اقتصادالرئسية

القيادات النسائية المغربية في قائمة فوربس.. بين التمكين الاقتصادي والتحديات المؤسسية

تحرير: جيهان مشكور

يواصل الحضور النسائي المغربي في عالم الأعمال ترسيخ مكانته، رغم التحديات الاقتصادية والمؤسساتية التي تواجهه.

وفي هذا السياق، نشرت مجلة فوربس الشرق الأوسط قائمتها السنوية لأقوى 100 سيدة أعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2025، حيث ضمت القائمة ثلاث سيدات مغربيات نجحن في إثبات جدارتهن في قطاعات اقتصادية حيوية، مما يعكس تحولًا تدريجيًا في مكانة المرأة داخل النسيج الاقتصادي المغربي.

من بين الأسماء البارزة في التصنيف، احتلت سلوى إدريسي أخنوش، رئيسة مجموعة أكسال، المرتبة 23، حيث تُعد واحدة من أبرز الشخصيات في قطاع تجارة التجزئة والتطوير العقاري بالمغرب، فمنذ تأسيسها لمجموعة أكسال عام 2004، نجحت في إدارتها لتصبح إحدى الكيانات الرائدة في السوق، حيث تشرف على العديد من العلامات التجارية العالمية وتمتلك موروكو مول، أكبر مركز تجاري في إفريقيا.

ووفقًا لفوربس، فإن مجموعة أكسال تواصل توسعها في السوق المغربية، رغم التحديات المرتبطة بالركود الاقتصادي وارتفاع التضخم، وذلك عبر الاستثمار في قطاعات متنوعة تشمل التجزئة، المراكز التجارية، التكنولوجيا الرقمية، الفخامة ومستحضرات التجميل.

إلا أن تصنيف أخنوش يثير تساؤلات حول مدى تأثير منصب زوجها، رئيس الحكومة عزيز أخنوش، على نفوذها الاقتصادي، خاصة في ظل النقاش المستمر حول تداخل المال والسلطة في المغرب.

إلى جانبها، برزت مريم بنصالح شقرون في المرتبة الحادية والعشرين، حيث تعد من الشخصيات الرائدة في مجال الأعمال والاستثمار و تشغل حاليًا منصب نائبة الرئيسة المديرة العامة لشركة المياه المعدنية أولماس، بعد أن راكمت خبرة طويلة في المجال، كان من أبرز محطاتها ترؤس الاتحاد العام لمقاولات المغرب.

و تمتلك بنصالح شقرون سجلًا حافلًا في الحوكمة والتسيير، حيث تشغل عضوية مجالس إدارة مؤسسات كبرى، مثل مجموعة رينو، والتحالف العالمي للمستثمرين من أجل التنمية المستدامة. كما أنها عضو في المجالس الاستشارية لجامعتي الأخوين في إفران وIE في مدريد، مما يعكس دورها الفاعل في الربط بين قطاع الأعمال والتعليم العالي لتعزيز الابتكار الاقتصادي.

أما الحضور المغربي الثالث في القائمة، فجاء عبر لمياء التازي، التي احتلت المرتبة الثالثة والثلاثين، وهي الرئيسة التنفيذية لشركة سوطيما للصناعات الدوائية، و انضمت التازي إلى الشركة عام 1997، وتولت منصبها التنفيذي الأعلى عام 2019، حيث قادت الشركة نحو تحقيق نتائج مالية قوية، إذ بلغت إيراداتها 203.7 مليون دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.

ويعد استثمارها الأخير في منشأة تخزين جديدة بقيمة 20 مليون دولار، والمجهزة بأحدث التقنيات، خطوة استراتيجية لدعم توسع الشركة في قطاع الصناعات الدوائية، الذي يشهد تنافسية متزايدة في السوقين المحلي والدولي.

وبالتوازي مع هذا التصنيف الخاص بسيدات الأعمال، أطلقت فوربس هذا العام ولأول مرة قائمة جديدة تضم أقوى 20 موظفة حكومية في المنطقة، مستثنية الوزيرات والبرلمانيات، مع التركيز على النساء اللواتي يشغلن مناصب قيادية في مجالات الدبلوماسية، الثقافة، التكنولوجيا، الإعلام والبيئة.

في هذا الإطار، برزت نزهة حياة، التي جاءت في المرتبة الثالثة عشرة، بصفتها رئيسة الهيئة المغربية لسوق الرساميل،إذ لا تقتصر مسؤولياتها على الإشراف على الأسواق المالية في المغرب، بل تمتد إلى دورها الدولي كرئيسة لجنة إفريقيا والشرق الأوسط في المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية، إضافة إلى كونها إحدى المؤسِّسات لجمعية النساء رئيسات المقاولات في المغرب، مما يعكس حضورها القوي في الساحة المالية والاستثمارية، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي.

و على الصعيد الإقليمي، تصدرت الإماراتية هناء الرستماني التصنيف العام، بصفتها الرئيسة التنفيذية لبنك أبوظبي الأول، تلتها الكويتية شيخة خالد البحر، المديرة العامة المساعدة في البنك الوطني الكويتي، بينما جاءت في المركز الثالث الباكستانية شائسته عاصف، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لمجموعة PureHealth Holding بالإمارات.

يأتي هذا التصنيف وسط نقاش متزايد حول تمثيلية المرأة المغربية في المناصب القيادية، سواء في قطاع الأعمال أو في المؤسسات الحكومية، و رغم التقدم المسجل في السنوات الأخيرة، لا تزال هناك تحديات أمام تعزيز دور المرأة في مواقع القرار، خاصة في ظل هيمنة الرجال على المناصب التنفيذية العليا.

ويرى مراقبون أن تحقيق المساواة في الفرص يتطلب سياسات أكثر جرأة لدعم حضور النساء في مختلف القطاعات، من خلال توفير بيئة تشريعية وإدارية تتيح لهن المنافسة العادلة.

إن إدراج ثلاث سيدات مغربيات ضمن قائمة فوربس لأقوى سيدات الأعمال في المنطقة يعكس ديناميكية الحراك الاقتصادي النسائي في المغرب، إلا أنه في الوقت ذاته يسلط الضوء على الحاجة إلى مزيد من الإصلاحات التي تضمن استدامة هذا الحضور وتعزيزه، بعيدًا عن أي تأثيرات سياسية أو اقتصادية غير شفافة.

في ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى قدرة المرأة المغربية على تجاوز العقبات التي تواجهها، وتحقيق تمثيلية أكثر عدالة في عالم الأعمال والقيادة الاقتصادية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى