
“لحن الطفولة، أغاني الأمل” لأمينة كوكاس أغنية تذكرنا أن البراءة لا تُسلب منا بمرور الأعوام
°بقلم زهرة العسلي
ديوان “لحن الطفولة، أغاني الأمل” للمبدعة أمينة كوكاس هو رحلة عبر الزمن، ولكنه أيضًا دعوة للتأمل في حاضرنا، في كيفية استرجاع تلك الألحان الطفولية التي كنا نظنها قد تلاشت، لكنها تبقى حيّة في قلب كل واحد منا، طالما كانت لدينا القدرة على أن نرى الجمال في كل شيء حولنا، في تلك التفاصيل الصغيرة التي تُمثل الحياة في أسمى صورها.
ديوان “لحن الطفولة”، الصادر حديثا عن منشورات النورس والموجه للأطفال واليافعين، يعيدنا إلى أنفسنا، ويذكرنا أن الحياة في أبهى صورها هي تلك التي نحياها بأمل، وبحلم، وبتناغم مع كل ما حولنا.
ففي زمنٍ تتعالى فيه الأصوات، وتتشابك فيه الصور، يأتينا صوتٌ طفوليّ دافئ، يشبه نسمة الصباح الأولى، يغني للحب، للمعلم، للكتاب، للطفل المتشرد، للأم، وللوطن. إنه صوت الشاعرة أمينة كوكاس، التي نسجت من الحروف ألحانًا من نور، وقدّمت في هذا العمل الموجه للأطفال واليافعين باقةً من الأناشيد التي تحمل قيما سامية، وتوقظ في الناشئة بذور الأمل، وروح الإبداع، وحنين الانتماء.
“لحن الطفولة، أغاني الأمل” ليس مجرد ديوان، بل رحلة شعرية تربوية، تمشي بخطى الأطفال، وتحاكي وجدانهم، وتمنحهم الألوان ليعبّروا عن ذواتهم في عالم يضجّ بالتحديات. في كل نص، نجد رسالة سامية:
في “المبدع الصغير”، نلمس فرح الاكتشاف والتعبير الفني.
في “كتابي”، نُحيي قدسية المعرفة والقراءة.
في “معلمي”، نزرع بذور الاحترام والعرفان.
في “طفل الشارع”، نصغي لصوت منسيّ يحتاج إلى احتواء.
وفي “هكذا نسمو”، نرتقي بالأخلاق والحكمة والحوار.
هي أغانٍ للروح قبل الأذن، كتبت بلغة بسيطة وعذبة، محببة للطفل والمربي معًا، يمكن إنشادها، تمثيلها، أو قراءتها في حصص التعبير والتربية والقيم.
لحن الطفولة ليس كتابًا. بل هو نغمة تنبع من قلب الزمن ذاته، تنبض بين أيدينا بلحنٍ قديم، ولكن يتجدد في كل قراءة كما لو كان الميلاد الأول. في هذا الكتاب، لا تتردد الرياح في أن تحملنا بعيدًا، إلى أيامٍ كانت فيها الأرواح خفيفة كما الزهور التي تفتح على أطراف الزمان، حيث كانت الطفولة تلك الفسحة المقدسة التي لا يُعكر صفوها شيء.
كل كلمة في “لحن الطفولة” هي نبضة في قلب إنسانٍ ما، هي صيحة صامتة لذكريات مفقودة، أوقات قد لا نعود إليها، ولكنها دائمًا ما تعيش فينا. أناشيد الشاعرة أمينة كوكاس تعيد رسم المشاعر التي عشناها، تلك اللحظات التي كانت على طرف شفاهنا وأطراف أصابعنا، ولكنها كانت تسبقنا إلى ما وراء الكلمات، إلى حيث التفسير الصادق للأشياء.
هذا الكتاب هو أكثر من مجرد سردٍ لقصص الطفولة، هو رحلة عبر المعنى ذاته. تراه يعبر في صمت، كما يعبر النهر بين الجبال، يأخذك إلى قاع الذاكرة، حيث يُفتح أمامك باب لا ترى سوى النور عبره، النور الذي هو أقرب إلى الحلم منه إلى الواقع. كل صفحة هي دعوة لإعادة اكتشاف النفس، لإعادة قراءة الماضي كما لو كان سرًا ضاع منا وتعثرت خطواتنا في محاولاتنا لإعادته إلى مسار الحياة.. “لحن الطفولة” لأمينة كوكاس كتابٌ يليق بأن يكون رفيق المدرسة، ورفيق الأسرة، ورفيق الطفل الحالم بمستقبلٍ أجمل