الرئسيةمجتمع

أنيسة سايساي.. صوت سياسي نسائي يصدح بين المغرب وألمانيا

برلين– إعداد: زين العابدين التيموري– (ومع)
في مدينة دورماغن الألمانية، الواقعة بولاية شمال الراين-وستفاليا، يبرز اسم أنيسة سايساي كواحدة من الوجوه السياسية الصاعدة، تحمل معها إصرارا لا يلين على الدفاع عن العدالة والمساواة، مستمدة قوتها من هويتها المزدوجة وجذورها المغربية الراسخة.

ولدت أنيسة في بلدة باد هيرسفيلد بولاية هيسن، وهي حفيدة لأحد المهاجرين المغاربة الذين قدموا إلى ألمانيا بحثا عن مستقبل أفضل. نشأت في بيئة محافظة وسط ثلاثة إخوة، حيث واجهت منذ طفولتها أسئلة جوهرية حول العدالة بين الجنسين، وهو ما كان له تأثير عميق في تشكيل وعيها السياسي المبكر، وفقا لما أكدته في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء.

لم يكن كونها امرأة يشكل حاجزا أمام طموحاتها، بل على العكس، كان دافعا لتحدي الأدوار النمطية المفروضة على النساء. تفوقت في دراستها والتحقت بجامعة بون المرموقة، حيث حصلت على شهادة في العلوم السياسية، لتبدأ بعد ذلك مسارها السياسي بثبات وطموح.

ولم تكتف أنسية بالمراقبة أو النقد، بل اختارت أن تكون فاعلة في صنع القرار، وهو ما تجلى في انخراطها السريع في العمل السياسي. اليوم، تشغل مقعدا في المجلس البلدي لمدينة دورماغن، التي يبلغ عدد سكانها 65 ألف نسمة، وتترأس الفرع المحلي لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الحزب المحافظ الذي تصدر الانتخابات التشريعية في 23 فبراير 2025.

والطريق لم يكن سهلا، فقد واجهت تحديات مضاعفة بسبب خلفيتها المهاجرة وجنسها، وهو ما تعلقت به قائلة: “اسمي ومظهري جعلا البعض يعاملني بشكل مختلف، لكنني لم أعتبر ذلك عائقا، بل حافزا لإثبات ذاتي”.

على الرغم من نشأتها في ألمانيا، لم تنفصل أنيسة يوما عن جذورها المغربية، بل كانت حريصة على زياراتها المتكررة للمغرب، حيث وجدت في الثقافة المغربية مصدر إلهام وقوة. تتذكر بحنين خاص طفولتها التي كانت تتخللها عطلات صيفية في المملكة، حيث توطدت علاقتها بأسرتها الممتدة، وغاصت في تفاصيل التراث المغربي.

ومن بين المحطات التي تعتز بها، كانت مشاركتها في احتفالات عيد العرش بالمغرب، وهي تجربة عمقت لديها الشعور بالانتماء، قائلة: “كنت محظوظة بلقاء مغاربة من 60 بلدا مختلفا، وجميعهم يرون في هويتهم المزدوجة مصدر قوة وليس عائقا”.

بفكر منفتح ورؤية سياسية واعية، تؤمن أنيسة بأن علاقتها بالمغرب ليست مجرد ارتباط عاطفي، بل التزام حقيقي بتعزيز العلاقات بين البلدين. “بالنسبة لي، الحفاظ على علاقات قوية بين المغرب وألمانيا هو أولوية”، تقول بكل ثقة، وهي تواصل بناء الجسور بين الثقافتين والمجتمعين.

إلى جانب دورها السياسي، تحمل أنيسة على عاتقها قضايا الشباب والتعليم، مشددة على أن الفرص يجب ألا تكون مشروطة بالخلفيات الاجتماعية أو الثقافية. “الأطفال هم مستقبلنا”، تؤكد هذه الشخصية السياسية التي تعمل بلا كلل على خلق بيئة تتيح للجميع تحقيق إمكاناتهم.

واليوم، تخوض تحديا جديدا في مسيرتها، إذ تستعد للترشح لمنصب عمدة مدينة دورماغن، واضعة في صلب أجندتها السياسية قضايا المرأة، وحقها في الوصول إلى مراكز صنع القرار دون قيود.

وبمناسبة اليوم العالمي لحقوق المرأة، توجه رسالة ملهمة: “على النساء أن يلاحقن أحلامهن، أن يؤمن بقدراتهن، وألا يستسلمن أبدا، حتى عندما يشكك الآخرون في إمكانياتهن. بالعزيمة والإرادة، كل شيء ممكن”.

هي رسالة تتجاوز حدود دورماغن، وتجعل من أنيسة سايساي نموذجا للمرأة المغربية الطموحة، ورمزا للصلابة والإصرار عند تقاطع الثقافات والهوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى