
أ ف ب: بدا دونالد ترامب عازما منذ عودته إلى البيت الأبيض، على مواجهة القواعد البيئية التي تطال أدوات كثيرة تُستخدم يوميا كطبّاخات الغاز ورؤوس الدُش والمصابيح المتوهجة، معتبرا أنّ الوضع كان أفضل في زمنها.
وقد أمر حكومته الثلاثاء بـ”العودة فورا” إلى المعايير التي كانت مُتّبعة خلال ولايته الأولى بشأن “أحواض المطبخ والدُش والمراحيض والغسّالات وغسالات الصحون…”.
يعترض الملياردير البالغ 78 سنة منذ سنوات عدة على رؤوس الدُش الحالية التي يقول إنّ ضغط المياه الذي توفره منخفض جدا.
وقال في العام 2020 “إذا كنتم مثلي، فلن تتمكنوا من غسل شعركم الجميل بشكل جيّد”.
خلال ولايته الأولى، أصدرت إدارته قرارا يتيح لرؤوس الدش استخدام كميات إضافية من المياه، إلا أنّ الرئيس جو بايدن ألغى هذا القرار.
خلال السنوات الأخيرة، أطلق ترامب حملة ضد توجّه الديمقراطيين إلى حظر طبّاخات الغاز والسيارات ذات المحركات الحرارية، وجعل الأمر مسألة عائدة إلى حرية الاختيار للأميركيين.
وغالبا ما ينتقد مصابيح الليد LED، التي حلّت تدريجيا محل المصابيح الكهربائية التقليدية على مدار العقد الفائت.
وقال في العام 2019: “أنا لست شخصا مغرورا، لكنني أبدو تحت مصباح تقليدي أفضل ممّا لو كنت تحت هذه الأضواء الجنونية”.
وتابع أنه مع المصابيح الجديدة يبدو “دائما برتقالي اللون”.
وأعلن الثلاثاء أنه سيوقّع مرسوما يقضي بالعودة إلى “معايير المنطق السليم بشأن المصابيح الكهربائية”.
يرى أندرو ديلاسكي من جمعية “آساب” أنّ مخاوف دونالد ترامب “عفا عليها الزمن”.
وأضاف الرئيس التنفيذي لهذه المنظمة التي تناضل من أجل معايير كفاءة استخدام الطاقة في الحياة اليومية “توجد راهنا مجموعة واسعة من المنتجات الحديثة والفعّالة التي تعمل بشكل أفضل”.
وأشارت “آساب” مثلا إلى أنّ مصابيح الليد LED “تخفض تكاليف الطاقة للأسر والشركات وتقلل من التلوث”.
وبالمثل، فإن “معايير رؤوس الدش توفر للمستهلكين الأموال التي ينفقونها على فواتير المياه والكهرباء، وتساعد في حماية البيئة”.
لكنّ الحملة التي يشنّها الرئيس السبعيني غير المقتنع بالمسائل البيئية، لا يبدو أنّها مرتبطة بمنطق بيئي أو اقتصادي بقدر ما تتعلق بتمسّك ينطوي على حنين إلى أدوات الماضي.
منذ دخوله إلى المشهد السياسي الأميركي في العام 2015، استخدم الملياردير الحنين إلى الماضي كسلاح انتخابي قوي.
يقول الأستاذ في العلوم السياسية لدى جامعة أوبورن (ألاباما) سبنسر غويدل: “يبدو أن دونالد ترامب يفهم – وربما هو نفسه حساس تجاه – هذه الأدوات التي تثير الحنين إلى الماضي”.
ويقارن الباحث الذي درس مسألة الحنين إلى الماضي في السياسة، مع الأذواق الموسيقية.
يقول: “يعتقد معظم الأميركيين أن أفضل مرحلة موسيقية هي عندما كانوا صغارا”، حين كانوا يحفظون أفضل الأغاني وينسون تلك السيئة.
ويضيف: “إنّ الأمر نفسه في المجتمع: يتم تخليد ذكرى الرجال والنساء العظماء في التاريخ، بينما يجري نسيان الرجال والنساء المتوسطين (الفاسدين أو غير الأكفاء في بعض الأحيان)”.
لذا ليس من المستغرب أن يستغل السياسيون الشعور بالحنين إلى الماضي، لأن “وضع رسالة موجّهة نحو المستقبل أمر صعب”، بحسب سبنسر غويدل.
ويضيف الباحث: “من الأسهل بكثير المطالبة بالعودة” إلى أدوات من الماضي.
الشعار المفضل لدونالد ترامب “لنجعل أميركا عظيمة مجددا”، هو في حدّ ذاته استحضار للماضي.
وتظهر دراسة أجراها غويدل مع باحثين آخرين أن الشعور بالحنين إلى الماضي “يرتبط بالمواقف العنصرية والمتحيزة جنسيا، وبعقلية استبدادية وبالتصويت إلى مرشح جمهوري”.
وبحسب أبحاثه، إنّ الأشخاص الذين يظهرون مشاعر حنين قوية إلى الماضي هم أكثر ميلا إلى “دعم رجل قوي يخرق القوانين ويعطّل المؤسسات”.