الرئسيةدابا tvسياسة

UMT تطالب بتفعيل الآليات التمثيلية وتدعو لاستعادة دور الحوار الموضوعاتي في السياسات العمومية+فيديو

استعرضت مريم الهلواني، ممثلة فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين، معضلة تعطل الحوار الموضوعاتي في المغرب وتأثير ذلك على تحقيق العدالة الاجتماعية والأنسنة المطلوبة للعلاقات المهنية، حيث قدمت مداخلتها كنقد موضوعي وشامل للحكومة الحالية، متسائلة عن الأسباب التي دفعت إلى تجميد الهيئات التمثيلية المدرجة ضمن مدونة الشغل، والتي يفترض أن تكون أدوات رئيسية لضمان توازن العلاقة الإنتاجية ووضع السياسات العمومية.

واعتبرت الهلواني، انه أحد الركائز الأساسية في دولة الحق والقانون، فهو ليس مجرد إطار للمناقشات، بل هو وسيلة استراتيجية لتحقيق التوازن بين أطراف الإنتاج: النقابات، أرباب العمل، والوزارة الوصية، و يتجاوز دوره المفاوضات ليكون وسيلة لتفعيل العدالة الاجتماعية على أرض الواقع من خلال وضع سياسات تنموية عادلة وشاملة، إلا أن هذا الدور بات مهدداً في ظل غياب الإرادة السياسية لتفعيل هذه الآليات، مما يثير تساؤلات جدية حول التزام الحكومة بمبادئ الشراكة الاجتماعية.

في هذا السياق، نصت مدونة الشغل المغربية بشكل واضح على إحداث أربع هيئات ثلاثية التركيبة، تهدف إلى ضمان الاستمرارية في الحوار وتعزيز ثقافة التشاور، وتشمل هذه الهيئات المجلس الأعلى لإنعاش الشغل، مجلس المفاوضة الجماعية، مجلس طب الشغل والوقاية من المخاطر المهنية، واللجنة المكلفة بتتبع التطبيق السليم للتشغيل المؤقت.

هذه الهيئات، بحسب الهلواني، لم تجتمع منذ مجيء الحكومة الحالية، رغم أن القوانين المنظمة تفرض عقد اجتماعات دورية على الأقل مرتين في السنة.

كما أن المجلس الأعلى لإنعاش الشغل، وهو الهيئة التي كان من المفترض أن تنسق سياسة الحكومة في مجال التشغيل وتدبير سوق العمل، لم ينفذ مهامه منذ سنوات، هذا و تسبب عدم انعقاد اجتماعاته في غياب تقرير سنوي حول آفاق التشغيل، مما يجعل من الصعب تقييم فعالية السياسات الحكومية في هذا القطاع الحساس، و نفس الشيء ينطبق على مجلس المفاوضة الجماعية، الذي كانت آخر دوراته في ديسمبر 2020.

وفقا للهلواني، يعكس هذا التعطيل غياب إرادة سياسية لدعم المفاوضات الجماعية، التي تعد شرطاً أساسياً لتشجيع إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية.

أما مجلس طب الشغل والوقاية من المخاطر المهنية، فقد أصبح غيابه رمزاً لفشل الحكومة في التعامل مع القضايا الإنسانية المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية.

ففاجعة سد المختار السوسي بتارودانت، التي أودت بحياة خمسة عمال، تعكس الواقع المأساوي للعمال المغاربة في ظل غياب الحوكمة والتدابير الوقائية.

ورغم صدور مراسيم تنظيمية لتفعيل المجلس منذ عام 2020، فإن الوزارة الوصية لم تبادر إلى استدعاء أعضائه لعقد اجتماعات أو لمناقشة حلول آنية لهذه الإشكالات.

فيما تعاني اللجنة المكلفة بتتبع التطبيق السليم لمقتضيات التشغيل المؤقت بدورها من الإهمال، إذ هذه اللجنة كان لها دور حاسم في مراقبة أنماط التشغيل المؤقت وضمان احترام الأبعاد التشريعية والاجتماعية المرتبطة به، إلا أن آخر اجتماع لها يعود إلى عام 2021.

هذا التعطيل يساهم في تفاقم الإشكالات المرتبطة بالتشغيل المؤقت، ويؤثر سلباً على استقرار الشغيلة وضمان حقوقها.

وعبر فريق الاتحاد المغربي للشغل، عن استيائه الشديد من النهج الحكومي في التعامل مع هذه الآليات التمثيلية، وقدر أن غياب تفعيل هذه الهيئات يعكس تجاهلاً واضحاً لمسؤوليات الحكومة تجاه الشغيلة، كما أنه يتناقض مع مبادئ دولة الحق والقانون، فبدلاً من العمل على ضمان حقوق العمال وتعزيز الشراكة الاجتماعية، اختارت الوزارة الانكباب على ملفات بعيدة كل البعد عن أولويات سوق الشغل.

إن هذا التجميد، وفق الهلواني، لآليات الحوار الموضوعاتي يضعف قدرة النقابات وأرباب العمل على الإسهام في صياغة سياسات عمومية فعالة، معتبرة أن التعطيل المتعمد لهذه الهيئات هو انعكاس لعجز الحكومة عن خلق مناخ اجتماعي سليم قادر على تحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة المهنية.

ومن جهته دعا الاتحاد المغربي للشغل إلى مراجعة فورية لهذا الوضع، وإلى إعادة الاعتبار لهذه الهيئات بما يتماشى مع الدور المحوري الذي نصت عليه مدونة الشغل.

مداخلة الهلواني تعتبر بمثابة صرخة تنبيه لمسار يهدد الحقوق المكتسبة للشغيلة المغربية، وتعبير واضح عن الحاجة إلى تغيير جذري في نهج الحكومة تجاه القضايا الاجتماعية والمهنية، حيث يتلخص المطلب الأساسي للاتحاد في تفعيل هذه الآليات بشكل فوري ومنتظم، وإعادة إحياء ثقافة الحوار الثلاثي بما يتماشى مع تطلعات الشغيلة المغربية والتزامات المملكة الدولية،

وفي ظل هذا الواقع، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الحكومة من استدراك الوضع وإحياء هذه الهيئات قبل أن يؤدي الجمود الحالي إلى مزيد من التدهور في العلاقات المهنية والاجتماعية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى