عمان والبحرين وتونس، ومتبوعاً بـ 12 دولة. ووقف على تراجع ترتيبه بدرجتين على المستوى الإفريقي، محتلاً مرتبة وسطى ومسبوقاً بـ 16 دولة.